تكفير الصحابة
هل الشيعة يكفرون ابا بكر وعمر بن الخطاب؟ وما الدليل علي ذلك ارجو الافادة؟
ان الكثير من الكتاب – الذي يضعون انفسهم موضع المدافع عن الصحابة – يحاولون التشهير بالشيعة والتشيع، بانه مذهب يقوم علي السب والشتم والتكفير والافتراء علي الصحابة، ولكن لم يقدموا دليلا مقنعا في هذا المجال، بل لم يسمعوا الي علماء الشيعة حينما بينوا نظريتهم في هذا الخصوص، وما هذا الا عناداً واصراراً علي موقفهم المسبق من التشيع، والا فقد كتب عماؤنا الكثير الكثير في هذا المجال، وهذا يكفي لمن يريد الحقيقة، وبما ان البحث في هذا المجال يقتضي دراسة المسألة من اكثر من جهة كما فعل العلماء،وهذا مما لايسع المجال له هنا، لذا نكتفي هنا بمسالتين :
الاولي : بيان موقف الشيعة من السب والتكفير.
الثانية: بيان المبررات التي تدعوا الشيعة لدراسة التاريخ عامة، وتاريخ الصحابة خاصة.
لا شك ان الانسان الشيعي ينطلق في عقائده و افكاره و سلوكه من القرآن الكريم و السنة المطهرة التي تعني "قول الرسول (ص) و فعله و تقريره "
و كذلك قول و فعل و تقرير الائمة عليهم السلام، و نحن اذا رجعنا الي هؤلاء المعصومين عليهم السلام نجد ان منهجهم يعتمد علي الدليل و البرهان و العقل و اعتماد الكلمة الطيبة ( ِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَن )[1]،لان تبليغ الرسالة واثبات الحق يحتاج الي منهج ينسجم مع طهر الرسالة و نقائها،فلم نجدهم -عليهم السلام -ابداً يعتمدون اسلوب التكفير والشتم و السباب و المهاترات الكلامية حتي مع اشدّ خصومهم عداوة، فهذا الرسول الاكرم (ص) يقول في حق قريش التي اذاقته الأمرّين:" اللهم اغفر لقومي انهم لا يعلمون "[2]، و هذا تلميذه الأوّل و وصيه بحق علي بن أبي طالب يقول حينما سمع قوما من اصحابه يسبون اهل الشام ايام حربهم بصفين: " انّي اكره لكم ان تكونوا سبابين و لكنكم لو وصفتم اعمالهم و ذكرتم حالهم كان اصوب في القول و ابلغ في العذر "[3]
و لا اعتقد ان انساناً مسلما يجهل موقف سيد الشهداء عليه السلام مع خصومه يوم عاشوراء و كيف كان يستعمل الكلمة الطيبة و البرهان الامثل مع اقذر خلق الله المتمثلين بجيش يزيد وقائده ابن سعد.
اما بالنسبة الي التكفير، فنحن ننظر الي القضية بحذر شديد ونتبع فيها الرسول الاكرم وأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين، ولم نكفر احدا شهد الشهادتين، لان الاخراج من الدين ليس بالامر الهين ابدا، وفي هذا المجال عندنا روايات عن الرسول الاكرم صلي الله عليه وﺁله وسلم والائمة الطاهرين نكتفي بذكر نماذج منه:
-1-ورد في دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًي فَقَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَرْجِعُوا مِنْ بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّي يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ إِلَي يَوْمِ يَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ فَيُحَاسِبُهُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ" [4] .
2- وَ عَنْهُ (ص) قَالَ:" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّي يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَ حِسَابُهُمْ عَلَي اللَّهِ" [5] .
وجاء في تفسير القمي،في تفسير قوله تعالي: ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَلِيٍّ (وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُنْصَرَفِ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ (ص) حَجَّةَ الْوَدَاعِ لِتَمَامِ عَشْرِ حِجَجٍ مِنْ مُقَدَّمَةِ الْمَدِينَةِ، وَ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ بِمِنًي أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَي عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي وَ اعْقِلُوهُ عَنِّي فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا.
ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالَ النَّاسُ هَذَا الْيَوْم.ُ قَالَ: فَأَيُّ شَهْر؟ٍ قَالَ: النَّاسُ هَذَا. قَالَ( ص):وأَيُّ بَلَدٍ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ قَالَ النَّاسُ: بَلَدُنَا هَذَا. قَالَ (ص): فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَ أَمْوَالَكُمْ وَ أَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَي يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمُ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ أَيُّهَا النَّاسُ؟ قَالُوا: نَعَم.ْ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. ثُمَّ قَالَ (ص): أَلَا وَ كُلُّ مَأْثُرَةٍ أَوْ بِدَعٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ دَمٍ أَوْ مَالٍ فَإِنَّهَا تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ لَيْسَ أَحَدٌ أَكْرَمَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِالتَّقْوَي .أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ.