logo-img
السیاسات و الشروط
منذ 3 سنوات

نبذة عن حوزة اصفهان

بعدالسلام والتحية،ارجو من سيادتكم ان تمدوني بقائمه حول المناهج الدراسية التي كانت تتدرس في المدارس و الحوزات العلمية في اصفهان علي وجه الخصوص في العصرين الصفوي والقاجاري، وذلك لاهميتها في موضوع بحثي،ولسماحتكم خالص الشكر والعرفان.


ان ما طلبتم خارج عن قدراتنا لانه يحتاج الي بحث وتحقيق لايسعنا القيام به،ولكن نرشدم الي مطالعة اصدارات المؤتمر الذي عقد في اصفهان قبل عدة اعوام لعلكم تستطيعون الحصول علي مرامكم، ولكي لانكون قد حرمانكم من الاجابة نرجو منكم ان تتقبلوا منا هذا المعلومات حول مدرسة اصفهان وتاريخها وشخصياتها:  نبذة عن التاريخ السياسي والعلمي لمدرسة اصفهان :  انَ مدرسة جبل عامل انتقلت إلي اصفهان في أيام الصفويين وكان السبب في ذلك هو اضطهاد العثمانيين لفقهاء الشيعة في الشام، وحاجة الصفويين إلي وجود الفقهاء لتولي شؤون القضاء والفتيا والتوجيه، وتكريس علاقة الدولة بفقه أهل البيت عليهم السلام من الناحية الفقهية والثقافية وتغطية الجانب الشرعي للدولة، والصفويون اسرة شيعية علوية عريقة تنتسب إلي صفي الدين الاردبيلي العارف والصوفي المعروف المدفون بأردبيل في آذربايجان، وكان رجال هذه الاسرة يتوارثون زعامة الطريقة الصوفية، فلما تولي (إسماعيل) أحد أحفاد صفي الدين زعامة الطريقة بعد مقتل والده جمع جيشا من أتباعه وقاده إلي قتال اسرة آقاقوينلو الحاكمة في آذربايجان والعراق، وقضي علي نفوذ هذه الاسرة التركمانية في آذربايجان واتخذ من تبريز مقرا لحكمه وسلطانه عام 905 ه‍ ، ثم توجه بجيشه إلي العراق وفتحه وقضي علي نفوذ اسرة آقاقوينلو في العراق بشكل كامل، وأصبح الشاه إسماعيل حاكما علي ايران والعراق بشكل كامل،.وامتدت فتوحات الشاه اسماعيل إلي خراسان، وتم له فتحها، كما تم له فتح(هرات) وإسقاط حكومة (ازبك) بعد حرب طويلة اخذت فيها الصبغة المذهبية، وحاول كل من الطرفين المتقاتلين أن يستفيد من انتمائه المذهبي في كسب المعركة لصالحه، وهكذا تكونت دولة شيعية قوية وواسعة في ايران والعراق وخراسان وهرات إلي جنب دولة سنية قوية وواسعة كذلك، وهي الدولة العثمانية التي كانت تتخذ من الخلافة الاسلامية غطاء شرعيا لوجودها السياسي في العالم الاسلامي، واستمر القتال سجالا بين هاتين القوتين علي مناطق النفوذ، فبادرت الدولة الصفوية إلي فتح العراق وإسقاط حكومة ازبك السنية عام 914ه‍ . ثم تقابلت الدولتان في معركة كبيرة في حياة الشاه إسماعيل وانتهت المعركة بانتصار آل عثمان علي الصفويين في موقعة (چالدران) الشهيرة وانفصل العراق عن محور النفوذ الصفوي، وأعلن والي العراق عن انضام العراق إلي الدولة العثمانية، ثم استعاد الصفويون سيطرتهم علي العراق من جديد عام 937 ه‍ بعد وفاة الشاه إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية، ثم استرجع آل عثمان سيطرتهم علي العراق من جديد عام 941ه، وخلال هذا الصراع كان كل من الطرفين المتنافسين" والمتقاتلين يحاول أن يكسب لموقفه في هذه المعركة الضارية غطاء شرعيا يمكنه من تحشيد المقاتلين إلي جانبه، أما آل عثمان فكان عنوان الخلافة الاسلامية يدعمهم في هذه المعركة إلي حد بعيد، بالاضافة إلي الارتباط التاريخي للمؤسسة الفقهية السنية بالمؤسسة السياسية، أما الدولة الصفوية فكانوا يواجهون مشاكل حقيقية في هذا الجانب وكان عليهم أن يعملوا لكسب موقف فقهاء الشيعة إلي جانبهم وتأييدهم لهم، علي أن هذه الدولة الفتية كانت بحاجة إلي حضور فاعل لفقهاء الشيعة معها لتستطيع أن تؤدي رسالتها في تكريس مذهب أهل