من هم المقصودون بقوله تعالي: (ان بورك من في النار)؟
لقد تعرض السيد الطباطبائي رحمه الله في تفسيره القيم الميزان لذكر الاحتمالات الواردة في الآية قائلا:
قوله تعالي: « فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمين »[1] أي فلما أتي النار و حضر عندها نودي أن بورك إلخ"
و المراد بالمباركة إعطاء الخير الكثير يقال: باركه و بارك عليه و بارك فيه أي ألبسه الخير الكثير و حباه به، و قد وقع في سورة طه في هذا الموضع من القصة قوله:
« فلما أتاه نودي يا موسي إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُويً » :[2]
و يستأنس منه أن المراد بمن حول النار موسي أو هو ممن حول النار، و مباركته اختياره بعد تقديسه
و أما المراد بمن في النار فقد قيل: إن معناه من ظهر سلطانه و قدرته في النار فإن التكليم كان من الشجرة - علي ما في سورة القصص - و قد أحاطت بها النار، و علي هذا فالمعني: تبارك من تجلي لك بكلامه من النار و بارك فيك، و يكون قوله: « و سبحان الله رب العالمين » تنزيها له سبحانه من أن يكون جسما أو جسمانيا يحيط به المكان أو يجاوره الحدثان لا لتعجيب موسي كما قيل
و قيل : المراد بمن في النار الملائكة الحاضرون فيها كما أن المراد بمن حولها موسي (عليهالسلام).
و قيل: المراد به موسي (عليهالسلام) و بمن حولها الملائكة
و قيل: في الكلام تقدير و الأصل بورك من في المكان الذي فيه النار - و هو البقعة المباركة التي كانت فيها الشجرة كما في سورة القصص- و من فيها هو موسي و حولها هي الأرض المقدسة التي هي الشامات، و من حولها هم الأنبياء القاطنون فيها من آل إبراهيم و بني إسرائيل.
و قيل : المراد بمن في النار نور الله تعالي و بمن حولها موسي.
و قيل: المراد بمن في النار الشجرة فإنها كانت محاطة بالنار بمن حولها الملائكة المسبحون.
و أكثر هذه الوجوه لا يخلو من تحكم ظاهر[3] .