منذ سنتين

مصحف فاطمة

لقد سمعت عن وجود قرآن يسمي قرآن فاطمة ارجو منكم اذا كان ذلك صحيحاً تزويدي بهذا القرآن. هذا مطلبي، وانا شخص من الاردن ديانتي المسيحية واحب ان اقرأ كل شيء، وقد اطلعت فيما مضي علي فكر الشيعة والمعتزلة وسمعت الكثير من أهل السنة وإساءتهم للشيعة ولذلك عندي رغبة جامحة بالتعرف علي فكر الشيعة.


كما نشكر لكم الروح السامية و النظرة الموضوعية التي تحملونها و همتكم العالية في القراءة و التحقيق و البحث فانها بحق خير صفة وافضل خصلة يتحلي بها الانسان الباحث عن الحقيقة. كما نرجو من جنابكم الكريم ان تدرسوا افكار الشيعة من مصادرهم الاصلية لا من المصادر التي تعرضت لنقد و شتم الشيعة. وذلك لأن هذه الكتب و للاسف تبتعد عن الموضوعية كثيراً، و في الحقيقة هي لا تخرج عن كونها سباباً وشتائم و افتراءات لاغير. و من هذه البحوث البحث عن مصحف فاطمة عليها السلام والذي سنتحدث لك عنه بصورة مفصلة انشاء الله تعالي. لاشك أن أهل البيت عليهم السلام هم ورثة علم رسول الله (ص) والامناء عليه، فقد تواتر عنه (ص) أنه قال: “ أنا مدينة العلم و علي بابها ”[1] و هو كالصريح بكونه عليه السلام عيبة علمه و مستوع المعارف الالهية، وقد توارثها منه الائمة المعصومون المطهرون من ولده. فقد كانوا يتوارثون ما في القرآن الكريم و كتب الأنبياء السابقين من دقائق المعارف و الأحكام الشرعية. و من جملة التراث العلمي الذي كان يتوارثه أئمة أهل البيت عليهم السلام «مصحف فاطمة» الذي دون فيه علم ما يكون، مما سمعته الزهراء (ع) من حديث الملائكة بعد وفاة أبيها (ص) كما سنري من خلال النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة، وقد كانوا (عليهم السلام) يحدثون أصحابهم ،أحياناً عن تلك العلوم المدونة عندهم في هذا الكتاب ويبينون حقيقته. لقد أثار مصحف فاطمة حفيظة العديد من الكتاب، واتخذوا منه وسيلة للطعن و التشنيع علي أتباع أهل البيت (عليهم السلام) تارة باستغلال اسمه ـ باعتبار أنه يطلق عليه اسم «مصحف» وجعله باباً لاتهامهم بأنهم لايعترفون بالقرآن الموجود بين الدفتين والمتدوال بين المسلمين قاطبة، فيوقعون الناس في وهم بأن مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة، وتارة أخري بأن الاعتقاد بمصحف فاطمة يعني الاعتقاد بنزول الوحي بعد الرسول (ص) ويرتبون علي ذلك نتائج عديدة منها أن الشيعة يعتقدون بنبوة فاطمة و علي (ع). و في هذا المقال نتعرض للبحث عن حقيقة مصحف فاطمة (ع) و نعالج الشبهات التي تثار حوله، والضجة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتاب الذين ينقصهم الاطلاع الكافي و الدقة العلمية ـ إن أحسنا الظن بهم ـ أو تنقصهم الأمانة و الانصاف. المصحف في اللغة: المصحف ـ مثلثة الميم، من اصحف بالضم ـ اي جعلت فيه الصحف [2]، وسمي المصحف مصحفاً لأنه اصحف أي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين [3] وبناء عليه، فالمصحف ليس اسماً مختصاً بالقرآن الكريم، ويشهد لذلك مارووه في وجه تسمية المصحف مصحفاً، فقد روي ابن أشتة في كتاب المصاحف: أنه لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبوبكر: التمسوا له اسماً، فقال بعضهم: السفر، وقال بعضهم: المصحف فان الحبشة يسمونه المصحف، قال: وكان أبوبكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف.[4] و نحن لا نوافق علي مضمون هذه الرواية لأننا نعتقد أن القرآن جمع في حياة الرسول (ص) [5] و كلمة المصحف من أصل عربي، فلا معني للاتيان بها من الحبشة، لكن ،أوردناها لاقامة الحجة علي من يقبلها. فالمصحف كل كتاب أصحف و جمع بين دفتين، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم أوجبت انصراف الأذهان إليه، وهو لايكفي لحمل ماورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) التي تتحدث عن مصحف فاطمة علي المصحف المعروف، خاصة مع وجود التقييد بإضافته إليها (عليها السلام). مصحف فاطمة في أخبار أهل البيت عليهم السلام: 1-عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام: «.. .