البيت عليهم السلام وفقههم وإدارة شؤون الدولة علي منهاج أهل البيت الفقهي، وقد كان بعض ملوك الصفويين كالشاه إسماعيل وابنه طهماسب صادقين في محاولة تكريس المذهب الفقهي لاهل البيت في الدولة الصفوية وتمشية نظام الحكم الصفوي علي منهاج فقه أهل البيت، وكانوا يحاولون الافادة من فقهاء الشيعة في هذا المجال وتمكينهم من الدولة بالمقدار الذي لا يزاحمهم في حق اتخاذ القرار السياسي بشؤون الدولة. وكان هذا هو أحد العاملين الرئيسيين لقدوم فقهاء الشيعة من جبل عامل من بلاد الشام إلي ايران، فقد كانت الدولة الشيعية الفتية بحاجة حقيقية وماسة إلي استقدام الفقهاء من جبل عامل لما تتمتع به هذه المنطقة الجبلية من الشام من مدارس علمية وتراث فقهي وثروة علمية كبيرة، والعامل الثاني لهجرة فقهاء جبل عامل إلي ايران هو الاضطهاد الطائفي الذي كان يمارسه حكام آل عثمان ضد الشيعة عموما وضد فقهاء الشيعة علي الخصوص، فقد سقطت الشام بيد آل عثمان عام 923ه، وقضي العثمانيون علي نفوذ المماليك قضاء تاما، واستمرت بلاد الشام تحت النفوذ العثماني حتي سقوط الدولة العثمانية، ورغم الاضطهاد الطائفي الذي كان يمارسه المماليك ضد فقهاء الشيعة في الشام ، فقد كان فقهاء الشيعة يتمتعون بحرية نسبية في منطقة جبل عامل في ممارسة نشاطهم الثقافي والديني عندما كان هذا النشاط لا يضر بمصالح الدولة.  فلما حل آل عثمان محل المماليك سلبوا من فقهاء الشيعة حتي هذه المساحة المحدودة من حق النشاط العلمي، وضيقوا عليهم سبل العمل والحركة من كل جانب.  فقد قام السلطان سليم الاول بأوسع مذبحة للشيعة في بلاد الاناضول والشريط الساحلي للبحر الابيض المتوسط، ويقدر المؤرخون قتلي الشيعة في هذه المذبحة سبعين ألفا.        وقتل عمال آل عثمان الفقيه زين الدين العاملي (الشهيد الثاني) رحمه الله رغم المرونة المذهبية التي كان يمارسها هذا الفقيه الجليل، فقد كان علي صلة وثيقة بالمراكز العلمية السنية، وكسب تأييد الاستانة في أن يتولي المدرسة العلمية النورية في بعلبك، ولم يستجب لدعوة الصفويين في الهجرة إلي ايران، رغم ذلك كله لم يسلم هذا الفقيه الجليل من سيف الاضطهاد الطائفي، وقتل علي ساحل البحر بطريقة مشجية.        وبسبب هذين العاملين استجاب فقهاء جبل عامل إلي دعوة الصفويين للقدوم إلي ايران، فقدم من جبل عامل إلي اصفهان جمع كبير من خيار وكبار فقهاء جبل عامل.   المحقق الكركي : وكان المحقق الكركي الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي الشهير ب‍ " المحقق الثاني " هو أول فقيه من جبل عامل يستجيب لدعوة الصفويين. التقي المحقق الكركي بالشاه إسماعيل الصفوي في (هرات) عندما فتح الملك الصفوي هرات في قمة مجده العسكري وانتصاراته وبارك له هذا النصر واستقبل الملك المنتصر المحقق الثاني في نشوة فتوحاته العسكرية باحترام وتقدير كبيرين، وطلب منه أن ينتقل معه إلي ايران ويتولي شؤون الدولة الشرعية والفقهية بموجب مذهب أهل البيت. انتقل المحقق الكركي إلي ايران بصحبة الشاه واستغل هذه الفرصة أفضل استغلال، ونشط في تكريس ونشر فقه أهل البيت عليهم السلام في ايران، وتولي تعيين العلماء وأئمة الجماعة والقضاة في أطراف البلاد بصورة منظمة.      وإذا صح أن الشهيد الاول محمد بن مكي رحمه الله كان أول من مارس تنظيم ارتباط العلماء بالمرجعية وجباية الحقوق الشرعية بصورة منظمة، فقد كان المحقق الكركي أول من مارس هذه النظرية في النظم بصورة ميدانية وواسعة في الدولة الصفوية، مستفيدا من إمكانات النظام والدعم السياسي والمالي الذي كان يتلقاه من قبل الدولة .     