ان لفظة أهل البيت لغة تشمل نساء النبي (ص) ولكنه اصطلاحاً و بخصوص ما نزل في الآية المباركة التي اشارت الي اذهاب الرجس عنهم[1] فانها لاتشمل نساء النبي (ص) و قد عقد علماؤنا في هذا المجال بحوثاً وافية و ساقوا أدلة كثيرة علي ذلك.
منها:
ان لسان الآيات الواردة حول نساء النبي لسان الانذار و التهديد، و لسان الآية المربوطة بأهل بيته، لسان المدح و الثناء فجعل الايتين آية واحدة و ارجاع الجميع اليهن مما لايقبله الذوق السليم فاني قوله سبحانه ( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْن )[2]، من قوله: ( ُ إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً ) ؟!![3]
الف :ـ ان قوله سبحانه: ( انما يريد الله ... المزید.." في المصاحف جزء من الآية الثالثة والثلاثين فلو رفعناه منها لم يتطرق اي خلل في نظم الآية و مضمونها و تتحصل من ضم الآية الرابعة و الثلاثين الي ما بقيت، آية تامة واضحة المضمون، منسجمة الفاصلة، مع فواصل الايات المتقدمة عليها، و اليك تفصيل الآية في ضمن مقاطع.
الف: و قرن في بيوتكن ولاتبرجن تبرج الجاهلية الاولي واقمن الصلاة و آتين الزكاة و اطعن الله و رسوله.
ب: ـ ( إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرا) .[4]
ج: ـ ( وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلي في بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطيفاً خَبيراً) .[5]
فلورفعنا قوله: ( إِنَّما يُريدُ اللَّهُ.. ) و ضممنا ما تقدم عليه بما تأخر جاءت الآية تامة من دون حدوث خلل في المعني و النظم و هذا دليل علي ان قوله تعالي ( إِنَّما يُريدُ اللَّهُ.... ) آية مستقلة وردت في ضمن الآية لمصلحة.
اضافة الي الروايات الحاصرة لأهل البيت بفاطمة و علي و الحسنين (ع) يقول الشيخ جعفر السبحاني في تفسيره مفاهيم القرآن الكريم:
قد تعرفت علي اكثر ما رواه الطبري والسيوطي في تفسيرهما و تركنا بعض ما نقلاه في ذلك المجال عن اعلام التابعين و ما رويناه ينتهي اسناده الي اقطاب الحديث من الصحابة و عيون الاثر وهم:
1ـ ابوسعيد الخدري 2ـ انس بن مالك 3ـ ابن عباس 4ـ ابوهريرة الدوسي 5ـ سعد بن ابن وقاص 6ـ واثله بن الاسقع 7ـ ابوالحمراء، اعني هلال بن الحارث 8ـ امهات المؤمنين: عائشة وام سلمة.
أ بعد هذا يصح لمناقش ان يشك في صحة نزولها في حق العترة الطاهرة؟ و ليس الطبري و السيوطي فريدين في نقل تلك المأثورة، بل سبقهما، اصحاب الصحاح و المسانيد فنقلوا نزول الآية في حقهم صريحاً او كناية ولابأس بنقل ما جاء في خصوص الصحاح حتي يعضد بعضه بعضا فنقول:
ـ اخرج الترمذي: عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية ( ِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُم) [6]، دعا رسول الله (ص) علياً و فاطمة و حسناً و حسيناً فقال: " اللهم هؤلاء أهلي ".
اخرج الترمذي: عن أم سلمة رضي الله عنها: قالت :ان هذه الآية نزلت في بيتي (إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرا )[7] قالت: و انا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول الله!: الست من أهل البيت؟ فقال: " انك الي خير، انت من ازواج رسول الله (ص)" . قالت: و في البيت رسول الله (ص) وعلي و فاطمة و حسن و حسين.فجللهم بكسائه و قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا". و في رواية النبي (ص) جلل علي الحسن و الحسين و علي و فاطمة ثم قال :" اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا" .
قالت ام سلمة: و انا معهم يا رسول الله؟ قال: " انك الي خير "
اخرج الترمذي: عن عمر بن ابي سلمة قال: نزلت هذه الآية علي النبي (ص) (إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرا )[8] في بيت ام سلمة، فدعا النبي (ص) فاطمة و حسناً و حسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره ثم قال:" اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا" . قالت ام سلمة: و انا معهم يا نبي الله؟ قال: " انت علي مكانك و انت علي خير" .
اخرج الترمذي: عن انس بن مالك: ان رسول الله (ص) كان يمر بباب فاطمة اذا خرج الي الصلاة حين نزلت هذه الآية قريباً من ستة اشهر يقول: " الصلاة أهل البيت “ إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرا”.
اخرج مسلم: عن عائشة قالت: خرج النبي (ص) و عليه مرط مرجل اسود فجاءه الحسن فادخله، ثم جاءه الحسين فادخله، ثم جاءت فاطمة فادخلها ثم جاء علي فادخله ثم قال: “ إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرا ”[9]