انّ هناك فرقا واضحا بين امام الثورة و الجهاد، و بين الامام الذي فرضت طاعته من قبل امّا بتنصيص من اللّه و رسوله او باتفاق من اهل الحل و العقد أو ما اشبه ذلك. و زيد الثائر لم يك من القبيل الثاني و لا من القبيل الاوّل ـ و انما كان إمام الثورة و الجهاد، قام بأخذ الثائر و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و اقامة العدل، وازاحة الظلم و تدمير عرش الأمويين، فهو بهذا المعني كان اماما لا شك فيه، و قد اطبقت الزيدية و الامامية علي كونه اماما بهذا المعني، انّما الكلام في كونه الامام المنصوص عليه بلسان النبي الاكرم و اوصيائه، فلم يكن زيد اماما بهذا المعني، و لا اماما مختارا من قبل الامّة و لا ادّعاه هو و لا أحد من اتباعه و مقتفيه، و الذي يوضح ذلك ما نصّ عليه الشيخ المفيد كما روي ذلك تلميذه المرتضي قال: حضر المفيد مسجد الكوفة فاجتمع اليه اكثر من خمسمائة، فقال له رجل من الزيدية: بأيّ شي‏ء استجزت إنكار امامة زيد؟ فقال: ظننت عليّ باطلا و قولي في زيد لا يخالفني فيه أحد من الزيدية. فقال: و ما مذهبك فيه؟ قال: اني أثبت من امامة زيد ما تثبته، و انفي ما تنفيه، و اقول: كان اماما في العلم و الزهد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و انفي عنه الامامة الموجبة لصاحبها العصمة، و النصّ و المعجزة و هذا ما لا يخالفني عليه أحد من الزيدية، فلم يتمالك من حضر من الزيدية ان شكروه و دعوا له.[1] هذا من جهة، و من جهة ثانية نري ان زيداٌ نفسه يعترف بامامة الامام الصادق(ع) و في هذا المجال توجد روايات كثيرة لم نذكرها جميعا روما للاختصار و انما نذكر واحدة منها حيث روي عنه انه قال: « من اراد الجهاد فإليّ، و من اراد العلم فإلي إبن اخي جعفر »[2] ثم ان الشيعة الامامية تعتقد ان الامامة بالنصّ و هي محددة بعدد [12] لا يزيد و لا ينقص و لنا في هذا الخصوص روايات كثيرة حددت اسماء الائمة و عددهم و صفاتهم و مؤهلاتهم و عصمتهم و علمهم و ... المزید بحيث لا يمكن عدّ أئمة الزيدية [زيد و ما بعده‏] منهم عليهم السلام.