منذ سنتين

الحاجة الي الامام

أن الرسول يجب ان يحفظ الله شريعته من بعده فلهذا يجب ان يكون هناك امام معصوم لكي لا تضيع هذه الشريعة ويختلف فيها وهذا مقبول عقلاً، ولكن نجد بأن الصحابة نجحوا في حفظ القرآن بدون امام بدليل حيث لم يحتاجوا لقرآن الامام علي(ع) فاذن ليس من المستحيل أن ينجحوا أيضاً في حفظ السنة عقلاً بدليل انهم نجحوا مع القرآن. فالسؤال هنا: ما الحاجة الي الامام؟؟.فقد قال لي أحد السنة: لماذا نحتاج المهدي اليوم فسنة النبي نقلت الينا وكل شيء واضح بفضل الله فلماذا التكلف والتفلسف؟؟


لا شك ان الامة تحتاج الي الامام المعصوم، بالاضافة الي القرآن الكريم لتتم الهداية والصيانة من الضلال انطلاقا من الحديث النبوي المتواتر والذي نقلة العشارات من الصحابة وهو: حديث الثقلين: متن الحديث كما في رواية زيد بن ارقم: " اني تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الارض ، وعترتي اهل بيتي ، ولن يفترقا حتي يردا عليَ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " يعتبر حديث الثقلين من الاحاديث التي قد كادت ان تصل الي حد التواتر، بل هو متواتر فعلا، اذا لوحظ مجموع رواته من الشيعة والسنة في مختلف الطبقات. وقد نقل الحديث كبار العلماء والمحدثين في الكتب التالية: صحيح مسلم ، سنن الدارمي، خصائص النسائي، وسنن ابي داود، وسنن ابن ماجة، ومسند احمد، ومستدرك الحاكم، وذخائر العقبي، وحلية الاولياء، وكنز العمال ,وغيرهم وقد استقصت رسالة دار التقريب (حديث الثقلين) عشرات المؤلفين من هؤلاء وغيرهم. [1] وقد اوصله ابن حجر في الصواعق المحرقة الي نيف وعشرين صحابيا، حيث قال:" ثم اعلم ان لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا" [2] والظاهر ان سر شهرته تكرار النبي (ص) له في اكثر من موضع ،فقد قاله ( ص) في: حجة الوداع بعرفة، وفي المدينة في مرضه، وفي في غدير خم، وفي رواية انه قال ذلك بعد انصرافة من الطائف قال ابن حجر:" ولاتنافي- في ذلك – اذ لامانع من انه كررعليهم  ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة" [3] ما يستفاد من الحديث :        قد استفيد من الحديث عدة  امور هي: 1 – دلالته علي عصمة اهل البيت عليهم السلام، وذلك:      الف: لاقترانهم بالكتاب الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتصريحه بعدم افتراقهم عنه، ومن البديهي ان صدور المخالفة منهم تعتبر اختلافا مع القرآن، والحديث صريح في عدم افتراقهما حتي يردا الحوض.      ب: ولانه اعتبر التمسك بهما مانعا عن الضلالة دائما وابدا، كما هو مقتضي ما تفيده كلمة (لن) التأبيدية، وفاقد الشيء لايعطيه.      ج: علي ان تجويز الافتراق عليهم بمخالفة الكتاب وصدور الذنب منهم، يستلزم تجويز الكذب علي الرسول (ص) في التبليغ، وهومحال. 2- يدل الحديث علي ان التمسك بهما معا لابواحد منهما يعد مانعا من الضلالة، فالتمسك باحدهما لايغني عن الآخر. 3- بقاء العترة الي جنب الكتاب الي يوم القيامة، اي لايخلو منهما زمان من الازمنة، ما داما لن يفترقا حتي يردا الحوض. 4 – دلالته علي تميَز العترة بالعلم بكل ما يتصل بالشريعة وغيره.[4] من هنا نقطع بالحاجة الي الامام المعصوم. واما ادعاء البعض ان الصحابة نجحوا في جمع القرآن فهم ناجحون في جمع السنة ،فهو ادعاء يكذبه الواقع التاريخي، فلا ريب ان الخليفة الثاني منع من تدوين السنة واستمر المنع ما يقارب القرن اي الي عصر عمر بن عبد العزيز (99-101ه) حيث امر بتدوين السنة، ومن الواضح ان المنع المذكور قد وجه ضربة قاصمة الي السنة النبوية، لولا موقف اهل البيت عليهم السلام واصرارهم علي التدوين ورفضهم وتحديهم للمنع المذكور.[5] ثم ما هوالتلازم بين حفظ القرآن وحفظ السنة؟!!، لاشك ان حفظ القرآن فيه وعد الهي حيث قال تعالي:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) [6] وهذا الوعد غير موجود بالنسبة الي السنة قطعا. ثم ان الحفظ الذي ندعيه ليس حفظ الكلمات والحروف فقط، بل الذي ينبغي ان يحفظ المفاهيم والقيم ،ولذلك ورد في رواية صحيحة عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: " اقاموا حروفة وحرفوا حدودة "[7] وهي صريحة في عدم التلازم بين الحفظين، والشاهد علي ذلك ان كل فرقة من فرق المسلمين- بل وغيرهم – قد استشهدت بآيات الذكر الحكيم علي ماترومه، وما هذا الا بسبب الابتعاد عن الثقل الثاني" العترة" ويكفي ان الامام امير المؤمنين قد اشار الي ذلك في خديعة رفع المصاحف يوم صفين بقوله :" هَذَا كِتَابُ اللَّهِ الصَّامِتُ وَ أَنَا كِتَابُ اللَّهِ النَّاطِقُ" [8] ثم كيف لهم بهذا الادعاء ونحن نجد كل هذا الاختلاف بينهم في الاصول والفروع !!!