منذ سنتين

هل يجب تحصيل اليقين الفلسفي؟ وما هو سبب الاختلاف بين الفلاسفة والمتكلمين؟

من المشهور القول بأنّ أصول الدّين لا يجوز التقليد فيها بل يجب تحصيل اليقين بها شخصيّاً , بينما فروع الدّين يجوز تقليد المجتهد فيها. وهنا يطرح عدة أسئلة 1- هل اليقين الذي يجب تحصيله هو يقين قلبي بصحتها؟ أو اليقين العقلي الذي لا يمكن تحصيله أحياناً إلا بدراسة الفلسفة ؟ 2 - كيف نفسر اختلاف المتكلمين الشيعة في بعض المسائل و اختلاف الفلاسفة و المتكلمين في مسائل أخري؟ أو لا تعتبر هذه الأمور من العقيدة؟ 3 - أمام الاختلاف في هذه المسائل ماذا يفعل المكلف ؟ خصوصاً إذا لم يكن من أهل الفلسفة و الكلام و الخوض في هذه الأمور, فهل يلجأ إلي تقليد من تتحقق عنده أعلميته بينهم أم ماذا؟ و كأمثلة عن هذه المسائل: الولاية التكوينية , تجسم الأعمال و غيرها... و جزاكم الله عنا كل خير؟


الملاحظة الواضحة في الفكر الاسلامي انه  مبني علي ركيزتين: الاولي: الواقعية بمعني انه ياخذ بنظر الاعتبار كل ابعاد الانسان التكوينية والخارجية .ثم يرتب الاحكام وفقا لها. الثانية: السهولة واليسر فقد ورد عن الرسول الاكرم (ص) انه قال: " بَعَثَنِي بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَة "[1] اذا عرفنا ذلك يكون من غير المنطقي ان يكلف الله الانسان بامر هو خارج عن حدود طاقاته وقدراته وقد قال سبحانه وتعالي: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها )[2] من هنا نقول: ان الله اودع في الانسان الفطرة السليمة التي اذا سلمت من قتام العقائد والعادات المكتسبة من المحيط والبيئة فلاريب انها تاخذ بيد الانسان الي طريق الهداية ( ً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتي‏ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها )[3] من هنا يري العلماء ان الانبياء بعثوا ليوجهوا الادراكات  الفطرية اللطيفة. قال امبر المؤمنين عليه السلام: " ِ فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ وَ يُرُوهُمْ آيَات المق درة.... ‏ ". [4] اضف الي ذلك ان تكليف الناس بتحصيل المعارف الفلسفية المعقدة والتي تحتاج الي كفاءات ذاتية متميزة وذهنيات وقادة مثل ابن سينا وابن رشد وصدر التالهين وغيرهم من الفطاحل وتحتاج الي بذل جهد وزمن طويل فان ذلك غير ممكن عادة وانه يؤدي الي اختلال حركة الحياة ومسيرة الانسان التي لايرضي بها الاسلام قطعا. اما لماذا الاختلاف؟ وماذا نفعل؟ الاختلاف امر طبيعي لاختلاف الكفاءات من جهة ولاختلاف بعض المباني من جهة اخري. ومن حسن الحظ ان الفلاسفة والمتكلمين المسلمين لم يختلفوا في الضروريات التي يسل الانسان عنها مثل وجود الباري وتوحيده والنبوة والمعاد. اما هل صفاته عين ذاته ام زائدة عليها؟ او هل النبي يسهو ام لا؟ او هل يمكن اعادة المعدوم ام لا؟ وغير ذلك من البحوث مثل الولاية  التكوينية وغيرها فلاتقع  محلا للسؤال والمسائلة.