هل هناك فرق بين العدالة والوثاقة،وهل يشترط جميع علمائنا علي هذين الشرطين أم يكفي أحدهما للإستدلال بصحة الحديث؟
الوثاقة و العدالة: قال الشهيد الثاني: قوله ( هو عدل أو ثقة ): إن هذه اللفظة [ثقة] و إن كانت مستعملة في ابواب الفقه اعمّ من العدالة، لكنّها هنا في علم الرجال ـ لم تستعمل الاّ في معني العدل، بل الاغلب استعمالها خاصّة.
و قال الشيخ جعفر السبحاني في تفسير كلمة [ثقة]: و هذه اللفظة كثيرة الدوران في الكتب الرجالية و قد عرفت تنصيص الشهيد علي كونها صريحة في العدل، و قال المامقاني: إنّ هذه اللفظة حينما تستعمل في كتب الرجال مطلقاً من غير تعقيبها بما يكشف عن فساد المذهب يكفي في إفادتها التزكية المترتب عليها التصحيح باصطلاح المتأخرين، لشهادة جمع باستقرار اصطلاحهم علي ارادة العدل الامامي الضابط من قولهم [الثقة] ثم قال الشيخ السبحاني:
يقع الكلام في دلالة لفظ [ثقة] علي امور ثلاثة:
1 ـ كونه ضابطاً.
2 ـ كونه اماميّاً.
3 ـ كونه عادلاً بالمعني المتّفق عليه.
اما الأوّل: فلا شك في دلالتها عليه.
و اما الثاني: كونه دالاً علي ان الرجل امامي، فمشكل.
و اما الثالث: فقد فصّل فيه الشيخ بين العدالة بالمعني الاخص و العدالة بالمعني الاعم و قال: و اما العدالة بالمعني الاعمّ فيمكن استظهارها بأن الرجاليين تارة يصفون الراوي بانّه ثقة، و اخري بأنّه ثقة في الحديث، فيمكن ان نقول: انّه إذا وصف بالوثاقة علي وجه الاطلاق ـ إي من دون حصرها بالحديث ـ يُقصد منه التحرّز عن الكبائر و عدم الاصرار علي الصغائر علي ما يوحي اليه مذهبه، بخلاف ما اذا وصف بأنّه ثقة في الحديث فهو يعرب عن انّه متحرز عن الكذب دون سائر المعاصي[1] ثم ان علماءنا يشترطون الوثاقة، حتي اذا كان الراوي فاسد العقيدة و في هذا المجال يقول السبحاني: و اما اشتراطها ـ اي العدالة ـ بمعني عدم قبول رواية غير العدل فهو المشهور[2] و خيرة المعارج و النهاية و التهذيب و غيرها، و قال الشهيدان: عليه جمهور أئمة الحديث، و أصول الفقه، و خالفهم الشيخ في عدّته و انّ قول من يوصف بتحرّزه عن الكذب هو الحجة. قال: فامّا من كان مخطئاً في بعض الافعال أو فاسقاً بافعال الجوارح و كان ثقة في روايته، متحرّزاً فيها، فانّ ذلك لا يوجب ردّ خبره، و يجوز العمل به لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، و انّما الفسق بافعال الجوارح يمنع من قبول شهادته، و ليس بمانع من قبول خبره و لأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم.[3]
ثم نقل الشيخ السبحاني مناقشة المحقق في كتابه المعارج ص 91 و كذلك مناقشة صاحب المعالم، ثم قال في ردّ المناقشة: و المناقشة في غير محلّها فانّ انكار عمل الطائفة بأخبار غير العدول لا ينطبق علي الواقع.[4]