منذ سنتين

الدليل العلمي علي وجود الجن

هناك أدله قرآنية وأحاديث نبوية شريفة قطعية علي وجود الجن، ماهوالدليل العلمي لدي المسلمين علي وجود الجن؟


من المعلوم ان العلم قد يحصل من خلال التجربة و هذا في الامور التي تخضع للتجربة، و قد يحصل من خلال النقل او الادراكات العقلية كما اذا كانت الامور المبحوث عنها من الاشياء التي لا تخضع للتجربة. و من المعلوم ان دليلنا علي وجود [الجن‏] هو القرآن الكريم الثابت بالدليل العقلي القطعي انه كتاب الله تعالي و انه لا يأتيه الباطل، و الروايات الصحيحة الواردة عن المعصومين عليهم السلام. و قد عقد الاستاذ احمد امين في كتابه القيم [1] بحثاً وافياً حول الجن نقتطف منه بعض ما يناسب الاسئلة التي طرحتموها قال الاستاذ احمد امين: و ان القرآن ليصرّح بوجود الجن و أن منهم المؤمن و منهم الكافر الجاحد، إنه تعالي يقول : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَر [2] مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً [3] * يَهْدي إِلَي الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَدا) [4] ، فالجن يستمعون القرآن و يؤمنون به كما نؤمن و ليس الجن بجراثيم صغيرة تخفي علي  العين، كما قال بعضهم. ثم يقول الله تعالي عن لسان الجن: « وَ أَنَّهُ تَعالي‏ جَدُّ رَبِّنا [5] مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَدا) [6] ، أي ان الجن يعترفون بوحدانية الله تعالي و أنه ما اتخذ لنفسه زوجة و لا ولداً. ثم يقول الله تعالي « وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُون‏ [7] بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقا [8] ، [9] الخ. و معني ذلك: أن رجالا من الانس كانوا يلجأون الي رجال من الجن طلباً لاستخدامهم في حاجاتهم فزادوهم ضلالاً و غيا. فيعبّر الله تعالي عن الجن برجال، كما عبر عن الانس ايضاً. فعلم أن الجن عالم قائم بنفسه كالإنس. إلا أن النظرية المادية: «كل ما لا يري بالعين فهو غير موجود» قد أثرت ف يه بعض النفوس الت ي ضعف ايمانها لتساهلها ف ي تطبيق تعاليم الاسلام تطبيقاً شاملاً، فصارت تنكر الجن تأسياً بالماديين أو فراراً من وصمة الرجعية و الخرافة أو تشهياً للقلب: (العصري) أو (المثقف) ... لئلا يعد متأخراً عن ركب المدنية الحاضرة بما فيها من علل و ويلات !.. أو صار يظن أن الجن ميكروبات أو بهائم أو حشرات دونما تحقيق و دون ارجاع الموضوع الي صريح الآيات القرآنية و الأحاديث المستفيضة المشهورة . ثم قال تعالي عن لسان الجن: ( وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً ) [10] [11] فيقول الله: إن من الجن رجالاً صالحين أبراراً و ان منهم مقتصدين أي أقل من اولئك رتبة و هم طرائق متفرقون. كما يقول جل من قائل في آية أخري عن الجن: ( وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُون ‏ [12] فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدا [13] * وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) [14] . فمن الجن من هو كالإنس مسلم، و منهم من هو ظالم لنفسه مبين، و مأواه جهنم و بئس المصير فلا فرق بين الجن والانس من هذه الناحية فيحرق الظالم و الكافر من الجن بالنار ان لم يتوبا، كما أن الانس كذلك يحرق الظالم والكافر منهم بالنار دون توبة و تطهير النفس من أوساخ الذنوب و المظالم و الرذائل.انه تعالي يقول: ( وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعين‏) [15] .ثم ان الله تعالي يخبرنا في مكان آخر من كتابه الحكيم بقوله: ( وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلي‏ قَوْمِهِمْ مُنْذِرين قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسي‏ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدي إِلَي الْحَقِّ وَ إِلي‏ طَريقٍ مُسْتَقيم ‏)[16]. ثم يقول سبحانه : ( يا قَوْمَنا أَجيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ اَليم‏* وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ في‏ ضَلالٍ مُبين‏) [17] . و هؤلاء، علي ما جاء في التفسير، هم جن (نصيبين) باليمن أو جن (نينوي) و كان رسول الله (ص) ببطن نخلة، يصلي بأصحابه الفجر، فصاروا ينصتون الي القرآن حتي اذا فرغ من قراءته، رجعوا الي قومهم ينذرونهم و يخوفونهم العذاب ان لم يؤمنوا و قد كان هؤلاء الجن يهوداً فاسلموا. فظهر مما سبق ان الجن علي نوعين: مسلم و مؤمن ب نبوة محمد (ص) و كافر بها، و ان الإنس قد يعوذون بالجن لأغراض سيئة فيؤدي بهم الي خسران و سوء العاقبة. ثم ان الله تعالي يقول في سورة الرحمن: ( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا [18] مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ) [19] .