منذ سنتين

‏أخذ الشيعة اصول الدين من المعتزلة

‏هل أخذنا اصول الدين من المعتزلة ام هم منا؟ علي ما قرأت في كتب الغربيين؛ أن المعتزلة هم أول المسلمين من افصح بالعدل و التوحيد ثم اقتبس ذلك الزيدية لشدة اتصالهم بالمعتزلة و فيما بعد الامامية منهم يعني من معتزلة بغداد الذين يفضلون اميرالمؤمنين صلوات الله عليه علي الاخرين؟


ان هذا الكلام تحفل به كتب المستشرقين من امثال (آدم متز) في كتابه [الحضارة الاسلامية في القرن الرابع] تعريب محمد عبدالهادي ابوريدة و نحن اذا نظرنا الي الواقع التاريخي نجد العكس هو الصحيح حيث أخذت المعتزلة القول بالتنزيه، الذي سموه بعد ذلك بالتوحيد ـ أخذوه عن علي (ع) من طريق محمد بن الحنفية و ابنه أبي هاشم، فضلا عن أهل بيته المعصومين عليهم السلام، وشيعتهم الاخيار، و قد صرح بهذا أئمة المعتزلة أنفسهم و كانوا و مازالوا يتباهون به قال الكعبي: “والمعتزلة يقال أن لها و لمذهبها أسناداً يتصل بالنبي (ص) ليس لأحد من فرق الأمة مثله، وليس يمكن خصومهم دفعهم عنه و هو أن خصومهم يقرون بأن مذهبهم يسند إلي واصل بن عطاء و ان واصلا يسند إلي محمد بن علي بن أبي طالب و ابنه أبي هاشم عبدالله بن محمد بن علي و ان محمداً أخذ عن أبيه علي و ان علياً أخذ عن رسول الله (ص)[1] و قال أيضاً “و كان واصل بن عطاء من اهل المدينة رباه محمد بن علي بن أبي طالب و علمه” [2] و كان مع ابنه أبي هاشم في الكتاب ثم صحبه بعد موت أبيه صحبة طويلة و حكي عن بعض السلف انه قيل له كيف كان علم محمد بن علي؟ فقال: إذا أردت أن تعلم ذلك فانظر إلي أثره في واصل [3] و هكذا ذكروا في عمرو بن عبيد انه أخذ عن أبي هاشم أيضاً ... و قال القاضي عبدالجبار: “فأما أبوهاشم عبدالله بن محمد بن علي، فلو لم يظهر علمه و فضله إلا بما ظهر عن واصل بن عطاء لكفي، و كان يأخذ العلم عن أبيه... فكان و اصل بمنزلة كتاب مصنعه أبوهاشم، و ذكر قوله فيه، و كذلك أخوه، فإن غيلان يقال أنه أخذ العلم عن الحسن بن محمد بن الحنفية أخي أبي هاشم و لذلك ظهر منه طرف من الأرجاء”[4] وأما الجاحظ ـ الذي هو إلي النصب أقرب منه إلي التشيع ـ فيقول: “و من مثل محمد بن الحنفية، وابنه أبي هاشم الذي قرأ علوم التوحيد و العدل حتي قالت المعتزلة: غلبنا الناس كلهم بأبي هاشم الاول”[5]  و قال ابن أبي الحديد في مقام بيان ان علم الكلام مأخوذ من علي (ع) “... و من كلامه عليه السلام اقتبس، و عنه نقل، و منه ابتدأ، و إليه انتهي فإن المعتزلة الذين هم أهل العدل و التوحيد، و أرباب النظر، و منهم تعلم الناس هذا الفن تلامذته و أصحابه (فيذكر أن واصلاً أخذ عن أبي هاشم و هو تلميذه عليه السلام)[6] و كذلك فقد ذكر الشهرستاني أيضاً أن و اصلاً أخذ عن أبي هاشم و ذكر ذلك أيضاً ابن المرتضي في المنية و الأمل، وطاشكبري زادة في مفتاح السعادة و المقريزي في الخطط، وعد هذا الأخير في ضمن الألقاب المستكرهة للمعتزلة لقب (الكيسانية) و وجهه أنهم يريدون نبز المعتزلة بهذا اللقب لأنهم تلامذ أئمة الكيسانية و هم ابن الحنيفة، و أبناه أبوهاشم و الحسن، و الأخير استاذ غيلان الدمشقي، و هو من الأئمة الأولين للإعتزال علي ما ذكره الخياط [7] و يمكن أن يقال ان براعة المعتزلة و ظهورهم علي من سواهم، في الخطب و البيان، و الكلام، و اهتمامهم الشديد بذلك، علي ما يصوره لنا الجاحظ في أول كتابه “البيان و