النهي عن مخالطة الأكراد وعلاقته بالدعوة إلي القومية والطبقية
أليس في النهي عن مخالطة الأكراد دعوة إلي القومية والعنصرية؟ وما معني أن يكون الأكراد قوما من الجن؟ أليسوا هم من البشر؟ أليس في النهي عن معاملة المحارف ومن لم ينشأ في الخير دعوة إلي الطبقية وإيجاد فاصلة بين الأغنياء والفقراء؟ ولماذا تميز الرواية بين أفراد البشر، بين ذي العاهة وغيره فإن الله عز وجل خلق ذا العاهة بهذا الشكل أو أنه أصابته مصيبة لم يتدخل بها فجعلته كذلك، فما شأن ذلك في مسألة التعامل معه، ونحن نري في كثير من أصحاب الأئمة ممن كان ذا عاهة؟
الحقيقة ان الاسئلة المثارة اسئلة تستحق الوقوف عندها، وامعان النظر فيها، ونحن انطلاقا من احساسنا باهمية المسالة وقيمة الاسئلة نحاول ان نلقي الضوء علي بعض جوانب القضية من اكثر من بعد منها:
1- ان وجود رواية او روايتين في التراث الحديثي لايعني انها تمثل الموقف الاسلامي، لان الروايات منها الضعيف ومنها غير الضعيف ومنها المؤول ووو.
2- ان رأي الفقيه او فتواه لايعني انها تكون صحيحة، فالفقيه قد يخطا في حكمة، وما العصمة الا لله سبحانه ولمن عصمة وهم الرسول الاكرم وأهل بيته عليهم السلام جميعا، نعم ان كلام الفقيه حجة عليه وعلي من يقلده، اما انه مصيب دائما فلانقول به نحن الشيعة، ولذلك يطلق علينا في علم اصول الفقه مصطلح (المخطئة) اي الذين يقولون بامكان خطا الفقيه في استنباطه الحكم، فاذا اعتمد الفقيه الروايات المذكورة لايعني ان ذلك هو رأي الجميع ولايخالفه فيه احد أبدا، بل ان المراجع للبحوث الفقهية يجد الخلاف في الفتوي قائم علي قدم وساق حتي بين الاب وابنه كما حدث للكثير من الفقهاء الذين وفق الله ابناءهم لنيل درجة الاجتهاد، و ليس هذا بالامر العجيب.
3- ان الادلة الشرعية سواء كان آيات قرانية او كانت احاديث شريفة، لايمكن حملها علي ظاهرها اذا كان هذا الظاهر مخالفا لروح الشريعة، ولذلك اما ان تؤول او تطرح جانبا.
المسالة المهمة ايضا هي اننا لايمكن ان ناخذ النظرية الاسلامية بصورة مبتورة، و بعبارة اخري: ان النظرية الاسلامية للانسان والتساوي والعدالة وووو قد حددت في اكثر من آية ورواية بما لايبقي معه مجال للشك في النظرية الاسلامية، وهذا واضح لمن طالع التراث الاسلامي وسيرة الرسول الاكرم وأهل بيته عليهم السلام جميعا وكيف استطاع الاسلام ان يطرح نظرية متكاملة بجميع ابعادها وعلي جميع الاصعدة.
من هنا نخلص الي هذه النتيجة:
ان هذه الروايات اما مؤولة كما اذا حملنا هذه الروايات علي الاشارة الي واقع موضوعي وهو ان من يتصف بتلك الصفات لايمكن التعامل معه بالصورة الصحيحة لان في التعامل معة ﺁثارا سلبية سببها تلك الصفات، وهذا لايعني تحريم التعامل معهم ابدا.
او ان هذه الروايات ناضرة الي الثقافة الاجتماعية والاعراف والتقاليد الحاكمة علي شعب من الشعوب في برهة زمنية معينة، فاذا تغيرت تلك الحالة زال المحذور، وعادت الامور الي مجاريها، فلو ان انسانا استشارك في الزواج من امراة تعيش في بيئة متخلفة وعادات وتقاليد بالية، فهل تحبذ له ذلك الزواج؟ وهل يعتبر موقفك في عدم الزواج منها يعني الدعوة الي الطبقية او ماشابه ذلك؟!
قطعا لايوجد عاقل يقول بذلك، بل الامر طبيعي جدا.
نعم هناك نكته مهمة جدا وهي: ان الاسلام الذي اتخد هذا الموقف يفرض علي نفسة توعية هذه الشعوب ويري نفسه والمسلمين مسؤولين عن هذه الشعوب والاقوام، فلابد من السعي والمثابرة في تطوريهم وايصال الفكر الصحيح اليهم واخراجهم من الظلمات الي النور.
واخيرا نقول: ان هذه الروايات اعرض الفقهاء المعاصرون عن الكثير منها اما لضعفها او لانتهاء موضوعها او انهم حملوها علي محمل مناسب.[1]