انا انسان كبلتني خطاياي واقعدتني ذنوبي عن طاعة الله تعالي فأنا المذنب المقصر الذليل للذنوب، ابتليت بذنوب بيني وبين الله تعالي لايعلمها الا هو، وتوجد عندي نفس لوامة وضمير حي اتمني منكم مساعدتي في رسم طريق يوصلني الي شاطئ الناجاة والابتعاد عن الذنوب والتلبس بالتقوي والورع لاتقصروا في ارشادي والدعاء لي بالتوفيق والهداية جزاكم الله خير الجزاء وفقكم الله لكل خير.
ان وجود الضمير الحي هو بارقة أمل قوية في امكان التغلب علي حالة الانحراف التي قد يبتلي بها جميع الناس الا من عصم الله تعالي. كما ان لابد ان تعلم ان كل انسان يحمل بين جنبيه حالة الخير و حالة الشر (وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْن) [1] وقوة الانسان تكمن في هذه النقطة بالخصوص، فانه رغم حمله امكانية الانحراف و الانجراف و راء المادة و الغرائز و الشهوات الا انه و من خلال منهج معين يستطيع ان يغلب عامل الخير علي عامل الشر في شخصيته. ولكن لو قدر لهذا الانسان ان لاينجح في اول الطريق و ان يكبو جواده امام المغريات و الشهوات. فهل يعني هذا انه وصل الي نهاية الطريق ام لا؟ او انه مازال يوجد امل بالعودة الي الله ثانية و الي طريق الصالحين؟
الواقع ان الاسلام الحنيف من خلال القرآن و السنة المطهرة و عمل الرسول (ص) و اهل بيته عليهم السلام و توجيهاتهم في هذا الخصوص يتبين لنا ان الطريق لم يغلق امام الانسان مهما عظم ذنبه حيث قال تعالي: ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعا) [2] نعم استثني ذنبا واحدا هو الشرك بالله فمن مات مشركاً فلا يغفرله.
اذا عرفنا هذا، و عرفنا ان الطريق مازال مشرعاً امامنا فهذا بنفسه عامل قوة و احياء للامل في النفس الانسانية.
ثم اذا علمنا انا الذنب الذي نرتكبه قد يكون سبباً لاعادة العلاقة مع الله تعالي علي قوتها، و اننا بعد التوبة نكون في زمرة الذين يحبهم الله تعالي ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابين )[3] فحينئذ ندرك مدي الرحمة الالهية و الحنان الالهي، حتي ان الرسول (ص) يقول في هذا الخصوص عندما رأي (ص) اماً تحمل طفلها قال لاصحابه: " و الذي نفسي بيده إن الله تعالي أرحم بعبده من الوالدة المشفقة بولدها "[4] .
و نحن اذا طالعنا التاريخ نجد ان هناك الكثير من الناس ممن ارتكب ذنوباً عظيمه بحيث لوقيست بالمعايير الدنيوية لما وجدنا لها مبرراً او منفذاً الا ان الائمة عليهم السلام بينوا لنا ان هذه الذنوب علي عظم امرها لا تساوي شيئا امام الرحمة الالهية
وانت تلاحظ كيف فتح الاسلام الطريق امام من حارب الله وسوله صلي الله عليه واله وسلم و هذا الذنب الكبير لايقاس به ذنب ومع ذلك نجد الرحمة الالهية تشمل مثل هؤلاء المجرمين والقتلة!!
فانظر ايها الاخ الكريم الي عظمة الرحمة الالهية.
اذا عرفت ذلك لم يبق امامك الا التوكل علي الله وان تبدأ بالعمل الصالح و اعلم انك حينئذ تبدأ و صحيفتك خالية من كل ذنب لان " التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَه "[5] فلا تشعر بعقدة الذنب و توكل علي الله و تب الي الله توبة نصوحة و انت يا اخي تائب فعلاً و هذا ما يظهر من خلال طيات السؤال. و بقي عليك ان ترسم لك طريقاً يبعدك عن العودة الي الذنب.
و هذا الطريق يتمثل في:
الشعور بالرقابة الالهية، اعلم ان الله يراقبك في كل شيء.
الشعور بالمعية الالهية، اعلم ان الله معك و لايتركك لوحدك.
الشعور ان الانفاس القدسية للرسول الاكرام و ائمة الهدي و خاصة صاحب الامر (عج) هي المعين لك في الدنيا و الآخرة من خلال التمسك بنهجهم و اتباع وصاياهم و ارشاداتهم.
الاهتمام بالقرآن الكريم اهتماماً خاصاً و خاصة الآيات التي تتحدث عن النار و الجنة.
عليك ان تعيش حالة الخوف من الله و حالة الرجاء منه، فلا تعش حالة الخوف وحدها فتيأس ولا حالة الرجاء وحدها فتتكل ولاتعمل.
عليك بالعبادات و اقامة الواجبات و الاتيان بالمستحبات.
الاهتمام بصلة الرحم و بر الوالدين خاصة.
الاهتمام بلقمة العيش و السعي ان تكون من الحلال الطيب.
قراءة تاريخ حياة الصالحين.
اختيار الصديق الصالح.
هذه وصايا عشر نقدمها لك و نسأل الله تعالي لك السداد و الخير انشاء الله تعالي.