إن فاطمة مكثت بعد رسول الله (ص) خمسة و سبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد علي أبيها، وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها فيحسن عزاءها علي أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، و يخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، و كان علي (ع) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (ع)" [6] 2-عن أبي حمزة أن أبا عبد الله عليه السلام قال: “ مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله و انما هو شيء ألقي إليها بعد موت أبيها صلوات الله عليهما ” [7] 3-عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (ع) “... و مصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن ”[8]  4-عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: “ إن عندي ... و مصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنا ” [9] 5- عن محمد بن عبدالملك عن أبي عبدالله (ع): "... وعندنا مصحف فاطمة (عليها السلام) أما والله ما هو بالقرآن" [10]  6-عن علي بن سعيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: " ... و فيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن" [11] 7-عن علي بن أبي حمزة عن الكاظم عليه السلام قال: " عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن" [12]  8-عن أبي بصير عن أبي عبدالله (ع) أنه قال: " و إن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد" [13] هذه الروايات و أمثالها تدل علي أن مصحف فاطمة الذي يعتقد الإمامية أنه عند أئمتهم و ضمن ميراثهم العلمي ليس المصحف الذي فيه القرآن الكريم، و أنه كتاب آخر يتضمن علماً، لكن ما هو ذلك العلم؟ تشير إليه بعض الروايات عن أهل البيت عليهم السلام منها:  1. سئل الصادق (ع) عن محمد بن عبد الله بن الحسن فقال عليه السلام: “ ما من نبي ولا وصي ولاملك إلا هو في كتاب عندي ـ يعني مصحف فاطمة ـ والله ما لمحمد بن عبدالله فيه اسم "[14] 2.روي عن الوليد بن صبيح أنه قال: قال لي أبو عبدالله (ع): « يا وليد، إني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام فلم أجد لبني فلان فيه إلا كغبار النعل" [15]  3.عن فضيل بن سكرة قال: دخلت علي أبي عبد الله (ع) قال: " يا فضيل، أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل؟” قال: قلت: لا. قال: “كنت أنظر في كتاب فاطمة (ع) ليس من ملك يملك [الأرض] إلا و هو مكتوب فيه باسمه و اسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا" [16]  4.عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبدالله (ع) “.. . وليخرجوا مصحف فاطمة فإن فيه وصية فاطمة. ..”[17]  5.عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: “ إن الله تعالي لما قبض نبيه (ص) دخل علي فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه الا الله عزوجل فأرسل الله إليها ملكاً يسلي غمها و يحدثها، فشكت ذلك إلي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: إذا احسست بذلك و سمعت الصوت قولي لي، فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتي أثبت من ذلك مصحفاً. قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال و الحرام، ولكن فيه علم ما يكون” [18] يتبين من خلال هذه الروايات أن مصحف فاطمة (ع) ليس قرآناً، وليس كتاب أحكام، فهو مغاير لكتاب علي (ع) الذي أملاه عليه رسول الله (ص). والذي ورد ذكره في أخبارهم (ع) إلي جنب مصحف فاطمة، وسموه بالجامعة تارة والصحيفة اخري و كتاب علي (ع) غالباً. وليس هناك أي رواية توهم كونه قرآناً، فضلاً عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسك بها من يفتش عن المطاعن، وعلي فرض وجودها فإن الروايات المستفيضة الواضحة والصريحة والتي قدمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهم أو الظهور لو تم و سلم. فاطمة (عليها السلام) محدثة: قد يتوقف البعض عند قصة مصحف فاطمة عليها السلام و يرفض مسألة تكليم الملائكة للسيدة الزهراء عليها السلام نتيجة توهم التلازم بين النبوة والوحي، أو بين النبوة وتحديث الملائكة، و عليه فإن كون الرسول (ص) خاتم الأنبياء