منذ سنتين

المسايل الخلافية بين الشيعة و اهل السنة

اطلعنا علي كتاب الارشاد للشيخ المفيد وايضا في وسائل الشيعة للحر العاملي ان الامام عليا (ع) زوج ابنته ام كلثوم للخليفة الثاني وكذالك سمي ثلاثة من ابنائه باسماء الخلافاء فعرفنا انه عليه السلام سمي "ابوبكر وعمر وكذا عثمان" ،فلو كان (ع) يشعر انه ملعون ـ كماتقول زيارة عاشوراء بذالك ـ لما زوجها الي ظالم او جبت او طاغوت كما نجد في بعض الكتب، ولو كان يعيش اي عقدة اتجاههم او كان يعرف انهم خطر علي الاسلام لما زوجها (ع) له (رض) او سمي احفاده-كذا في السؤال- باسماءهم(رض) كما وجد نا اليعقوبي في تاريخه ج2 ص82 طبعه عام 375 هج ما قاله الخليفة ابو بكر في ثنائه لعمر ولابي عبيدة الجراح فقال: وهذا عمر ابن الخطاب الذي قال رسول الله فيه: اللهم اعز الدين به. وهذا ابو عبيدة الجراح الذي قال فيه (ص): امين هذه الامة فبايعوا ايهما شئتم فابيا وقالا والله ماكنا لنتقدمك وانت صاحب رسول الله (ص) وثاني اثنين وقد قرأنا ان النبي (ص) كان يوصي بالصلاة ـ وهي عمود الدين ان قبلت قبل ماسواها و ان ردت رد ما سواهاـ خلفهم كما موجود في التاريخ الاسلامي و كان (ع) والحسنان (ع) اول المصلين خلفهم، كان كثيرا مايقول بحق علي (ع):" لولا علي لهلك عمر" وهي اروع آية في المحبة والموضوعية وكما قال علي (ع) في حقه:" فلقد قوم الاود وداوي العمد واقام السنة وخلف الفتنة وذهب نقي الثوب قليل العيب اصاب خيرها وسبق شرها ادي الي الله طاعته واتقاه بحقه" كما موجود في نهج البلاغة خطبة 228 وقال علي (ع) ايضا: ولما قضي من ذالك ماعليه قبضه الله عز وجل ثم ان المسلمين استخلفوا به اميرين صالحين عملا بلكتاب والسنة واحسنا السيرة ولم يعدوا لسنته ثم توفاهم الله عز و جل رضي الله عنهما. يقول علي (ع) ُ وَ الْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَ إِيَّاكُمْ وَ الْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ أَلَا مَنْ دَعَا إِلَي هَذَا الشِّعَارِ فَاقْتُلُوهُ وَ لَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هَذِه‏» اي لو كان هو (ع) فهل! كان (ع) مخطئا ام كان خائفا ونحن نعلم الخلاف في ذلك هذا علي (ع) في كل حياته الخير كله بعد رسول الله ص فلماذا كل هذا السب الفسوق والخروج عن الدين الرحب؟ ولماذا بطلان الصلاة وجواز غيبة الاخر ومخالفة الفقة الاخر اذا لم تكن فتوئ هناك؟ الم تكن امريكا علي طول الخط هناك والخونة من الحكام فعمر امريكا جدا قصير من حيث العمر ونتائجها كثيرة والله يمد الطرفين الصالح والخبيث والاسلام عمره طويل جدا وليس له ما للدول التي اصبح لها وجود قبل مئة او مئتين فلماذا كل هذا؟ ومن المسؤل وماهية مسؤلية الكبار والصغار فاين نحن من هذا العالم الا يكفي سنة ؟ الجواب:


