منذ سنتين

توضيح مفهوم الشفاعة

ارجو ان توضحوا لي فكرة الشفاعة والمراد منها لافهم ماذا يراد بها.


اما ما يتعلق ببحث الشفاعة و ما هو المراد منه و ما هي مبررات الشفاعة و ثمار الشفاعة نقول: الشفاعة المصطلحة: حقيقة هذه الشفاعة لاتعني الا أن تصل رحمته سبحانه و مغفرته و فيضه الي عباده عن طريق اوليائه و صفوة عباده، و ليس هذا بأمر غريب فكما أن الهداية الالهية التي هي من فيوضه سبحانه، تصل الي عباده في هذه الدنيا عن طريق أنبيائه و كتبه، فهكذا تصل مغفرته سبحانه الي المذنبين و العصاة من عباده يوم القيامة عن ذلك الطريق، ولا بعد في أن يصل غفرانه سبحانه الي عباده يوم القيامة، عن طريق عباده، فانه سبحانه قد جعل دعاءهم في الحياة الدنيوية سبباً لذلك و قال: ( وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحيما )[1] وتتضح هذه الحقيقة اذا وقفنا علي أن الدعاء بقول مطلق، و بخاصة دعاء الصالحين، من المؤثرات الواقعة في سلسلة نظام العلة و المعلول، و لاتنحصر العلة في المحسوس منها فان في الكون مؤثرات خارجة عن احساسنا و حواسنا، بل قد تكون بعيدة عن تفكيرنا، و اليه يشير قوله سبحانه: ( فَالْمُدَبِّراتِ أَمْرا )[2] مبررات الشفاعة: ربما يقال: اذا كان المنقذ الوحيد للانسان يوم القيامة، هو عمله الصالح، كما هو صريح قوله سبحانه: ( وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْني‏ )[3],فلماذا جعلت الشفاعة وسيلة للمغفرة؟ و الجواب عن ذلك: ان لتشريع الشفاعة مبررات عدة، نذكر منها اثنين: الأول ـ الحاجة الي رحمة الله الواسعة حتي مع العمل، ان الفوز بالسعادة و ان كان يعتمد علي العمل أشد الاعتماد، غير أن صريح الآيات هو أن العمل ما لم تنضم اليه رحمة الله  الواسعة، غير كاف في انقاذ الانسان من تبعات تقصيره. قال سبحانه: ( وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَ لكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلي‏ أَجَلٍ مُسَمًّي‏ )[4],و قال سبحانه :( وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلي‏ ظَهْرِها مِنْ دَابَّة )[5] الثاني ـ الآثار التربوية للشفاعة بالرغم مما اعترض علي الشفاعة من كونها توجب الجرأة، و تحيي روح التمرد في العصاة و المجرمين، فان الشفاعة تتسبب في اصلاح سلوك المجرم و انابته و التخلي عن التمادي في الطغيان. و تظهر حقيقة الحال اذا لاحظنا مسألة التوبة التي اتفقت الأمة علي صحتها، فانه لو كان باب التوبة موصدا في وجه العصاة و المذنبين و اعتقد المجرم بأن عصيانه مرة واحدة يخلده في عذاب الله، فلاشك أنه يتمادي في اقتراف السيئات باعتقاد أن تغييره للوضع الذي هو عليه لن يكون مفيداً في انقاذه من عذاب الله ، فلا وجه لأن يترك لذات المعاصي. و هذا بخلاف ما اذا وجد الجو مشرقاً و الطريق مفتوحاً، و أيقن أن رجوعه يغير مصيره في الآخرة، فيترك العصيان و يرجع الي الطاعة. و مثل التوبة الاعتقاد بالشفاعة المحدودة (أي مع شروط خاصة في المشفوع له) فاذا اعتقد العاصي بأن اولياء الله  قد يشفعون في حقه اذا لم يهتك الستر، و لم يبلغ الي الحد الذي لا تكون فيه الشفاعة نافعة، فعند ذلك، ربما يعيد النظر في مسيره، و يحاول تطبيق حياته علي شرائط الشفاعة، حتي لايحرمها. نعم، الاعتقاد بالشفاعة المطلقة المجردة من كل قيد، مرفوض في منطق العقل و القرآن، و المراد من المطلقة هو أن الانبياء يشفعون للانسان يوم القيامة، و ان فعل ما فعل، اذ عند ذلك يستمر و يتمادي في أعماله الاجرامية. و أما الشفاعة المحدودة بشرائط في المشفوع له و الشافع، فلا توجب ذلك. و مجمل هذه الشروط: أن لا يقطع الانسان جميع علاقاته العبودية مع الله، و وشائجه الروحية مع الشافعين، ولا يصل تمرده الي حد نسف جسور الارتباط بهم. شرائط شمول الشفاعة: قد تعرفت علي أن الشفاعة المشروعة، هي الشفاعة المحدودة بحدود، و ليس أمر الشفاعة فوضي بلا قيد و شرط، و نحن نذكر بعض شرائطها كما وردت في الروايات. 1 ـ عدم الشرك بالله شيئاً. قال رسول الله  (ص): “ شفاعتي نائلة ان شاء الله  من مات و لا يشرك بالله  شيئا“ [6] 2 ـ شهادة الشهادتين باخلاص. قال رسول الله (ص): “شفاعتي لمن شهد أن لا اله الا الله، مخلصا، يصدق قبله لسانه، و لسانه قلبه“ [7] 3 ـ عدم الغش. قال رسول (ص): “ من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي “[8] 4 ـ عدم نصب العداء لأهل البيت عليهم السلام. قال الامام الصادق عليه السلام: “ ان المؤمن ليشفع لحميمه، الا أن يكون ناصباً، ولو أن ناصباً شفع له كل نبي مرسل و ملك مقرب ماشفعوا “[9] 5 ـ قال الامام موسي بن جعفر الكاظم (ع): لما حضر أبي الامام الصادق (ع) قال لي: يا بني، انه لاينال شفاعتنا من استخف بالصلاة“ [10] 6 ـ عدم التكذيب بشفاعة رسول الله. قال علي بن موسي الرضا (ع): “قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: من كذب بشفاعة رسول الله لم تنله “[11] و غير ذلك من الشرائط التي يجدها المتتبع في أحاديث الشفاعة من الفريقين.[12]

1