وقد استطاع المحقق الكركي أن يقنع جمعا من زملائه وأصدقائه وتلاميذه في جبل عامل للهجرة إلي ايران والافادة من هذه الفرصة السانحة لنشر وتكريس فقه أهل البيت عليهم السلام وبسط نفوذ الفقهاء في هذه الدولة الفتية.       ويبدو أن المحقق الكركي استطاع أن يحقق خلال هذه الفترة أهدافه بصورة جيدة، ونجح في بسط نفوذ المؤسسة الفقهية إلي حد بعيد، مما جعل البلاط الملكي يتضايق منه بصورة أو باخري، وقد أدي ذلك فعلا إلي برود ملحوظ في علاقة المحقق الكركي ببعض أجنحة البلاط، فآثر المحقق أن يغادر ايران إلي العراق، ويعود إلي النجف مرة اخري ليعاود نشاطه الفقهي في هذه المدينة المقدسة بجوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام.     وقد مكث المحقق لقرابة ست سنوات في النجف توفي خلالها الشاه  إسماعيل وخلف علي الملك ابنه طهماسب.     ويبدو أن الفراغ الذي خلفه المحقق الكركي من بعده أضر بالدولة، وأن الجمهور كان يطالب بإلحاح بعودة المحقق الكركي إلي ايران، ولم يجد الشاه بديلا عن المحقق مما جعل طهماسب ابن الشاه إسماعيل يطلب من المحقق العودة إلي ايران لتسلم منصب شيخ الاسلام في عاصمة ملكه (اصفهان) . فاستجاب المحقق الكركي لدعوة الملك ورجع إلي اصفهان عاصمة الصفويين بصفة (نائب الامام ) . وهذه الصفة تمنحه بطبيعة الحال الولاية المطلقة في شؤون النظام والامة وتجعل مشروعية النظام تابعة لاذن الفقيه.  وأقر النظام الصفوي للمحقق بهذه الولاية المطلقة النائبة عن ولاية الامام، وصرح له الملك (بأن معزول الشيخ لا يستخدم ومنصوبه لا يعزل).          ومارس المحقق عمله من هذا الموقع الشرعي في فترة من حكومة الشاه طهماسب وكان ينصب الولاة ويعزلهم ويأمرهم بالعدل والاحسان. يقول السيد نعمة الله الجزائري: رأيت مجموعة من أحكام المحقق إلي الحكام والولاة، وكانت جميعا تتضمن الامر بالعدل إلي الرعايا والاحسان إليهم، وكان للمحقق الكركي دور كبير في مكافحة الفحشاء والمنكرات وإقامة الفرائض في مواقيتها والامر بإعلان الاذان في مواقيت الصلاة، وملاحقة المجرمين والمفسدين في ايران.           ولا شك أن هذا حدث جديد في تاريخ فقه أهل البيت، ولاول مرة في التاريخ يتصدي فقيه إمامي لشوون الولاية العامة من موقع السيادة والولاية الشرعية نيابة عن الامام.           وهذا الامر إن كان معروفا من الناحية النظرية في الفقه الشيعي فهو علي الصعيد التنفيذي والتطبيقي حدث جديد بالمعني الدقيق للكلمة.  التراث الفقهي للمحقق الثاني :      اساتذة المحقق الثاني:                أول ما تلقي المحقق الكركي العلم في جبل عامل، ثم هاجر إلي دمشق والقدس ومصر وتلقي فيها العلم من فقهاء المذاهب الاربعة ومن أشهر أساتذته الذين تلقي العلم منهم في جبل عامل : الشيخ شمس محمد بن خاتون العاملي. أحمد بن الحاج علي العاملي العينائي.  وزين الدين جعفر العاملي. الشيخ شمس الدين محمد بن داود ابن المؤذن الجزني. الشيخ علي بن هلال الجزائري. السيد حيدر العاملي. وكان هذا الاخير من أكثر من أخذ عنه المحقق في جبل عامل.   مؤلفات المحقق الثاني     أتحف المحقق الكركي المكتبة الفقهية بمجموعة قيمة من الكتب الفقهية من أهمها: موسوعة " جامع المقاصد " وهو فقه استدلالي في شرح قواعد العلامة الحلي، كتبه المحقق إلي كتاب النكاح، وهو من أهم ما خلفه المحقق الكركي من الكتب الفقهية، ويمتاز " جامع المقاصد " بالتركيز والايجاز ومتانة الاستدلال وسلامة وجمال البيان وتجنب الدخول في التفاصيل والاقتصار علي مقدار الضرورة من النقض والاستدلال، وهذا الكتاب منذ أن ألفه المحقق الكركي إلي اليوم كان موضع اهتمام الفقهاء يستندون إليه ويأخذون عنه ويكثر ذكره في الكتب الفقهية، ويحكي عن الشيخ محمد حسن النجفي صاحب " جواهر الكلام " أن الفقيه إذا كان بين يديه " جامع المقاصد " و " وسائل الشيعة " و " الجواهر" استغني عن أي مصدر آخر، وكان بإمكانه - استنباط الحكم الفقهي اعتمادا علي هذه المصادر الثلاثة .  