منذ سنتين

هل ان الله سبحانه قادر علي ان يخلق شبيها له؟

كيفية الرد علي شيوعي يقول :انكم تؤمنون بأن الله قادر علي كل شيء، فهل له القدرة علي خلق شبيه له، ما الدليل؟


لقد قسّم العلماء الاشياء الي ثلاثة أقسام هي: 1ـ واجب الوجود، و هو اللّه تعالي. 2ـ ممكن الوجود، و هو الشي‏ء الذي يمكن ان يوجد و يمكن ان لا يوجد تبعا لوجود علته و عدمها. 3ـ ممتنع الوجود، او مستحيل الوجود، يعني انه بذاته مستحيل ان يوجد، مثل اجتماع النقيضين او ارتفاعهما، او اجتماع الضدين. و نحن عندما نقول ان اللّه تعالي قادر علي كل شي‏ء نقصد انه سبحانه قادر علي ايجاد الامور الممكنة، واما الامور المستحيلة فلا احد يقول ان اللّه قادر عليها، و هذا لا يعني تحديدا لقدرة اللّه تعالي، و سنذكر هنا مجموعة من الاسئلة مع الاجابة عنها: إن القائلين بعموم قدرته سبحانه قوبلوا بعدة أسئلة نطرحها ثم نحللها، و هذه هي الأسئلة: 1ـ هل يقدر سبحانه علي خلق مثله؟ فلو أجيب بالإيجاب لزم افتراض الشريك له سبحانه، و لو أجيب بالنفي ثبت ضيق قدرته و عدم عمومها؟ 2-هل الله تعالي قادر علي أن يجعل العالم الفسيح في البيضة من دون أن يصغر حجم العالم أو تكبر البيضة؟ فإن أجيب بالإيجاب لزم خلاف الضرورة و هو كون المظروف أكبر من الظرف، و إن أجيب بالنفي لزم عدم عموم قدرته. 3ـ هل يمكنه سبحانه أن يوجد شيئا لا يقدر علي إفنائه؟ فإن أجيب بالإيجاب لزم عدم سعة قدرته حيث لا يقدر علي إفنائه، و إن أجيب بالسلب لزم أيضا عدم عموم قدرته. ففي هذا السؤال يلزم من الجواب، إيجابا و سلبا، ضيق قدرته . هذه هي الاسئلة، و أمّا الإجابة عنها فبوجهين:تارة بالإجمال، و أخري بالتفصيل، أما الإجمال فلأن المدّعي هو تعلق قدرته بالممكن بالذات و ما ورد في هذه الأسئلة ليست أمورا ممكنه بالذات بل كلها إما محال بالذات أو شي‏ء يستلزم ذلك المحال، و لا يُعدّ عدم القدرة عليها نقصاً في الفاعل. فعدم قدرة الخياط علي خياطة القميص من الآجرّ، و عدم قدرة الرسام علي رسم صورة الطاووس علي الماء لا يعد نقصا في قدرتهما. و هذا مثلما إذا طلبنا من عالم رياضي ماهر أنّ يجعل نتيجة (2*2) خمسة. و علي هذا الأساس لا ينحصر السؤال فيما ذكر بل كان ما لا يكون ممكناً بالذات لا يقع في إطار القدرة لقصور فيه لا لقصور في القدرة. و أمّا الجواب التفصيلي عن الأسئلة الثلاثة، فإليك بيانه: أما الأول: فلأن المثل محال بالذات أن يقع في إطار القدرة و المطالبة بخلقه، مطالبة بأمر محال. و ببيان آخر، إنّ القيام بخلق المثل يستلزم اجتماع الضدين في شي‏ء واحد فبما إنّ المفترض وجوده مثله سبحانه، يجب أن يكون واجباً لا ممكناً، قديماً لاحادثاً، غير متناه. و بما أنّه تعلقت به القدرة و هي لا تتعلق إلاّ بشي‏ء غير موجود، يجب أن يكون حادثاً لا قديماً، ممكناً لا واجباً، متناهياً لا غير متناه، و هذا ما قلناه من أنه يسلتزم اجتماع الضدين في شي‏ء واحد. و بهذا تتبين الاجابة عن السؤال الثاني: فإن عدم تعلق القدرة بجعل الشي‏ء الكبير في الظرف الصغير، هو من جهة كونه غير ممكن في حد ذاته. إذ البداهة تحكم بأنّ الظرف يجب أن يكون أكبر من مظروفه،  فلو جعل الكبير في الظرف الصغير يلزم نقيضه أي كون الظرف أصغر من مظروفه فالقيام بهذا الإيجاد يسلتزم كون شي‏ء واحد أعني الظرف أو المظروف في آن واحد صغيراً و كبيراً. و أمّا السؤال الثالث: فلأن المفترض محال لاستلزامه المحال بالذات ففرض خلقه سبحانه شيئا لا يقدر الخالق علي إفنائه، لا ينفك عن المحال بيانه: إنّ الشي‏ء المذكور بما أنّه أمر ممكن فهو قابل للفناء، و بما أنه مقيد بعدم إمكان إفنائه فهو واجب غير ممكن. فتصبح القضية كون شي‏ء واحد ممكناً و واجباً قابلاً للفناء و غير قابل له. و بعبارة أخري: إنّ كونه مخلوقاً يلازم إمكان إفنائه، لأن المخلوق قائم بالخالق فلو قطعت صلته به لزم انعدامه، و كونه غير قابل للإفناء يستلزم أن لا يكون مخلوقا فالمفروض في السؤال يستلزم تحققه علي الفرض اجتماع النقيضين، و بهذا تقدر علي الإجابة عن نظائر هذه الأسئلة مثل أن يقال: هل اللّه قادر علي خلق جسم لا يقدر علي تحريكه؟ فإنّ هذا من باب الجمع بين المتناقضين فإنّ فرض كونه مخلوقاً يلازم كونه متناهياً، قابلا للتحريك، و في الوقت نفسه فرضنا أنّه سبحانه غير قادر علي تحريكه! إن هذه الفروض و أمثالها لا تضرّ بعموم القدرة، و إنّما يغترّ بها بُسطاء العقول من الناس، و أمّا أهل الفضل و الكمال فأجلّ من أن يخفي عليهم جوابها.[1] و في الختام نطلب منك ان توجه هذه الاسئلة الي الشيوعي المذكور و هي: 1ـ لو سألته هل يستطيع أن ينقل عشرين لترا من الماء؟ لا شك انه سيقول: نعم اقدر علي ذلك. ثم لو سألناه: هل يستطيع او يقدر ان يضع هذه الكمية من الماء في ظرف يتسع الي 40 ليترا من الماء؟ لاجابك أيضاً نعم اقدر علي ذلك. ثم لو سألناه و طلبنا منه ان يضع هذا المقدار (20 ليترا) في ظرف يتسع الي (15 ليترا) بحيث لم يبق من (العشرين لترا) و لا قطرة واحدة الاّ و تدخل في هذا الظرف الصغير، هنا لا شك انه يعتذر عن ذلك، و سيقول: ان هذا الامر غير ممكن، و اذا قلنا له ان هذا يعني انك عاجز عن ذلك، لا شك انك ستراه يدافع عن نفسه و عن قدرته، و يجعل العجز و الامتناع في القابل (اي الظرف الصغير) هذه هي الفكرة نفسها نحن نقول بها بحق قدرة اللّه تعالي فانه تعالي قادر علي الممكنات لا المستحيلات.