قال تعالي (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) . من هم أولي الأمر؟؟ هل هم الحكام ؟ أم الأئمة الأثنا عشر؟ أم من؟ و سؤالي هو : أذا كان أولوا الأمر هم الأئمة الأثنا عشر , فكيف يقول الله في تكملة الآية : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ وَ الرَّسُولِ )..و لم يقل الي اولي الأمر أيضا؟.و هذا ان دل فهو يدل علي عدم عصمة الائمة. فما هو رأيكم؟ لأن عدم الرجوع الي الأئمة يعني في أحتمال أن يخطؤا؟ أرجوا أن تفيدوني بالأجابة؟
الأسئله المطروحة فيمكن ترتيبها بالنحو التالي:
س 1: هل الآية تدل علي عصمة اولي الأمر؟
س 2: كيف نعالج ما ورد في ذيل آلآية (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللَّهِ وَ الرَّسُول ) الذي يظهر منه دلالته علي عدم عصمة اولي الأمر؟
س 3: من هم اولوالأمر الذين اشارت اليهم الآية؟
جواب السؤال الاول:
نعم الآية تدل علي عصمة اولي الأمر و نحن هنا نذكر كلام الفخرالرازي حيث قرب الفخر الرازي دلالتها علي عصمة أولي الأمر في تفسيره لهذه الآية بقوله: «ان الله تعالي أمر بطاعة أولي الأمر علي سبيل الجزم في هذه الآية، و من أمر الله بطاعته علي سبيل الجزم و القطع لابد و أن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير اقدامه علي الخطأ، يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي الي اجتماع الأمر و النهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، و انه محال، فثبت ان الله تعالي أمر بطاعة أولي الأمر علي سبيل الجزم، و ثبت ان كل من أمر الله بطاعته علي سبيل الجزم وجب ان يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لابد و ان يكون معصوماً»[1]
ولكن الفخر الرازي خالف الشيعة في دعواهم في ارادة خصوص ائمتهم من هذه الآية و قرب ان يكون المراد منها أهل الاجماع بالخصوص.ونحن لسنا بصدد الرد عليه في هذا الامر.
واما جواب السؤال الثاني:
و هو عدم ذكره لأولي الأمر في وجوب الرد اليهم عند التنازع بل اقتصر في الذكر علي خصوص الله والرسول، و هذا الاشكال أمره سهل لجواز الحذف اعتماداً علي قرينة ذكره سابقاً، وقد سبق في صدر الآية ان ساوي بينهم و بين الله والرسول في لزوم الطاعة، ويؤيد هذا المعني ماورد في الآية الثانية (وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَي الرَّسُولِ وَ إِلي أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم)[2].
جواب السؤال الثالث: صحيح ان الآية تثبت العصمة لاولي الأمر الا أنها لاتثبت من هم اولوا الأمر، و ذلك لأن القضية لاتثبت موضوعها، فهي لاتعين المراد من اولي الأمر و هل هم الائمة من اهل البيت او غيرهم؟
الّا ان هذا الاشكال سهل الدفع و ذلك لاننا نحن معاشر الشيعة لانستدل بهذه الآية علي اكثر من قضية العصمة فقط، و اما تحديد المصداق و من هم أهل البيت فلنا في ذلك ادلة اخري، منها: عمل الرسول (ص) حيث كان يقف علي باب علي و فاطمة، و هو يقرأ: ( إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرا )[3] تسعة أشهر و هي المدة التي حدث عنها ابن عباس، كافية لئن تعرف الأمة من هم اهل البيت، ثم يشاهدونه و قد خرج الي المباهلة و ليس معه غير علي و فاطمة و حسن و حسين، و هو يقول: " اللهم هؤلاء أهلي" [4]
و أحاديث الكساء المعروفة و التي في بعضها من إقصاء حتي لزوجته أم سلمة، ما يغني عن إطالة الحديث في التعرف علي المراد من اهل البيت علي عهده، وأحاديثه علي اختلافها يفسر بعضها بعضاً، و يعين بعضها المراد من البعض.