التبيين” إنما كان من جهة ان خطبه عليه السلام كانت منشأ علومهم فأثرت فيهم ذلك. الاعتزال و التشيع: و علي ما ذكر المعتزلة انفسهم فإن الاعتزال شعبة منشقة من التشيع، و قد تعلم المعتزلة عن أئمة الشيعة  الأصلين العظيمين (التوحيد و العدل) نعم يذكر عن واصل و عمرو بن عبيد ما يبعدهم عن الشيعة ، و عما يدور عليه كلام الشيعة ، و هو عدم القول بإمامة علي (ع)، ولكن ذلك لاينفي أنهم تعلموا العدل و التوحيد منه عليه السلام. و يذكر احمد أمين اتفاق المعتزلة في كثير من مسائل اصول الدين مع الشيعة  إلا في الأمامة فيقول: ولكن أيهما أخذ من الآخر؟ أما بعض الشيعة  فيزعم أن المعتزلة أخذوا عنهم، و ان و اصل بن عطاء ـ رأس المعتزلة ـ تتلمذ لجعفر الصادق، و أنا ارجح ان الشيعة  هم الذين أخذوا من المعتزلة تعاليمهم، و تتبع نشوء مذهب الإعتزال يدل علي ذلك، و زيد بن علي تتلمذ لواصل، و جعفر يتصل بعمه زيد، و يمسك له ركابه ...” [8] انتهي ملخصاً. أما نحن... فنقول: يظهر أن احمد امين قد لفق ذلك التوجيه والرد ليقطع انتساب الاعتزال و المعتزلة إلي اميرالمؤمنين، ولم تر أحداً من الشيعة  قال بتتلمذ واصل علي الامام الصادق حتي يرد عليه بأن الصادق (ع) كان يمسك الركاب لتلميذ واصل و هو زيد فتلمذة واصل علي الصادق بعيد. بل وجه اتصال المعتزلة بأميرالمؤمنين هو ما ذكروه هم انفسهم و حسبما قدمناه. و أما ما قاله أحمد امين فهو اجتهاد منه في مقابل النص، و مجرد إمساك الامام الصادق (ع) بالركاب لعمه زيد رحمه الله لا يدل علي أن الصادق (ع) قد تتلمذ علي عمه زيد، و انما فعل أحمد أمين ذلك بدافع من هواه المعروف عنه و الظاهر في كتبه و هو أن يسلب عن علي عليه السلام ما ينسب اليه من الفضائل مهما أمكن. ولكن بصورة التحقيق العلمي عل ذلك ينطلي علي الناس ... و ذلك أنه بعد ما ظهر من الغربيين و المستشرقين تقريظات و مقالات فيها تعظيم للمعتزلة. و وصفوهم بأنهم اصحاب الفكر الحر، و أنهم العقليون. و اشباه هذه التعبيرات. لم تسمح نفس أحمد أمين بأن يكون جماعة كهؤلاء ينتسبون في أصول مذهبهم و افكارهم إلي علي عليه السلام، فلفق ذلك التوجيه و الرد للتضليل و الاغفال... كما أنه قد انكر بلا دليل، و انما بصورة التهويش انتساب علم النحو إليه عليه السلام مع أن ابن النديم قد قال في الفهرست: زعم اكثر العلماء ان النحو أخذه ابو الأسود عن أميرالمؤمنين[9] و ذكره عن أبي عبيدة ـ و هو الناصبي الخارجي ـ: أنه أخذ النحو عن علي ابن إبي طالب أبو الأسود.[10] [11] و هذا لا يعني تطابق آراء المعتزلة و الشيعة  في كل المسائل فان هناك الكثير من المسائل اختلفت فيها المعتزلة مع الشيعة  فمن عقائد المعتزلة التي تختلف فيها مع الشيعة  هي: نيابة الذات عن الصفات.  احباط الاعمال الصالحة بالطالحة.  خلود مرتكب الكبيرة في النار.  لزوم العمل بالوعيد.  الشفاعة ترفيع الدرجة.  مرتكب الكبيرة لا مؤمن و لا كافر.  النسخ جائز و البداء ممتنع.  الواسطة بين الوجود و العدم.  التفويض في الافعال. مسألة عصمة الانبياء قبل البعثة و بعدها.  وجوب الأمر بالمعروف عقلاً.  دين آباء رسول الله (ص).  تفضيل الانبياء علي الملائكه.  الرجعة و امتناعها.  الجنة و النار غير مخلوقتين.  تأويل النصوص اعتماداً علي القواعد العقلية.  الإمامة بالشوري.  لايشترط في الامام كونه معصوماً.  حكم محارب الامام امير المؤمنين (ع)[12]