تفضيل الائمة عليهم السلام علي الانبياء عليهم السلام
كيف نوجه القول بتفضيل الائمة عليهم السلام علي الانبياء عليهم السلام؟
إن مسألة تفضيل الائمة عليهم السلام علي الانبياء عليهم السلام من المسائل التي وقع فيها البحث و الاخذ و الرد في اكثر من كتاب و اكثر من موقع.
و نحن نعتقد ان هذه القضية لابد ان تبحث في اكثر من مرحلة و من خلال عدة مقدمات ضرورية منها:
اولاً: لابد ان تدرس هذه القضية بصورة موضوعية و بعيداً عن الحساسيات المذهبية و المرتكزات الذهنية السابقة.
ثانياً: ان مسألة التفضيل هذه تطرح بصورة افعل التفضيل، يعني صيغة (افضل) و من المعلوم ان في هذا الاستعمال تكون الصفة موجودة عند جميع الافراد المتفاضل بينهم، فمثلا:ً تارة نقول:"زيد كريم مقابل عمرو " فهنا العبارة تقتضي وجود صفة الكرم عند زيد، و اما عمرو فلا تشير إلي وجودها فيه، ولكن عندما نقول:" زيد اكرم من عمرو" فهذا يعني ان صفة الكرم موجودة عند عمرو ايضاً ولكن بدرجة اخري و مرتبة ادني من المرتبة التي عليها زيد. و هذا الاستعمال طبيعي و لااشكال فيه، و نحن نري القرآن الكريم قد اشار إلي هذا الأمر في قوله تعالي: ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْض )[1] .
نعم نحن نؤمن ايماناً قاطعاً بقوله تعالي ( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ )[2] من حيث ان هؤلاء الرسل يشتركون بنقاط لايمكن تخلفها في واحد منهم ,منها:
1 ـ عصمتهم 2 ـ دعوتهم إلي دين التوحيد 3 ـ السعي لانقاذ الناس من الظلمات إلي النور.
هذه و غيرها لاشك انها من الامور التي تشترك فيها الرسالات و رسل التوحيد عليهم السلام.
ثالثاً: لاشك اننا نؤمن بما لاريب فيه ان النبي محمداً (ص) هو افضل الانبياء والمرسلين، بل هو سيد المرسلين و خاتم النبيين. و هذا أمر لا نعتقد ان يماري فيه احد أو يجادل فيه مسلم قط.
اذا عرفنا ذلك لابد ان نطرح السؤالين التاليين.
السؤال الاول: ماهي المهمة الملقاة علي عاتق الرسول (ص) و ماهي حدودها؟
و الجواب: ان القرآن الكريم اجاب عن هذه المسألة بقوله تعالي: ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذيراً *وَ داعِياً إِلَي اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنيرا )[3]
و قوله تعالي: ( هُوَ الَّذي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَة )[4]
و قوله تعالي: ( كَما أَرْسَلْنا فيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَ يُزَكِّيكُمْ وَ يُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون )[5]
و قوله تعالي: ( وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَ نَذيرا )[6]
و قوله تعالي: ( لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَي النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيداً )[7]
و قال تعالي: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اسْتَجيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييكُم )[8]
هذه هي بعض المهام التي يقوم بها الرسول (ص) و التي اشارت إليها الآيات الكريمة و هي:
.1كون الرسول (ص) شاهداً علي الامة.
.2كون الرسول (ص) مبشراً للامة.
.3كون الرسول (ص) نذيراً للامة.
.4كون الرسول (ص) داعياً للامة إلي طريق الخير و السعادة.
5 .يتلو عليهم آيات الله.
.6يزكي الامة.
.7يطهرهم.
.8يخرجهم من الظلمات إلي النور.
.9يحييهم حياة معنوية في حياتهم و بعد موتهم.
و يقول أميرالمؤمنين عليه السلام ـ كما جاء في نهج البلاغة ـ في هذا الخصوص:
1 ـ " بعثه الله لانجاز عدته و اتمام نبوته " ص 44.
2 ـ " اوري قبس القابس و اضاء الطريق للخابط " ص 101.
