logo-img
السیاسات و الشروط
منذ 3 سنوات

ايمان ابي طالب عليه السلام

بالنسبة لعم النبي صلي الله عليه وسلم أبي طالب هل كان مسلماً؟ وما الدليل علي ذلك؟


ان الحكم علي ابي طالب(ع) بعدم الايمان هو في الواقع حكم املته السياسة و العداء لعلي عليه السلام فأرادوا ان يضربوا الامام عليا عليه السلام.فلم يجدوا مطعناً إلا أن ينسبوا الي والده الكفر. و نحن اذا راجعنا حياة ابي طالب لا نشك في اسلامه و ايمانه و ذلك من خلال 1 ـ أفعاله 2ـ شعره و وصاياه 3 ـ قول الرسول(ص) في حقه. 4 ـ اقوال اهل البيت عليهم السلام في حقه . 5 ـ رأي بعض علماء اهل السنة في حقه. و قد عقد السيد محسن الامين بحثا خاصا في ايمان ابي طالب، قال فيه: لما بعث النبي اسلم ابو طالب و آمن به و صدقه فيما جاء به و لكنه لم يكن يظهر إيمانه تمام الاظهار بل يكتمه ليتمكن من القيام بنصر رسول اللّه(ص) فإنه لو اظهره اظهاراً تاماً لكان كواحد من المسلمين الذين اتبعوه و لم يتمكن من نصرته و القيام دونه، و إنما تمكن من المحاماة عنه بالثبات في الظاهر علي دين قريش و إن ابطن الاسلام كما لو كان لانسان شرف و وجاهه في بلد الكفر و هو مظهر الكفر و يحفظ ناموسه بينهم بذلك و في البلد نفر يسير من المسلمين ينالون الاذي فما دام مظهراً لمذهب اهل البلد يكون اشد تمكنا من المحاماة و المدافعة عن اولئك النفر و لو اظهر الاسلام و كاشف اهل البلد بذلك لصار حكمه حكم واحد من اولئك النفر و لحقه من الاذي و الضرر ما يلحقهم فابو طالب لو اظهر الاسلام لازدادت نفرة قريش و بغضها له اكثر مما كانت لاجل المحاماة عن ابن اخيه فقط مع بقائه علي دين قومه و لارتفع حجاب المراعاة و المداراة بينه و بينهم بالكلية فينابذونه بالقتال و يتوسلون إلي قتله و قتل ابن اخيه بكل وسيلة اما مادام مظهراً لهم أنه علي دينهم فلا ييأسون من تسليم ابن اخيه لهم و يبقي لهم طمع في الاسهل منه و يعذرونه في المحاماة عن ابن اخيه بعض العذر لمكان القرابة و الشفقة و لذلك كانوا لا يفترون عن طلبهم اليه ردع ابن اخيه او تسليمه لهم (و اقوي) دليل علي اسلامه أنه لو لم يؤمن به لهان عليه تسليمه لهم و خذلانه و لم يتحمل ما تحمله في نصره و لانقلب حبه بغضا فالدين مفرق بين الاباء و الابناء و الاحباب و الاصدقاء. مع أنه قد صرح باسلامه وفي اشعاره المتواترة لكنه لم يكن يظهره اظهاراً تاماً مراعاة للمصلحة و اجمع ائمة اهل البيت عليهم السلام و علماؤهم علي اسلامه و اجماعهم حجة و عن ابن الاثير في جامع الاصول ما اسلم من اعمام النبي(ص) غير حمزة و العباس و ابي طالب عند اهل البيت. و وافقنا علي اسلامه اكثر الزيدية و بعض شيوخ المعتزلة كأبي القاسم البلخي و ابي جعفر الاسكافي و غيرهما و جماعة من الصوفية حكي ذلك السيد عبد الرحمن بن احمد الحسني الادريسي المغزلي نزيل مكة المشرفة و المتوفي بها سنة 1087ه عن جمع من اهل الكشف و الشهود و حكاه عنه في