منذ سنتين

أخذ روح النّص وعنصري الزمان والمكان والمنهج الكلامي بعين الإعتبار في الاستنباط

أليس من المفروض من خلال النّظر إلي كافّة النصوص المتعلّقة في التشريع الأقدس أخذ روح النّص بعين الإعتبار خاصة في الاحكام التي قد يظهر منها الظلم والحيف علي طرف معين مثلا: لو أكره الزوج زوجته علي الطلاق فنري الحكم الشرعي يقول بعدم جواز أخذ المرأة حقّها علماً أنّ المرأة ظلمت هنا مرّتين الاولي:عندما سلخت عن الرابطة الزوجيّة لدواع في نفس يعقوب. والثانية: منعها حقّها من المهر والنفقة. بل يحقّ للزوج المطالبة بفدية علي اعتبار كون المرأة كارهة بحسب الظاهر؟


ان الموضوع المطروح حساس ومهم للغاية ولابد ان ينظر اليه من اكثر من زاوية ومن اكثر من بعد، ومن هذه الابعاد: 1- تاثير عنصري المكان والزمان في الاستنباط. 2- التفاعل بين المنهج الفقهي والمنهج الكلامي (العقائدي). 3- امكانات الفقيه الذاتية، ومواهبه الشخصية، ومدي تفاعله مع الواقع. وبعبارة اخري: مدي ادراكه للحالة الاجتماعية والنفسة للمجتمع، وغير ذلك من البحوث. اما بالنسبة للنقطة الاولي: لاريب ان لعنصري الزمان والمكان مدخلية في الاستنباط ، ولكن الي اي مستوي؟ خلاصة الجواب -لان البحث ذو ابعاد كثيرة-: ان عنصري الزمان والمكان لايتدخلان في اصل الحكم ، لماذا؟" لان حرام محمد حرام حرام الي يوم القيامة وحلاله حلال الي يوم القيامة" ولكن يكون التغيير في الموضوعات والمناهج وغير ذلك مما لايمس كرامة الحكم الشرعي بسوء، مثلا : كان بيع الدم محرما، لان الفائدة كانت منحصرة في الاكل، واكل الخبيث محرم بالنص، اما اليوم ومع تطور التكنولوجيا الطبية قد اصبحت للدم فوائد اخري، من هنا نري الفقهاء اجازوا بيعة والتعامل به، وكذلك الامر بالنسبة الي اعداد السلاح وتهيئة الجيوش، او توفير محاكم الاستئناف وغير ذلك. اذا الفقهاء لايأبون ان يتعاملوا مع الواقع اذا كان هناك فسحة ومجال للتعامل والمرونه بحيث تبقي الثوابت مصانة.  اما بالنسبة للنقطة الثانية: لاشك انه لابد من التفاعل بين المنهجين الفقهي والكلامي، ولابد ان تلحظ المسائل من بعدها العقائدي ايضا، فعلي سبيل المثال: اذا آمنا ان التشريع حق منحصر بالله سبحانه ولايشاركه فيه احد مهما كان ولو كان نبيا!! فضلا عن الفقيه، وان الفقيه ليس له الا دور المستنبط والكاشف لاغير، وعلمنا ان الله تعالي حكيم قد وضع الامور في نصابها وانه يعلم المصالح والمفاسد للاحكام، وان الطريق الي تحصيل تلك الاحكام منحصر بالنص "الآيات والروايات" هنا نري الفقيه لايجرؤ علي التلاعب بالنص او يعمل خلاف الظاهر لمجرد استحسانات عقلية ظنية، نعم لو وصلت الي درجة اليقين هنا نري الفقيه يتحرك ويفتي كما اذا ورد النص بان الخمرة حرمت لاسكارها، فلاريب نجد الفقيه يفتي بحرمة كل مسكر، اذا الفقيه ليس مبسوط اليد بحيث يعمل ماشاء ويقول ما اراد. نعم لابد من الاعتراف ان هذا الباب التفاعل بين المنهج الكلامي والفقهي لم يدرس في الاوساط العلمية بصورة مفصلة ودقيقة، نعم هناك اشارات في مطاوي البحوث، والكتاب الوحيد الذي كتب في هذا الاطار هو كتاب" مباني كلامي در اجتهاد" باللغة الفارسية ويمكن تعريبه بالعنوان التالي " الاسس الكلامية في الاجتهاد " ولاريب ان هذا الباب لو درس وتوسع فيه يكون له اثر فاعل في التحو ل الاجتهادي.  