والرسل يقتضي عدم نزول الملائكة بعد رسول الله (ص) و هذا دليل علي عدم صحة قصة المصحف المذكور، و قد اعتمد علي هذا النحو من الاستدلال عبد الله القصيمي في كتابه الموسوم ب«الصراع بين الاسلام و الوثنية» متهما الشيعة الامامية بأنهم يزعمون لفاطمة وللأئمة من ولدها ما يزعمون للأنبياء والرسل[19] كل ذلك اعتماداً علي الملازمة المزعومة بين تكليم الملائكة و بين النبوة. و هذه غفلة ما بعدها غفلة. تعال معي إلي كتاب الله عزوجل و هو يتحدث عمن كلمتهم الملائكة أو أوحي الله سبحانه و تعالي إليهم: 1-( وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلي‏ نِساءِ الْعالَمين‏ ) [20] 2- ( إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسيحُ ) [21]  3-( فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا * قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا ً)[22].  4-( وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهيمَ بِالْبُشْري‏ قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنيذ.* وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوب * قالَتْ يا وَيْلَتي‏ أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلي‏ شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجيب‏ * قالُوا أَ تَعْجَبينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَميدٌ مَجيد ) [23] فهذه نماذج من النساء حدثنا القرآن الكريم عنهن ولم يكن نبيات، و مع ذلك شاهدن الملائكة و حدثنهم، أو أوحي إليهن باسلوب آخر غير تحديث الملائكة، ولم يستنكر ذلك أحد. ففاطمة عليها السلام دلت النصوص علي أنها كانت محدثة ولم تكن نبية، وكذلك تقول الشيعة الامامية بالنسبة لأئمة أهل البيت عليهم السلام دون أن يدعي أحد منهم لهم النبوة، إذ لا تلازم بينهما كما تقدم. ثم إن الاعتقاد بنزول الملائكة علي فاطمة الزهراء سلام الله عليها لايعد غلواً، ولا مبالغة في فضلها، فهي سلام الله عليها سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين. روي البخاري عن النبي (ص) أنه قال: “ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة” [24] و روي مسلم عنه (ص) أنه قال لها: “ يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ”[25] و هي سلام الله عليها ممن نزلت بهم آية المباهلة و التطهير و ضمهم الكساء. و من الجدير بالذكر أن الوحي له أساليب و أغراض متعددة، ولا تلازم بين الوحي و النبوة، و إن كان كل نبي لابد أن يوحي إليه، وكذلك لا تلازم بين الوحي و القرآنية، فبالنسبة للرسول (ص) لم يكن كل ما نزل عليه من الوحي قرآناً، فهناك الأحاديث القدسية و هناك تفسير القرآن و تأويله، و الإخبار بالموضوعات الخارجية و أمثال ذلك وكلها ليست قرآناً. فاتضح أن تحديث الملائكة للزهراء سلام الله عليها لم يكن من الوحي النبوي ولا من الوحي القرآني. المحدثون عند اهل السنة: إذا كان تحدث الملائكة مع اهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا, غلواً، فلنلق نظرة علي كتب الحديث و السيرة و التاريخ عند أهل السنة لنري كيف يدعي تحدث الملائكة مع الكثير من رجالهم: 1. أخرج البخاري في مناقب عمر بن الخطاب ـ وبعد حديث الغار ـ عن أبي هريرة، وأخرج مسلم في فضائل عمر أيضا عن عائشة: أن عمر بن الخطاب كان من المحدثين. و قد حاول شراح البخاري أن يأولوه بأن المراد أنه من الملهمين أو من الذين يلقي في روعهم أو يظنون فيصيبون الحق فكأنه حدث ... و هو كما تري تأويل لايساعد عليه ظاهر اللفظ. ولأجل ذلك قال القرطبي: إنه ليس المراد بالمحدثين المصيبين فيما يظنون، لأنه كثير في العلماء، بل وفي العوام من يقوي حدسه فتصح إصابته، فترتفع خصوصية الخبر و خصوصية عمر.[26] 2.ممن ادعي أن الملائكة تحدثهم:عمران بن الحصين الخزاعي المتوفي سنة 52 ه, قالوا: كانت الملائكة تسلم عليه حتي اكتوي بالنار فلم يسمعهم عاماً، ثم أكرمه الله برد ذلك.[27] 3. ومنهم أبو المعالي الصالح المتوفي سنة 427 ه، رووا أنه كلمته الملائكة في صورة طائر.[28] 4 أبو يحيي الناقد المتوفي سنة 285 ه، رووا أنه كلمته الحوراء.