وله أيضا شرح الارشاد للعلامة.  وشرح اللمعة الدمشقية للشهيد الاول.  وصيغ العقود.  ورسالة في الوجوب التخييري أو التعييني لصلاة الجمعة.  ورسالة في أقسام الارضين.  ورسالة في السجود علي التربة الحسينية. رسالة في أحكام السلام والتحية.  وشرح الفية الشهيد الاول. -ورسالة في العدالة. - ورسالة في الماء الكر. - ورسالة في الحج. - ورسالة في الغيبة. -ورسالة في عدم جواز تقليد الميت -  ورسالة في الرضاع . - ومجموعة قيمة من الحواشي علي الكتب الفقهية.   تلامذة المحقق الثاني     تخرج علي المحقق الكركي جمع من كبار العلماء منهم: الشيخ علي بن عبد العالي الميسي العاملي. الشيخ عبد النبي الجزائري صاحب كتاب " حاوي الاقوال في معرفة الرجال ". الشيخ علي المنشار العاملي. الشيخ زين الدين الفقحاني. الشيخ محمد بن أبي جامع المعروف ب‍ " ابن أبي الجامع". الشيخ نعمة الله بن أحمد بن خاتون العاملي.  ونور الدين علي بن عبد الصمد - عم الشيخ البهائي –  والسيد محمد بن أبي طالب الاسترآبادي - والد السيد محمد باقر ميرداماد –  والسيد جمال الدين بن عبد الله الحسيني الجرجاني.       وغير هؤلاء من علام الفقهاء والعلماء.  كان وفود المحقق الكركي علي عاصمة الصفويين بداية لهجرة واسعة من قبل فقهاء جبل عامل والمراكز الفقهية العامرة الاخري في ذلك التاريخ مثل البحرين. وقد قدم إلي ايران بعد المحقق الكركي جمع من كبار الفقهاء منهم: الشيخ حسين بن عبد الصمد - والد الشيخ البهائي – الشيخ علي المنشار. وكمال الدين درويش محمد العاملي. الشيخ لطف الله الميسي العاملي. الشيخ الحر العاملي صاحب موسوعة " وسائل الشيعة " ، وغيرهم ممن ذكرهم الحر العاملي رحمه الله في كتابه " أمل الآمل ". وهؤلاء الفقهاء وضعوا أساسا متينا لمدرسة إصفهان الفقهية.   علماء مدرسة اصفهان البارزون          ومن هذه المدرسة نبغ فقهاء ومحدثون وفلاسفة كبار من أمثال: الشيخ البهائي. العلامة المجلسي ( الوالد ). العلامة المجلسي ( الابن) السيد محمد باقر الداماد صدر المتألهين الفيض الكاشاني الملا عبد الله الشوشتري .     معالم مدرسة اصفهان وأهم إنجازاتها الفقهية :    اولا : في هذه المدرسة دخل الفقه ساحة المجتمع والعمل السياسي، وبرز الفقه السياسي والاجتماعي بصورة ملحوظة، وأصبح من مسؤولية الفقهاء في هذا العصر الاجابة الفقهية علي كثير من الاسئلة التي كان يطرحها الولاة والحكام والقضاة في مسائل الولاية والحكم والقضاء وتناول الفقهاء هذه المسائل بالدراسة المستقلة ضمن رسائل فقهية مستقلة، وكثرت هذه الرسائل في هذا العصر، ومع أن أكثر هذه الرسائل فقدت خلال النكبة التي حلت بمدينة اصفهان في هجوم جيش محمود الافغان، إلا أن الذي تبقي منها يعتبر ثروة فقهية مباركة لو جمعت ونظمت واخرجت بشكل مناسب. ثانيا : وفي هذا العصر أنجز المحدثون المجاميع والموسوعات الحديثية، ومن أهم هذه المجاميع: " بحار الانوار " للعلامة المجلسي، و " وسائل الشيعة " للحر العاملي و " الوافي " للفيض الكاشاني ، وهذه المجاميع حفظت لنا ما تبقي من الكتب والاصول الحديثية . ولولا هذه المجاميع لا ندثر الكثير من تراث أهل البيت في الاصول والفروع والتفسير والاخلاق والمعارف الاسلامية الاخري.[1]

1