اما المسالة الثالثة: فلاريب ان لكفاءات الفقيه الذاتية دورا اساسيا في الاستنباط، ولهذا نجد التفاوت بين المبدعين من الفقهاء وغيرهم، ولكن مع هذا نعتقد انه مع تعقد الامور وكثرة البحوث المستجدة، انه لابد من وجود المستشارين من ذوي الاختصاص الي جانب الفقيه تكون مهتهم تنقيح وبيان الموضوعات علي النحو الاكمل، مثلا: لاريب ان الربا محرم، ولكن كان الربا في عصر النص يجري بطريقته البدائية البسيطة حيث يتم بين شخصين او اكثر، ولكن اليوم اصبحت ظاهرة البنك والمصارف وتعقيداتها، هنا لابد ان يعرف الفقيه كل ابعاد القضية وتعقيداتها ليصدر الحكم، وهكذا الامر في مسالة التناسخ البشري، او المعاهدات الدولية وغير ذلك الكثير الكثير، اذا الفقيه بحاجة الي لجنه استشارية مهمتها بيان الموضوعات، ويبقي علي الفقيه ان يقرر الحكم وفقا للقواعد والاصول والمباني. اما ما تفضلت به من المثال حول المرأة ، نعتقد انه يبحث من جانبين: الاول: ان القضية واضحة جدا حيث اراد الاسلام– ولمصالح – ان يحدد الطلاق بيد طرف واحد وهو الرجل الا في بعض حالات الاشتراط، وهذا في الواقع مراعاة للصالح العام، صحيح انه قد تظلم في هذا المجال بعض النساء، ولكن في المقابل هناك الكثير الكثير من الاسر تبقي مصانة ومحفوظة من خطر الانفصال، ولانريد ان ندخل هنا في بحث نفسية المرأة وعاطفتها، بل ننظر للقضية من باب المحاسبات الرياضية فعلي سبيل المثال لو فرضنا انه تقع في مدينة واحدة 1000 حالة اختلاف عائلية، يكون في 500 منها الزوج مقصرا وفي ال 500 الاخري الزوجة مقصرة وتصل من بين هاتين المجموعتين 400 حالة الي الرغبة في الانفصال، فاذا اعطينا الحق  للزوجين معا في الطلاق لاشك ان الطلاق سيشمل ال 400 حالة جميعا، ولكن لو حددناه بطرف واحد لوقعت 200 حالة علي اكثر تقدير، علما ان من الثابت في بحوث علم النفس والاجتماع ان من اخطر المشاكل الاجتماعية مشكلة الطلاق وما تفرزه من تبعات ومشاكل. مع الانتباه الي ان كلامنا هذا مجرد محاسبة لبيان جانبا من الحكمة، والا فنحن ملزمون بالتعبد بالنص الذي حصر الطلاق بيد الرجل، مع علمنا القطعي ان الله تعالي الذ ي شرع الحكم لايقول جزافا. الخلاصة : اذا دار الامر بين المهم والاهم قدم الاهم. اما الجانب الثاني: انه صحيح ان المرأة قد تظلم في هذه الحياة ولكن هذا لايعني ان حقها ضاع بالكامل، بل سيبقي الشارع يلاحق الرجل من ناحية انه اجرم بحق انسان ولابد ان ينال عقابه الاخروي الذي هو اشد وأخزي. علما ان المسالة معالجة من الناحيةالفقهية ايضا حيث يقول الامام الخميني قدس : لو اساء الرجل معاملة زوجته يمنعة الاسلام، وان لم ينصاع للامر الشرعي يقام عليه الحد، وان لم يرعوي ايضا يقوم الحاكم الشرعي بطلاق الزوجة.[1]