و يبين لنا سبحانه و تعالي مم خلق الجن بقوله: ( وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) الرحمن : 15، و هو لهبها الخالص من الدخان. ثم ان الله تعالي يتحدي الجن كما يتحدي الانس بقوله: ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلي‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهيراً ) [20] و ان الجن مدعوون الي عبادة الله تعالي كالأنس علي حد قوله تعالي: (وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون‏* ما أُريدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُريدُ أَنْ يُطْعِمُون‏* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتين‏) [21] ان الله تعالي يقول: « و الجان خلقناه من قبل من نار السموم» الحجر : 27، و لا نعلم شيئاً عن حقيقة هذه النار. فانها طاقات. و قد علم أن الذرة في الأصل طاقات كهربائية تكدست بإذن الله بترتيب بديع تحت نظام رائع حتي كانت هذه الذرة. ثم تشكلت بأشكال شتي، حسب اختلاف عدد الألكترونات (شحنه كهربائيه سالبة) و الپروتونات (شحنة كهربائية موجبة) حتي كانت هذه العناصر المختلفة: الإيدروجين، الكالسيوم، الحديد، الرصاص الخ) فالعالم كله قوي كهربائية و مغناطيسية و جاذبية و طاقات أخري نجهلها كجهلنا كثيراً من الاشياء، أشياء لا تتناهي. و هكذا الجن مخلوق من نار السموم أو من (مارج من نار) و المارج : لهب النار الخالص من الدخان. فهذه طاقات خلق الله منها الجن لا نعلم حقيقتها كما لا نعلم في الوقت الحاضر حقيقة أية طاقة، من الطاقات. بل العلم الحديث انما يعمل في كشف الآثار و الاستفادة منها في الحياة الاجتماعية. فالجان ليس من هذه الاجسام المتعارفة التي نبصرها بأعيننا و انما هو من طاقه أخري لا نتمكن من مشاهدتها لعدم وجود قابلية فينا لرؤيتها. يقول تعالي: ( إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَ قَبيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُم‏) الاعراف : 27، فالانسان لم يعط ملكة يقوي بها علي رؤية الجن و لكن الأنبياء و الأولياء(ع) قد يتمكنون من رؤية الجن بفضله تعالي، لما أعطاهم من ملكة خاصة نجهلها. و هكذا ليس في استطاعة الانسان أن يري الملك بقابلياته الحاضرة و ملكاته الطبيعية التي وهبها الله اياه، لذلك يقول تعالي: ( وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُون‏* وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ » [22] توضيح ذلك: يقول الله تعالي في الآية المتقدمة: إنا لو جعلنا الرسول ملكاً لاضطررنا لقلبه رجلا ليتمكنوا من رؤيته. و كان الجن يعملون بين يدي سليمان(ع): فقد قال تعالي: ( وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ يَزِغ‏ [23] مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعير) [24] ( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحاريبَ [25] َ وَ تَماثيل‏ [26] وَ جِفان‏ [27] كَالْجَواب‏ [28] و قدور راسيات [29] ، اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ * فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلي‏ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَه‏ [30] ُ فَلَمَّا خَر [31] َّ تَبَيَّنَت‏ [32] الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهين‏) السبأ:13 ـ 14. [33] و قد سمعت أحدهم يقول: «إن الجن هي الحيوانات أو الحشرات» و كان يقول: «إن نفيي للجن لا يحتاج الي دليل و لك علي المثبت أن يأتي بدليل». فقلت له: علي من يؤمن بالقرآن أن يعترف بالجن كمخلوق مكلف بتكاليف عبادية كالإنس، حسب الآيات المتقدمة. ثم كيف توفق بين ما تعتقده و قوله تعالي « يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل و جفان كالجواب و قدور راسيات» و قوله تعالي: ( قالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِك‏) النمل : 39، فهل للبهيمة أو الحشرة أو الميكروب أن تقوم بهذا العمل الجبار؟!. قلنا إن الجن قد يشاهدون من قبل الأنبياء(ع) و الأوصياء(ع). و هم يتطورون و يتشكلون في صور الإنس علي ما أعطاهم الله من ملكات و امكانيات. كل ذلك في دائرة محدودة و بأمر من الله. و قد يتجسم الجن علي شكل أو صورة بني آدم. و في امكان الجن أن يدخلوا الغرف و الأبواب مغلقة، و ذلك من شقوق الأبواب و المنافذ، كأمواج الراديو. و قد سمعت محاضرة لأحد علماء مصر، كان ينكر وجود الجن، ثم سافر الي المغرب و اتصل ببعض من كان يحضر الجن و شاهد ما يصدر علي أيدي الجن من أعمال شتي تحير العقول. و قد رفع قبلاً كل ما من شأنه الخداع و التلبيس. فآمن بالجن بعد أن كان منكراً أشد الانكار. و قد جاء في تفسير الآية الآتية: ان الشيطان أتي قريشاً في صورة (سراقة ابن مالك بن جشعم الكناني) لما أرادوا الخروج الي بدر. قال الله تعالي: ( وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلي‏ عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَري‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَري‏ ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَديدُ الْعِقابِ ) الانفال : 48، كما انه رو ي ان الشيطان تشكل ف ي صورة شيخ نجدي لما اجتمعوا بدار الندوة للتشاور في أمر الرسول(ص): هل يقتلونه أو يحب س ونه أو يخرجونه‏ . كما قال الله تعالي « وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرين‏) [34] نعم قد اتخذت الخرافة طرقها الي عالم الجن حيث صوّر هذا العالم من قبل بعض العوام و الجهلة بصورة عجيبة غريبة لا تنسجم مع العقل و النقل و المطلوب منا الاجتناب عن هذه الافكار و الخرافات و الالتزام باتباع الحقائق النقلية الثابته من القرآن الكريم و السنة النبوية الثابته قطعا و كذلك ما اثبته العلم الحديث في بيان اسباب بعض الامراض كالجنون و غيرها و الابتعاد عن تفسيرها التفسير الخرافي و هذا لا يعني طبعاً انكار الجن و وجوده.