ان الشيعة لا تنطلق في احكامها و متبنياتها العقائدية او مواقفها السياسية من عُقد شخصية و خلافات فردية، بل تنطلق في مواقفها بما ثبت عندها من الدليل سواء كان من القرآن او من السنّة النبوية الشريفة القطعية الصدور، و قد ثبت عندنا بالادلة القطعية ان الحاكمية بعد الرسول(ص) للامام علي عليه السلام، و لنا في ذلك ادلة كثيرة منها [حديث الثقلين‏] و [حديث السفينة] و [حديث الدار]و... و الاهم من ذلك « حديث الغدير » الذي نصّ فيه النبي (ص) علي ولاية علي عليه السلام أمام الجمع الغفير من الحجاج.[1] و هذه هي نقطة الانطلاق التي تنطلق منها الشيعة و هي ان الخلافة امرٌ إلهي لا يمكن ان يكون من خلال الانتخاب او الشوري، بل هي نص إلهي. و الذي ذكرته من الامور الاخلاقية علي فرض صحتها فلا يمكن ان تكون دليلاً علي احقيّة النظرية الاخري التي تقول ان الرسول(ص) ترك أمر الخلافة الي الامة هي التي تعيّن ذلك. و اما ما ذكرته من الامثلة فنقول: اما مسألة التزويج فلم يثبت ذلك تاريخياً، و ليس كل ما هو مسطر في الكتب التاريخية فهو صحيح لا ريب فيه. و اما مسألة التسمية [بابي بكر و عثمان و...] فاننا نقول لكم إنّ الأئمة عليهم السلام لا ينطلقون في تفكيرهم بذهنية ساذجة، بحيث يعتبرون خلافهم مع الاشخاص خلافاً مع الاسم، ثم كيف تثبت ان الامام انطلق في تسمية اولاده من هذه الذهنية الواردة في فرض السؤال، فان هذا امرٌ لا يمكن اثباته كما لا يمكن ان يكون دليلاً علي احقية من تسلّم الخلافة قبل الامام. و اما ما جاء في تاريخ اليعقوبي من كلام فقد جاء مرسلاً [اي بدون ان يذكر رجال السند الذين اخذ منهم الحديث‏] و انت تعلم ان من المتفق عليه بين علماء المسلمين ان الخبر المرسل لاحجية له. و اما مسألة الصلاة فهي الاخري غير ثابتة، و قد بحثت هذه القضية من قبل الكثير من المحققين، و نحن نذكر لك خلاصة بحث السيد علي الحسيني الميلاني‏[2] حيث قال: لقد استعرضنا اهمّ احاديث القضية و اصحّها، و نظرنا اوّلاً في اسانيدها، فلم نجد حديثا منها يمكن قبوله و الركون اليه في مثل هذه القضية، فرواة الأحاديث بين «ضعيف» و «مدلّس» و «ناصبي» و «عثماني» و «خارجي»... و كونها في الصحاح لا يجدي، و تلقي الكل اياها بالقبول لا ينفع. ثم نظرنا في متونها و مداليلها بغضّ النظر عن اسانيدها، فوجدناها متناقضة متضاربة يكذّب بعضها بعضاً. بحيث لا يمكن الجمع بينها بوجه، بعد أن كانت القضية واحدة، كما نصّ عليه الشافعي و من قال بقوله من اعلام الفقه و الحديث. ثم رأينا أنّ الأدلة و الشواهد الخارجية القويمة تؤكد علي استحالة ان يكون النبي(ص) هو الذي أمر ابابكر بالصلاة في مقامه. وخلاصة الامر الواقع: ان النبي لما مرض كان ابوبكر غائباً بأمر النبي(ص) حيث كان مع أُسامة بن زيد في جيشه، و كان النبي يصلي بالمسلمين بنفسه. فلما التفت بأنّ المصلي بهم ابوبكر خرج معتمداً علي أمير المؤمنين و رجل آخر لأن يصرفه عن المحراب و يصلي بالمسلمين بنفسه  لا أن يقتدي بأبي بكر ـ و يعلن بأن صلاته لم تكن بأمر منه، بل من غيره!!. تم كلام المحقق الميلاني. ثمّ اذا كانت هذهِ الواقعة صحيحة فلماذا لم يستدل و يحتج بها الخليفة الاول علي الانصار في السقيفة و اكتفي بانهم عشيرة الرسول (ص) و قرابته؟! و اما مسألة قول الخليفة (لولا علي لهلك عمر) فهذه في الواقع تدعم الرأي الشيعي بان الخليفة يجب ان يكون اعلم الاوصياء و لا يحتاج الي غيره. و اما مسألة الانسجام فنقول: ان أمير المؤمنين عليه السلام « قد