منذ سنتين

رأي صدر المتالهين حول وحدة الوجود

ما هو شرح " رأي صدر المتالهين حول وحدة الوجود " وما هو تفسيره وهل اغلب علمائنا يقولون به ام لا وما هي الاله علي صحته ان اخذنا به وما هو الدليل علي عدم صحته ان لم ناخذ به.ارجوا الرد علي يالتفصيل والاسهاب.


تعرض صاحب كتاب المنهج الجديد لتعلم الفلسفة الي الموضوع قائلا: نستطيع ان نشير الي اربعة اقوال في هذا المجال: 1- قول الصوفية الذين يعتبرون الوجود الحقيقي منحصرا بالذات الالهية المقدسة، واما سائرالموجودات فهي ذات وجودات مجازية عندهم، وهو المعروف بعنوان" وحدة الوجود والموجود". وظاهر هذا القول مخالف للبداهة والوجدان، ولكنه قد يؤَؤل بشكل يعود فيه الي القول الرابع الآتي. 2- قول المحقق الدواني: الذي اعتبره مقتضي " ذوق التأله"، وهو معروف بعنوان "وحدة الوجود وكثرة الموجود" .وحاصلة: ان "الوجود الحقيقي" مختص بالله تعالي، ولكن " الموجود الحقيقي " يشمل المخلوقات ايضا، وهو بمعني " المنسوب الي الوجود الحقيقي " وليس بمعني كونه " ذا وجود حقيقي" كما ان بعض المشتقات الاخري تفيد مثل هذا المعني، فمثلا كلمة "تامر" تعني من يبيع التمر والمنسوب اليه. وهذا القول ايضا لايمكن قبوله ، وذلك لان لازم هذا القول هو ان لكلمة " موجود" معنيين مختلفين وهي من قبيل المشتركات اللفظية، وكما ان الاشتراك اللفظي ليس صحيحا في مورد " الوجود "، فكذلك في مورد" الموجود" ايضا لايمكن قبوله، وبالاضافة الي هذا فان القول المذكور مبني علي اصالة الماهية المنتسبة الي الجاعل، وهو قول قد اتضح بطلانه في الدرس السابع والعشرين. 3-القول الثالث وهو ينسب الي اتباع المشائين ويعرف بعنوان " كثرة الوجود والموجود" ، وحاصله: ان كثرة الموجودات امر لايقبل الانكار، ولابد ان يكون لكل واحد منها وجود مختص به، ولمَا كان الوجود حقيقة بسيطة، اذن يصبح كل وجود متباينا مع الوجود الاخر بتمام الذات. ويمكن الاستدلال لهذا القول بهذه الصورة: ان الوجودات العينية لاتخرج عن احد هذه الاحوال: اما ان تكون جميعا افراد حقيقة واحدة مثل افراد النوع الواحد، واما ان تكون ذات انواع مختلفة وهي مشتركة في جنس واحد مثل اشتراك انواع الحيوانات في جنس الحيوان، واما ان لاتكون بينها جهة اشتراك ذاتية فتصبح متباينة بتمام الذات والشق الثالث هو المطلوب ويتم اثباته بابطال الشقين الاخرين. اما بطلان الشق الثاني فواضح، لان لازمه ان تكون حقيقة الوجود مركبة من جهة اشتراك وجهة امتياز، اي مركبة من جنس وفصل، وهذا مما لايتلاءم مع بساطة حقيقة الوجود، ويعود بالتالي الي القول بان الوجود هو في الواقع جهة الاشتراك، وعندما تضاف اليه اشياء اخري فانه يظهر بصورة انواع مختلفة، ولكن عالم الوجود ليس فيه شيء اخر يعتبر جهة امتياز عينية حتي يضاف الي الوجود. واما الشق الاول فلازمه ان يصبح الوجود مثل الكلي الطبيعي لايظهر بصورة افراد مختلفة الا اذا اضيفت الي العوارض المشخصة، ولكن السؤال يعود الي تلك العوارض بانها موجودة ايضا، وحسب الفرض فان جميع الموجودات ذات حقيقة واحدة، اذن كيف حدث الاختلاف بين العوارض والمعروضات من ناحية ،وبين نفس العوارض من ناحية اخري، وباختلافها تتحق الافراد المختلفة للوجود؟ ولكن هذا الاستدلال غير صحيح، لان الشقوق الثلاثة التي فرضت لحيقيقة الوجود العينية هي في الواقع مقتبسة من احكام الماهية، وقد حاولوا عن طريق نفي تركب الوجود من الجنس والفصل ونفي تركبه من الطبيعة والنوعية والعوارض المشخصة ان يثبتوا التباين الذاتي بين الوجودات نظير التباين الموجود بين الماهيات البسيطة، بينما لا اشتراك الوجودات في حقيقة الوجود هو من قبيل الاشتراك في المعني النوعي والجنسي، ولاتباين الوجودات هو من قبيل تباين الانواع البسيطة. والحاصل: ان مثل هذا الاستدلال لايستطيع ان ينفي اشتراك الوجودات العينية بصورة اخري تختلف عن الاشتراك في المعني النوعي والجنسي. وسوف يتضح قريبا ان هناك لونا اخر من الوحدة والاشتراك يمكن اثباتها للحقائق العينية. 4- القول الرابع: هو الذي ينسبه صدر المتألهين الي حكماء ايران القديمة، ثم يتبناه ويتولي توضحيه واثباته ،وهو القول المعروف بعنوان " الوحدة في عين الكثرة". وحاصله: ان حقائق الوجود العينية يوجد بينها اشتراك ووحدة، ويوجد بينها ايضا اختلاف وتمايز، ولكن ما به الاشتراك وما به الامتياز ليس بشكل يؤدي الي التركب في ذات الوجود العيني، ولا انه يجعله قابلا للتحليل الي معني جنسي وفصلي، وانما يعود ما به امتيازها الي الضعف والشدة، كما يختلف الضوء الشديد مع الضوء الضعيف بضعفه وشدته، ولكنه لابمعني ان الشدة في الضوء الشديد شيء غير الضوء، ولا الضعف في الضوء الضعيف شيء غير الضوء، بل الضوء الشديد ليس شيئا سوي الضوء، والضوء الضعيف ايضا ليس شيئا سوي الضوء، وهما في نفس الوقت مختلفان من حيث درجة الشدة والضعف، ولكن هذا الاختلاف لايلحق اي ضرر ببساطة حقيقة الضوء المشتركة بينهما. وبعبارة اخري: ان للوجودات العينية اختلافا تشكيكيا يعود في ما به الامتياز الي ما به الاشتراك. ومن الواضح ان تشبيه مراتب الوجود بمراتب الضوء هو لتقريب الموضوع الي الذهن فحسب، والا فان الضوء المادي ليس حقيقة بسيطة ( فان اغلب الفلاسفة السابقين كانوا يتصورونه عرضا بسيطا)، ومن ناحية اخري فان للوجود تشكيكا خاصيَا يختلف عن التشكيك في مراتب الضوء الذي هو تشكيك عامَي.[i]