الدرجات الرفيعة و اثني عليه و قال انه كان من ارباب الحال و اقطاب الرجال و وافقنا علي ذلك جماعة من علماء اهل السنة غير من ذكر و صنفوا فيه بعض الرسائل المطبوعة لكن جمهورهم علي خلافه لروايات رواها اعداء ولده امير المؤمنين(ع) او حملوا غيرهم علي روايتها مراغمة له و تلقاها من بعدهم بالقبول و صادموا بها الضرورة و البديهة لحسن ظنهم بمن رواها و اورد بعضها البخاري و مسلم لحسن الظن المذكور و قد صنفوا في اثبات اسلامه مصنفات كثيرة بعضها من علماء اهل السنة كما مر و اكثرها من علماء الشيعة و محدثيهم و تعلم كثرتها من تتبع كتب الرجال و من مشهور ما صنف في ذلك للشيعة كتاب السيد الفاضل السعيد شمس الدين ابو علي فخار بن معد الموسوي (قال) المجلسي في البحار و هو من اعاظم محدثينا و داخل في اكثر طرقنا الي الكتب المعتبرة. كما صنف غيرهم في رد ذلك الدرجات الرفيعة [1] و امّا اشعاره الطافحة في ايمانه فقد امتلأ منها ديوانه و ها نحن ننقل لك بعض ما ورد فيها لتعلم انه مسلم مؤمن أليس من الشهادة قوله: ليعلم خيار الناس أنّ محمدا وزير لموسي و المسيح ابن مريم‏ أتانا بهدي مثل ما أتيا به‏ فكل بأمر اللّه يهدي و يعصم‏ و إنّكم تتلونه في كتابكم‏ بصدق حديث لا حديث مبرجم‏ و قوله: أمين حبيب في العباد مسوّم‏ بخاتم ربّ قاهر في الخواتم‏ نبيّ أتاه الوحي من عند ربّه‏ و من قال: لا يقرع بها سنّ نادم‏ و قوله: ألم تعلموا أنّا وجدنا محمداً رسولا كموسي خطّ في أوّل الكتب‏ و قوله: و ظلم نبيّ جاء يدعو الي الهدي‏ و أمر أتي من عند ذي العرش قيّم‏ و قوله: فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة و ابشر بذاك و قرّ منك عيونا و دعوتني و علمت انّك ناصحي‏ و لقد دعوت و كنت ثمّ أمينا و لقد علمت بأنّ دين محمد من خير أديان البريّة دينا و قوله: أو تؤمنوا بكتاب منزلٍ عجبٍ‏        علي نبيّ كموسي أو كذي النون‏ و قوله: نصرت الرّسول رسول المليك‏ ببيض تلالأ كلمع البروق‏ أذبّ و أحمي رسول الآله‏ حماية حامٍ عليه شفيق‏ و قوله: فأيّده ربّ العباد بنصره‏ و أظهر ديناّ حقّه غير باطل‏ و قوله: و اللّه لا أخذل النّبي و لا يخذله من نبيّ ذو حسب‏ نحن و هذا النّبي ننصره‏ نضرب عنه الأعداء بالشهب‏ و قوله: أتبغون قتلا للنبي محمد خصصتم علي شؤم بطول أثام‏ و قوله: فصبراً أبا يعلي علي دين أحمد و كن مظهراً للدين وفّقت صابرا و حط من أتي بالحق من عند ربّه‏ بصدق و عزم لا تكن حمز كافرا فقد سرّني إذ قلت: إنك مؤمن‏ فكن لرسول اللّه في اللّه ناصرا و قوله و قد رواه أبو الفرج الاصفهاني: زعمت قريش إنّ أحمد ساحر كذبوا و ربّ الراقصات الي الحرم[2] ما زلت أعرفه بصدق حديثه‏ و هو الأمين علي الحرائب و الحرم‏ و قوله المروي من طريق أبي االفرج الاصفهاني كما في كتاب (الحجّة) ص 72 و من طريق الحسن بن محمد بن جرير كما في تفسير أبي الفتوح 4: .212 قل لمن كان من كنانة في العزّ و أهل