الذي يظهر من بعض الآيات المتعلقة بهذا الموضوع ان هناك طائفة من الجن باسم ابليس و جنوده و ذريته تستطيع التأثير علي بعض الناس بحيث تحرفهم من طريق الحق و من جملة هذه الآيات مايلي: الاعراف: 17، الحجر: 39، النساء: 120، النحل: الآية 63 و مابعدها. و الأوضح من كل هذه الآيات، الآية الخامسة من سورة الناس( الْوَسْواسِ الْخَنَّاس‏* الَّذي يُوَسْوِسُ في‏ صُدُورِ النَّاس‏* مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاس‏‏) . كذلك توجد طائفة من الروايات توضح لنا هذا الأمر، و تبيّن ان الشيطان ينفذ الي قلب و روح الانسان و ... المزید[1] حيث اشار في هذا البحث الي كيفية تأثير ابليس علي حياة و تصرفات الانسان، الجدير بالذكر ان الشيطان لا يستطيع ان يؤثر علي الانسان بحيث يسلب منه الاختيار، او يستطيع التحكم به، كما جاء في متن السؤال، حيث يظهر من الآية رقم 22 من سورة ابراهيم: ان دور ابليس دور الدعوة فقط (وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لي‏ فَلا تَلُومُوني‏ وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمينَ لَهُمْ عَذابٌ أَليم‏‏) و لذلك فلا سيطرة و لا تحكم في البين. و اما بخصوص (غير ابليس) بقية طائفة الجن (المؤمنون و الكافرون) فاصل تأثيرهم و تصرفاتهم من الامور المسلمة. و الدليل علي ذلك الآيات 17 ـ 39 من سورة النمل في بيان قصة سليمان عليه السلام، و كذلك الشواهد التاريخية المتواترة و اليقينية من قبيل: التنبأ و الاخبار عن المستقبل، و الاخبار عن النصر و الهزيمة في الحروب، الاخبار عن كون بعض الايام و اللحظات مباركة، و استراق السمع من السماء و نقله الي بعض الناس، و... حيث يحدث كل ذلك بواسطة الاستعانة بالجن و علي هذا الاساس لا شك في تأثير الجن علي الانسان و جسمه و ارادته، و لكن الشي‏ء الذي لم يتضح لنا هو مقدار هذا التأثير، و هل جميع افراد الجن [المؤمنون و الكافرون‏] يستطيعون ذلك او ان ذلك يختص ببعض الافراد؟ لا يوجد عندنا دليل يحدد لنا ذلك. نعم حسب مقتضي العدل الالهي، و قيام الكون علي اساس الحكمة الإلهية نستطيع ان نكتشف الحقيقة التالية: انه لو كان من المقرر ان كل جن صالحاً كان ام ظالماً يستطيع التأثير علي الانسان سواء كان هذا التأثير بصورة سلبية او ايجابية ففي مثل هذه الحالة لا شك سوف يختل نظام الحياة، و تخرج حركة و مسيرة الحياة عن جادة الاختيار و ستكون امور الانسان و تصرفاته تابعة لارادة و رغبة الجن و هذا ما يتنافي مع العدل الالهي. اذاً اصل التأثير امر مسلم و لكن حدود ذلك غير واضحة لنا. و المسألة الأخيرة الجديرة بالذكر ان تأثير الجن علي حياة الانسان لم تنتف، و خاصة الجن المؤمن فان لهم تأثير ايجابي و هذا ما اثبتته الشواهد التاريخية.