المراد من الفكرالإسلامي
ما المراد من الفكر، والفكر الإسلامي بالذات؟
سيكون الجواب ضمن الفقرات التالية: 1ـتعريف الفكر. 2ـالتفكير الاسلامي. 3ـالفكر الاسلامي. 4ـمصادر الفكر الاسلامي. 5ـخصائص الفكر الاسلامي. 1ـتعريف الفكر: من يراجع قواميس اللغة و الدراسات المنطقية و العلمية التي عرفت الفكر و تحدثت عنه، يجد انّ للفكر تحديدا واضحا و تعريفا دقيقا في هذه الدراسات و العلوم و من المفيد هنا أن نعرض عدّة تعاريف للفكر كما وردت لبعض اعلام الفكر و العلم و اللغة : قال الراغب الاصفهاني: «الفكرة قوّة مطرقة للعلم إلي المعلوم و التفكّر جولان تلك القوّة بحسب نظر العقل، و ذلك للانسان دون الحيوان و لا يقال إلاّ فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب». و لهذا روي: " تفكروا في آلاء اللّه، و لا تفكروا في اللّه، متّرها أن يوصف بصورة" قال تعالي: ( َذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون )[1]و رجل فكير: كثير التفكير. قال بعض الأدباء: «الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني و هو فرك الأمور و بحثها طلبا للوصول إلي حقيقتها»[2] و قال ابن منظور: «الفكر اعمال الخاطر في شيء»[3] و عرّف المرحوم الشيخ عبّاس القمي الفكر بقوله: «إعلم انّ حقيقة التفكر طب علم غير بديهي من مقدمات موصلة إليه، و قيل التفكر سير الباطن من المبادئ الي المقاصد و هو قريب من النظر، و لا يرتقي أحد من النقص الي الكمال إلاّ بهذا السير[4] و عرف الشيخ محمد رضا المظفر الفكر بقوله: «تعرف مما سبق انّ النظرـالفكرـالمقصود منه إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلي المطلوب» و المطلوب هو: العلم بالمجهول الغائب و بتعبير آخر أدق: انّ الفكر هو حركة عقلية بين المعلوم و المجهول[5] و هكذا يضع هذا الفريق من الأعلام بين أيدينا الايضاح و التعريف للكلمة(الفكر و التفكر) و هكذا تتضح حقيقة التفكر، و تشخيص معناها و بأنها: حركة عقليه و قوّة مدركة يكتشف الانسان عن طريقها القضايا المجهولة لديه والتي يبحث عنها و يستهدف تحصيلها، فتنمو معارفه و علومه و أفكاره في الحياة. نخلص من ذلك إلي نتيجة هامة و هي: ان الاسلام حينما دعا إلي التفكر انّما دعا الي العلم و المعرفة و اكتشاف قوانين الفكر و الطبيعة و المجتمع و الحياة و بذلك اعطي الحياة و الحضارة و المعرفة الاسلامية صفة الحركية، و هي سر النمو و التطوير و الفاعلية و البقاء المؤثر في مسيرة البشرية، كما انها حصانة من السقوط و التوقف و الغياب التاريخي. 2ـالتفكر الاسلامي: و إذا كان هذا هو التفكر بصورة عامة، و ان نتاج عملية التفكر و محصلته العلمية يمكن أن نسميها(الفكر) فلنقف إذا عند قضية أساسية في حياة الأمة الاسلامية و أجيالها المتعاقبة و في حياة البشرية، و هي قضية التفكر الاسلامي) و(الفكر الاسلامي) و ماذا نقصد بكل منها: أ ـ التفكير الاسلامي: و بناء علي ما قدمنا من تعاريف للفكر و التفكر نأتي هنا فنعرّف التفكير الاسلامي و بما انّ لكلّ عمل عقلي و نشاط فكري و منهجه و منطلقاته و أهدافه، و بما انّنا قد فهمنا انّ التفكير حركة عقلية تبدأ من المعلوم لتنتهي إلي اكتشاف المجهول، فإذن انّ هذه الحركة العقلية إذا ما مارست دورها في مجال المعارف الانسانية كالفلسفة و التشريع و علم الاخلاق و التوحيد و نظريات الاقتصاد و السياسة و الأدب و علم النفس الاجتماعي و فلسفة التاريخ...