علي أنا لانحتاج في بدء النظر الي اكثر من تشخيص واحد منهم عليهم السلام يكون المرجع للقيام بمهمتة من بعده، و هو بدوره يعين الخليفة الذي يأتي بعده و هكذا ... المزید وليس من الضروري ان يتولي ذلك النبي بنفسه إن لم نقل أنه غير طبيعي لولا أن تقتضيه بعض الاعتبارات.
و من هنا احتجنا الي النص علي من يقوم بوظيفة الإمامة، لان استيعاب السنة والاحكام الشرعية و طبيعة الصيانة لحفظها التي تستدعي العصمة لصاحبها والعاصمية للآخرين، ليست من الصفات البارزة التي يدركها جميع الناس ليتركها الرسول (ص) مسرحاً لاختيارهم و تميزهم، ولو أمكن تركها لهم في مجال التشخيص فليس من الضروري أن يتفق الناس علي أختيار صاحبها بالذات مع تباين عواطفهم وميولهم.
وطبيعة الصيانة والحفظ ومراعاة استمرارها منهجاً و تطبيقاً في الحياة تستدعي اتخاذ مختلف الاحتياطات اللازمة لذلك.
ولقد أغنانا (ص) حين عين عليا عليه السلام في نفس حديث الثقلين و سماه من بين أهل بيته لينهض بوظائفه من بعده، و مما جاء في خطابه التاريخي في يوم غدير خم، و هو ينعي نفسه لعشرات الالوف من المسلمين الذين كانوا معه: « كأني قد دعيت فأجبت، اني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما اكبر من الآخر: كتاب اللّه و عترتي، فانظروا كيف تخلفونني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله عزوجل مولاي، و أنا مولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي، فقال : من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه" [5]
ثم قال في مرض موته بعد ذلك مؤكداً: « أيها الناس يوشك أن اقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي، وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم الا أني مخلف فيكم كتاب ربي عز وجل وعترتي اهل بيتي ثم اخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا علي مع القران والقرآن مع علي، لا يفترقان حتي يردا علي الحوض فأسألهما ما خلفت فيهما »[6]
علي أن الاحاديث الدالة علي عصمته كافية في تعيينه، أمثال قول (ص):« علي مع الحق، و الحق مع علي يدور معه حيثما دار »[7]
و قوله (ص) لعمار: « يا عمار، إن رأيت علياً قد سلك وادياً و سلك الناس وادياً غيره، فاسلك مع علي ودع الناس، إنه لن يدلك علي ردي ولن يخرجك من هدي "[8] و قوله (ص): « اللهم أدر الحق مع علي، حيث دار "[9] الي غيرها من الأحاديث.
ولكن اذا كانت هذه الأحاديث التي مرت تعين علياً و ولديه، فما الذي يعين بقيه الائمه من أهل البيت؟
هناك روايات مأثورة لدي الشيعة و أخري لدي السنة، يذكرها صاحب الينابيع و غيرها، تصرح بأسمائهم جميعاً. [10]
ولكن الروايات التي حفلت بها الصحاح و المسانيد لاتذكرهم بغير عددهم.
ففي رواية البخاري عن «جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي (ص) يقول: يكون اثنا عشرأ أميراً، فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش "[11]
و في صحيح مسلم بسنده عن النبي (ص): « لا يزال الدين قائماً حتي تقوم الساعة او يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش [12]
و في رواية أحمد عن مسروق، قال: « كنا جلوساً عند عبدالله بن مسعود و هو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبدالرحمن هل سألتم رسول الله (ص) كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبدالله: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله، فقال: اثنا عشر كعدة نقباء بني اسرائيل [13] و في نظير هذه الأحاديث مع اختلاف في بعض المضامين، حدث كل من أبي داود، والبزار، والطبراني[14].و غيرهم، و طرقها في هذه الكتب كثيرة و بخاصة في صحيح مسلم و مسند احمد.[15]