[29] و امثال هذه المرويات في كتب السنة غير قليل، ولم يستنكر ذلك أحد ولم يتهم أصحابها بالغلو. ومما يدل علي عدم الملازمة بين تحديث الملائكة و النبوة ما رواه الكليني عن حمران بن أعين قال: قال أبو جعفر (الباقر) عليه السلام “ إن علياً كان محدثا ً“. فخرجت إلي أصحابي فقلت: جئتكم بعجيبة فقالوا: وما هي؟ فقلت: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام محدثا. فقالوا: ما صنعت شيئاً ألا سألته من كان يحدثه، فرجعت إليه ... فقال لي: يحدثه ملك. قلت: تقول: إنه نبي ؟ قال: فحرك يده ـ هكذا [30] . ـ أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسي أو كذي القرنين أو ما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله ؟![31] وفي “بصائر الدرجات” هذا الخبر هكذا: عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر (ع) ألست حدثتني أن علياً كان محدثاً؟ قال: بلي. قلت: من يحدثه؟ قال: ملك. قلت: فأقول: إنه نبي أو رسول؟ قال: لا. بل مثله مثل صاحب سليمان و مثل صاحب موسي، و مثل ذي القرنين [32]. أما بلغك أن علياً سئل عن ذي القرنين، فقالوا: كان نبياً؟ قال: لا، بل كان عبداً أحب الله فأحبه و ناصح الله فناصحه" [33] ولابد من الاشارة إلي بعض رواياتنا التي تتحدث عن مصحف فاطمة أنه من إملاء رسول الله (ص) و خط علي (ع). 1- فعن علي بن سعيد عن أبي عبدالله (ع): “... وعندنا والله مصحف فاطمة ما فيه آية من كتاب الله و انه لإملاء رسول الله (ص) و خط علي (ع) بيده “ [34]  2- عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام “... و خلفت فاطمة مصحفاً ما هو قرآن ولكنه كلام من كلام الله انزل عليها املاء رسول الله (ص) وخط علي ” [35] 3- عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبدالله (عليه السلام): “... وعندنا مصحف فاطمة (ع) أما والله ما فيه حرف من القرآن ولكنه إملاء رسول الله و خط علي “[36] هذه الروايات الثلاث تخالف الروايات المستفيضة المتقدمة في حقيقة مصحف فاطمة، حيث ذكرت أنه “إملاء رسول الله” والثانية منها لا تخلو من تهافت حيث جعلته كلاماً من كلام الله انزل عليها، و في عين الحال جعلته من إملاء رسول الله (ص)، ولو كان من إملاء الرسول (ص) لما كان منزلاً عليها بل عليه. و الحاصل: أنه لابد من علاج هذه الروايات أو طرحها، والعلاج بأحد وجوه: 1-ربما كان من باب اشتباه الراوي أو الناسخ، حيث خلط بين الصحيفة الجامعة التي أملاها رسول الله (ص) علي علي (ع) وخطها بيمينه، و بين مصحف فاطمة الذي بينت الروايات أنه حدث الملك به فاطمة و كتبه علي (ع) خاصة كون الاثنين واردين معا في نفس النصوص المذكورة. 2- أن يكون المراد من رسول الله في هذه الأخبار الملك الذي كان يحدث فاطمة (ع) لا النبي (ص) (كما احتمله المجلسي). 3- كما يحتمل أن يكون مصحف فاطمة (ع) متضمناً لبعض المعارف التي تلقتها عن أبيها رسول الله (ص) بالاضافة إلي ما تقدم من الأمور التي كان يحدثها بها الملك، ولعل الرواية التي تذكر شمول المصحف المذكور لوصية فاطمة (ع) تقصد هذا. فيصح عندئذ أنه من إملاء رسول الله (ص) بهذا الاعتبار، والله أعلم.  و علي أي حال فهذا لايضر بمقصودنا، وهو نفي التهمة التي يتمسك بها المخالفون، حيث صرحت جميع الأخبار ـ بما فيها هذه الثلاثة المتقدمة ـ بنفي القرآنية عن مصحف فاطمة. في نهاية المطاف نذكر أن المصحف المذكور بقي عند أئمة اهل البيت عليهم السلام, يتوارثونه مع بقية الكتب المتضمنة لعلوم الأنبياء و الرسل الماضين، و مع صحيفة الأحكام الجامعة التي أملاها رسول الله (ص) علي علي (ع). المهم هو الاشارة إلي أن مصحف فاطمة كبقية الصحف و الكتب لم تنتقل إلي غيرهم (عليهم السلام) ولم تصل إلي شيعتهم، وليس هناك أي واقع لما يدعيه افتراء بعض الكتاب من كون هذا المصحف متداولاً في بعض مناطق الشيعة، لا في بلاد الحجاز ولا في غيرها، والمؤسف أن أصحاب هذه الأقلام يطلقون العنان لأقلامهم دون تدبر ولا تثبت، ويأخذون معلوماتهم من العوام، و يصدقون كل مقولة للطعن و التشنيع، فيثبتونها في كتبهم لتصبح بعد ذلك مصادر يعتمد عليها المأجورون والساعون إلي تفريق المسلمين وزرع الفتن بينهم. [37]

7