الاخ ستمارس عملها كالآتي: 1ـتنطلق من مبادئ و مقدمات محدودة المعالم حسب المجال الفكري الذي تتحرك فيه. 2ـتسير وفق منهج و طريقة معينه تتناسب و نظرة المفكر و طريقيه في التفكير. 3ـتنتهي إلي نتائج فكريّة محدودة الصفة و الهوية. فان كانت هذه العملية الفكرية تنطلق من منطلقات و مقدمات فكرية إسلامية أو منسجمة مع الخط الاسلامي و سارت وفق منهج تفكير إسلامي، و استهدفت تحصيل نتائج وفق هذه المقدمات و طريقة التفكير التي اعتمدتها، مستهدفة الحصول علي نتائج فكرية ذات طابع و هوية إسلامية، سيكون هذا التفكير تفكيرا اسلاميا و أما إذا لم يجر التفكير وفق تلك المبادئ الاسلامية الثلاثة، فلن نصفه بأنه تفكير إسلامي، لأنه انطلق من مقدمات غير إسلامية و تحرك وفق منهج تفكير غير إسلامي، و انتهي بصورة حتمية إلي نتائج غير إسلامية. و إذا نستطيع أن نعرّف التفكير الاسلامي بأنّه: «كل حركة عقلية تجري علي أسس إسلامية مستهدفة تحصيل فكر إسلامي ملتزم» ب: الفكر الاسلامي: و بعد أن عرفّنا التفكير الاسلامي نستطيع أن نعرّف الفكر الإسلامي بأنه : (مجموعة العلوم و المعارف القائمة علي أسس و موازين إسلامية) و بهذا يكون الفكر الاسلامي: (هو ما انتجه التفكير الاسلام الملتزم بالأسس و الموازين الاسلامية). و هكذا ننتهي إلي نتيجة أساسية في مسألة تحديد هوية و صفة الفكر و الثقافة و الحضارة و المعرفة و وصفها بانها اسلامية أو غير اسلامية، فليس كل ما أنتجه المسلمون يصح أن نصفه بأنّه اسلامي، انما يوصف الفكر الملتزم بالاسلام فقط بأنّه إسلامي و تنطبق هذه الحقيقة علي كل انتاج فنّي و أدبي أيضا كما انطبقت علي كل إنتاج فكري فلا نسمّي الأنتاج الأدبي بأنّه ادب اسلامي إلاّ إذا كان أدبا ملتزما بالقيم و الموازين الاسلامية، و حاملا طابع الاسلام و روحه و كذلك لا نسمّي كل فنّ انتجة الفنّانون المسلمون فنّا إسلاميا إلا إذا كان فنا ملتزما بالقيم و الموازين الاسلامية و معبرا عنها.قال تعالي:( صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَ نَحْنُ لَهُ عابِدُونَ )[6] مصادر الفكر الاسلامي: يحدد المصدر الذي تؤخذ منه الافكار و المفاهيم و المبادئ و القيم طبيعة الفكر و هويته و خصائصه و قدرته علي النمو و العطاء و التأثير و الفاعلية، و بقدر ما تكون حيّة و غنية و متماسكا في بنيته و وحدته العضوية، و يمتاز الفكر الاسلامي بانه فكر يصدر عن منابع و مصادر ثرّة غنية أكسبته كل عناصر القوة و الابداع و النمو المستمر. و مصادر الفكر الاسلامي يمكننا أن نقسمها إلي قسمين هما: 1ـمصادر أولية، و هي: ا : الكتاب. ب: السنة . ج : العقل. د: الاجماع. مصادر ثانوية و تشمل: ا: آراء الفقهاء . ب: آراء المفكرين الاسلاميين الملتزمين. فالباحث و المفكر الاسلامي إذا ما أراد البحث في نظرية سياسية أو اقتصادية أو مسألة حضارية أو غير ذلك، يستطيع بالرجوع إلي القرآن و السنة و الفقه و أصوله و قواعده و دراساته التحليلية و ما انتج الباحثون و المفكرون في مجال الفلسفة و الكلام و علم الاخلاق ان يحصل علي مادة فكرية و أسس و ضوابط علمية و منهجية لتنظير و معالجة القضايا و المشاكل الحضارية المختلفة بشكل يوفّر له الالتزام و الاصالة الرسالية و يمده بثروة فكرية لا تنضب. و اما خصائص الفكر الاسلامي فهي: 1ـالاتجاه العقلي. 2ـالسعة و الشمول. 3ـالفاعلية و الحركية. 4ـوجود المقياس و الضابط المحدد(الالتزام). 5ـالاصالة. 6ـالخصوبة و قابلية النمو. 7ـالوحدة و الترابط.