عبّرعن علّة ذلك الانسجام بقوله "لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي وَ وَ اللَّهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ وَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّة "[3] ثم ان الثابت تاريخيا ان أمير المؤمنين عليه السلام امتنع عن البيعة ما دامت الزهراء (ع) علي قيد الحياة و قد امتدت هذه المقاطعة 6 اشهر علي رواية و من الملعوم تاريخياً كيفية اخذ البيعة من الامام.[4] و اما ما جاء في مدح الخليفة الاول او الثاني [لان الاسم لم يذكر] فقد ذهب الشيخ محمد جواد مغنية الي تفسيره بالنحو التالي: "قيل ان المراد بفلان ابي ‏بكر و قيل عمر و هو الاشهر، و أيّا كان فإن الناس كانوا سعداء علي عهد رسول اللّه(ص) و ما سدّ فراغه ابو بكرو لا عمر، و لكن عهدهما كان افضل من عهد عثمان الذي فتح علي أمة محمد(ص) باب القتل و القتال الي يوم القيامة"[5] ثم انّه ليس من الصحيح ان نتمسّك بمقطع من نهج البلاغة و نترك غيره الذي فيه تصريح باحقية علي في الخلافة و رأيه في تصدي الشيخين للخلافة فهذا علي عليه السلام يقول في خطبة الشقشقية [6] " لقد تقمصها مني [فلان‏] و هو يعلم ان محلي منها محل القطب من الرحي. ينحدر عني السيل و لا يرقي اليّ الطير ...] الي آخر الخطبة التي يبين فيها رأيه في الخلفاء قبله. و اما مسألة السب و الفسوق: فانت اذا لاحظت المنهج الشيعيّ تراه لا يعتمد علي هذا الاسلوب في الحوار و المناقشة و الدفاع عن الحق، فنحن مثلاً عندما نصف اخواننا غير الشيعة نقول [اهل السنة، ابناء العامة، اخواننا من ابناء المذاهب الاخري‏] و نحن ايضا نصحح عباداتهم و عملهم طبقاً لمذاهبهم اجتهاداً او تقليداً و لذلك لا نري انه من الواجب علي الذي يعتنق المذهب الشيعي منهم ان يعيد عباداته و معاملاته، و انت اذا لاحظت هذه الاوصاف و المواقف لا تجد فيها ايّ اساءة للطرف الآخر. و اما اذا لاحظت الصفات التي توصف بها الشيعة من قبل بعض اخوانهم في الطرف الآخر فهي {رافضة ـ ملعونون ـ عبدة الحجارة ـ ابناء اليهود و اتباعهم ـ اشارة الي عبد اللّه بن سبأ (الموهوم)، يحرم الصلاة خلفهم، يحرم اكل ذبائحهم}‏[7] و غير ذلك من عبارات السب و الشتم. و رغم ذلك فالشيعة تدعو الي الوحدة و الانسجام و تجنّب الخلافات و الدفاع عن الاسلام في اي مكان، و علي سبيل المثال لما تعرضت الدولة العثمانية لهجوم القوات الكافرة نجد اوّل من دافع عنها و حمل السلاح بوجه الانجليز هم علماء الشيعة و رجالاتهم، رغم ان الدولة العثمانية كانت تعامل الشيعة علي اساس طائفي مقيت. و في الختام نشكر لكم روح المسؤولية التي تتحلّون بها و نحن علي اتمّ الاستعداد لمدّ يد الاخوة و المحبّة لجميع المسلمين في العالم و قد اثبتنا ذلك علي ارض الواقع ففي الوقت الذي دافعت فيه الشيعة سابقاً عن الدولة العثمانية و هي سنية التفكير، كذلك دافعت عن المسلمين في البوسنة و الهرسك و ما زالت المدافع القوي عن قضية المسلمين الكبري في فلسطين، و في كل مكان يتعرض فيه المسلمون للخطر. (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَميعاً وَ لا تَفَرَّقُوا) [8] .

1