3 ـ " تمت بمحمد حجة الله علي خلقه " ص 134.
4 ـ" بعث الله محمداً ليخرج الناس من عبادة الاوثان إلي عبادته " ص 204.
5 – " اضاءت به البلاد بعد الضلالة المظلمة و الجهالة الغالبة و الجفوة الجافية " ص 210.
6 ـ " كلما نسخ الله الخلق فرقتين جعله في خيرهما " ص 310.
و غير ذلك من المهام التي لواردنا استقصاءها لاحتاج ذلك إلي كتابة رسالة مستقلة في هذا الموضوع.
و انت اذا لاحظت هذه المهام تجد ان كل واحدة منها تحتاج إلي مؤسسات كبيرة للقيام بها لأهميتها و شموليتها و هذه نقطة مهمة لابد ان تؤخذ بنظر الاعتبار.
اذا عرفنا ذلك ننتقل إلي السؤال الثاني هو:
السؤال الثاني: ما هي حدود رسالة الرسول محمد (ص) هل تختص بشعب الجزيرة العربية او تشمل العرب او انها رسالة عالمية تعم المعمورة؟
لا شك ان القرآن الكريم يشير إلي كونها رسالة عالمية شمولية، و هذا امر لا يشك فيه احد من المسلمين.
يقول تعالي: ( و ما ارسلناك الا رحمة للعالمين )[9]
و قال تعالي: ( وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشيراً وَ نَذيرا )[10]
فاذا اتضح لنا سعة مهام الرسول (ص) و شمول رسالته حينئذ يطرح السؤال التالي نفسه:
هل كان للرسول (ص) وصي و خليفة أم لا؟ و اذا كان له وصي و خليفة من هو هذا الوصي؟ ثم ما هي المواصفات التي ينبغي ان يتحلي بها هذا الوصي.
و الجواب عن هذا السؤال: اننا نؤمن بان للرسول وصياً و خليفة هو الامام علي(ع) و يأتي من بعده ابناؤه عليهم السلام.
و دليلنا علي ذلك الكتاب و السنة، و نحن هنا نذكر بعض ذلك:
1-آية الولاية ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُون). [11]
فقد أكدت اكثر كتب التفسير نزولها في الامام علي(ع) و ذلك عندما تصدق بخاتمه و هو راكع في صلاته, منها:
الف – التفسير الكبير، ج 12، ص 26، ط بيروت.
ب – الكشاف للزمخشري، ج 1، ص 347، ط بيروت.
و هناك اكثر من ثلاثين مصدراً لاهل السنة دونت ذلك لم نذكرها روماً للاختصار.
2-حديث الغدير
و هذا الحديث نقل في عدد كبير جداً من المصادر السنية، و صرح بتواتره جملة من علماء السنة منهم محمد بن محمد الغزالي في (سر العالمين) ص 13.
و ابن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول ص 18، مخطوط),و غير ذلك.
3-قول الرسول (ص) في حق علي (ع) " ان هذا اخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و اطيعوه". [12]
4-حديث الثقلين " قال رسول الله (ص): يا ايها الناس اني قد تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا: كتاب الله و عترتي اهل بيتي". [13]
5 حديث الخلفاء الاثني عشر.
6- قال رسول الله (ص) : " اوحي إلي في علي ثلاث: انه سيد المسلمين و امام المتقين، و قائد الغر المحجلين" [14] و قد ذكر الحديث في مصادر عديدة.
7-الكنجي الشافعي في كفاية الطالب بالاسناد إلي جابر قال:
سمعت رسول الله (ص) يقول: " هذا أمير البررة، و قاتل الفجرة، منصور من نصره مخذول من خذله ، ثم مد بها صوته و قال: انا مدينة العلم و علي بابها، فمن اراد المدينة فليأتها من بابها “ [15]
8-ابونعيم في حلية الاولياء بالاسناد إلي حذيفة قال: قال رسول الله (ص): “ من سره ان يحيا حياتي و يموت ميتتي، و يتمسك بالقصبة الياقوتية التي خلقها الله بيده