منذ سنتين

تفسير الكوثر بفاطمة الزهراء

كيف أقنع بأن الكوثر في سورة الكوثر، هي فاطمة الزهراء؟


هذه السورة المكية جاءت لترتفع بروحية النبي محمد(ص) الي آفاق الرحمة الالهية في رعاية اللّه له، و في تطييب نفسه، و في الدفاع عنه، فقد كان المشركون يعملون ـ بكل وسائلهم و اساليبهم ـ علي اضعاف نفسه، و تدمير معنوياته، و اسقاط موقفه، بالكلمات الجارحة النابية المؤذية، و قد جاء في الروايات بأن بعض سفهاء قريش، كالعاص بن وائل، و أبي جهل، و عقبة بن أبي معيط، و كعب بن الاشرف، قالوا عند موت القاسم ابن رسول اللّه ـ و هو اوّل ولد وُلِدَ له بمكة ـ انّ محمد قد انقطع نسله، فلا جرم، لقد اصبح ابتراٌ، فنزلت هذه السورة لتؤكد بأن اللّه قد اعطاه الخير الكثير الذي يمتد في كل حياته و في ما بعده...  يقول صاحب تفسير «من وحي القرآن» بعد ايراد هذه المقدمة: و اذا كانت السورة قد نزلت في أجواء الكلمات التي اثارها بعض سفهاء قريش في حديثهم عن النبي بأنّه ابتر لا ذرية له من الذكور، فقد يكون الحديث عن الخير الكثير اشارة الي الذرية الكثيرة التي للنبي محمد(ص) من ابنته فاطمة عليها السلام، ليكون ذلك بمثابة الرد علي هؤلاء فيما ارادوه من اضعاف معنوية النبي(ص) بهذه الكلمة التي كانت تمثل مدلولاً سلبياً في المجتمع القائم علي اعتبار الامتداد في الذرية لونا من الوان القيمة الذاتية للانسان هناك، و لصاحب تفسير الميزان كلام يؤكد حيث قال: و لولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله ( إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) خاليا عن الفائدة.[1].[2] و في هذا الخصوص يقول صاحب [الامثل في تفسير كتاب اللّه المنزل‏]: قلنا إنّ الكوثر له معني واسع يشمل كلّ خير وهبه اللّه لنبيه (ص)، و مصاديقه كثيرة، لكن كثيراً من علماء الشيعة ذهبوا الي ان (فاطمة الزّهراء عليها السلام) واحد من أوضح مصاديق الكوثر، لأن رواية سبب النزول تقول: إن المشركين وصموا الِنبي بالابتر، اي الشخص المعدوم العقب، و جاءت الآية لتقول : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَر). و من هنا نستنتج ان الخير الكثير او الكوثر هو فاطمة الزهراء(ع). لانّ نسل الرسول(ص) انتشر في العالم بواسطة هذه البنت الكريمة... و ذرية الرسول من فاطمة لم يكونوا امتداداً جسمياً للرسول(ص) فحسب، بل كانوا امتداداً رسالياً صانوا الاسلام و ضحوا من أجل المحافظة عليه، وكان منهم ائمة الدين الاثنا عشر، أو الخلفاء الاثنا عشر بعد النبي كما اخبر عنهم رسول اللّه(ص) في الاحاديث المتواترة بين السنة و الشيعة، و كان منهم أيضا الآلاف المؤلفة من كبار العلماء و الفقهاء و المحدثين و المفسرين و قادة الأمة. و الفخر الرازي في استعراضه لتفاسير معني الكوثر يقول: الكوثر اولاده، قالوا لانّ هذه السورة انما نزلت ردّا علي من عابه عليه السلام بعدم الاولاد، فالمعني أنه يعطيه نسلا يبقون علي مر الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم و لم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به ثم انظر كم كان فيهم من الاكابر من العلماء كالباقر و الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام و النفس الزكية و امثالهم.[3].[4]

1