الندي و أهل المعالي‏ قد أتاكم من المليك رسول‏ فاقبلوه بصالح الأعمال‏ و انصروا أحمدا فانّ من اللّه‏ رداء عليه غير مدال‏ و قوله من أبيات وردت في شرح ابن أبي الحديد 3: .315 فخير بني هاشم أحمد رسول الإله علي فترة [3] و لو كان يؤثر أقل من هذا عن أحد من الصحابة لطبّل له، و زمّر من يتشبّث بالطحلب في سرد الفضائل لبعضهم مغالاة فيهم، لكنّي، أجد إسلام أبي طالب مستعصياً فهمه علي هؤلاء و لو صرح بألف هتاف من ضرائب هذه لماذا؟ أنا لا أدري!. و أما رأي اهل البيت عليهم السلام فقد اجمعوا علي ايمانه و اهل البيت قولهم حجّة، و قصاري القول في سيد الابطح عند القوم : إنّ أيّاً من هذه العقود الذهبيّة بمفرده كاف في أثبات الغرض فكيف بمجموعها و من المقطوع به انّ الائمة من ولد أبي طالب عليه السلام أبصر الناس بحال أبيهم، و أنّهم لم ينوّهوا إلاّ بمحض الحقيقة، فإنّ العصمة فيهم رادعةٌ عن غير ذلك و لقد أجاد مفتي الشافعيّة بمكة المكرّمة في (أسني المطالب) حيث قال: هذا المسلك الذي سلكه العلاّمة السيد محمد بن رسول البرزنجي في نجاة أبي طالب لم يسبقه اليه أحد فجزاه اللّه أفضل الجزاء و مسلكه هذا الذي سلكه يرتضيه كلّ من كان متصفاً بالانصاف، من أهل الايمان، لأنه ليس فيه إبطال شي‏ء من النصوص و لا تضعيف لها، و غاية ما فيه أنّه حملها علي معان مستحسنة يزول بها الإشكال و يرتفع الجدال، و يحصل بذلك قرّة عين النبي (ص)، و السّلامة من الوقوع في تنقيص أبي طالب أو بغضه، فإنّ ذلك يؤذّي النّبي (ص) و قد قال اللّه تعالي: ( إِنَّ الَّذينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهينا) [4] . و قال تعالي: ( وَ الَّذينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَليم‏) [5] . و قد ذكر الإمام أحمد بن الحسين الموصلي الحنفي المشهور بابن وحشي في شرحه علي الكتاب المسمّي بشهاب الأخبار للعلاّمة محمد بن سلامة القضاعي المتوفي 454ه: إنّ بغض أبي طالب كفر. و نصّ علي ذلك ايضاً من ائمة المالكية العلامة عليّ الأجهوري في فتاويه، و التلمساني في حاشيته علي الشفاء فقال عند ذكر أبي طالب: لا ينبغي أن يذكر إلاّ بحماية النبي(ص) لأنّه حماه و نصره بقوله و فعله و في ذكره بمكروه أذيّة للنبي(ص) و مؤذي النبي(ص) كافر، و الكافر يقتل، و قال أبو طاهر: من أبغض أباطالب فهو كافر. و مما يؤيد هذا التحقيق الذي حقّقه العلاّمة البرزنجي في نجاة أبي طالب إنّ كثيراً من العلماء المحققين و كثيراً من الأولياء العارفين أرباب الكشف قالوا بنجاة ابي طالب، منهم : القرطبي و السبكي و الشعراني و خلائق كثيرون و قالوا: هذا الذي نعتقده و ندين اللّه به، و إن كان ثبوت ذلك عندهم بطريق غير الطريق الذي سلكه البرزنجي، فقد اتّفق معهم علي القول بنجاته، فقول هؤلاء الائمة بنجاته أسلم للعبد عند اللّه تعالي لاسيما مع قيام هذه الدلائل و البراهين التي اثبتها العلاّمة البرزنجي.[6]

1