منذ 3 سنوات

علم الغيب

١- ما هو علم الغيب؟ ٢- هل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يعلمون الغيب؟ وقد ورد عنهم (عليهم السلام ) النهي في نسبة علم الغيب إليهم؟


الغيب: " كلّ ما غاب عنك " من دون فرق بين كون الغياب ماضيًا، أو في الحال أو في الاستقبال. وهذا المعنى استعمله القرآن، فعن الغيب في الماضي قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ ﴾ وعنه في الحاضر قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ وعنه في المستقبل قال تعالى: ﴿لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ﴾4. ويقابل الغيب الشهادة، التي تعني في اللغة الحضور، قال الراغب: "الشهادة هي الحضور، سواء كان بالعين الظاهرة، أو بعين البصيرة. وكما هو حال الغيب، فقد استعمل القرآن الكريم الشهادة المعنى اللغويّ نفسه، قال تعالى: ﴿عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾. وينقسم قسمة ثانية من حيث السعة والضيق إلى قسمين: القسم الأول: الغيب المطلق، وهو الغيب الشامل لكل شيء - كان أو لم يكن لو كان كيف يكون -، وكذا ما لا يستطع المخلوق معرفته وعلمه، كذات الله سبحانه و تعالى. القسم الثاني: الغيب النسبي، و هو الغيب الذي يتفاوت بالاطلاع عليه بعض من خلق الله دون بعض، و لا يستحيل الاطلاع على هذا القسم من الغيب، إذا توفرت الأسباب و الأدوات اللازمة؛ لذلك، فيصبح محسوساً بعد أن كان غيباً، مثل ما في قوله تعالى: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ۖ ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا) فبالوحي تكون معلومة للنبي صلى الله عليه وآله مخفية عن الآخرين. ٢- عند مراجعة القرآن الكريم تجد أن ظاهر عدد من الآيات تنفي إمكانية اطّلاع الإنسان على علم الغيب، و تصرح بأنّ العلم بالغيب مختصّ بالله جل جلاله، فهو العالم بالغيب فقط و من تلك الآيات: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّـهُ}(النمل:٦٩) و قوله تعالى{وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ… } (الأنعام:٥٩) ولكن بعد التدبر في مجموع الآيات التي تتحدث عن الغيب يتضح للباحث أن الغيب في الآيات على مستويين: الأول: علم الله تعالى بالغيب، وهذا النوع من العلم لا يشاركه فيه أحد غيره، و إليه تشير الآيات و الروايات النافية، قال تعالى: {وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ …} (الانعام :٥٩) الثانية: علم الأنبياء والأئمة(عليهم السلام ) بالغيب، وهذا النوع من العلم ما هو إلا وحي لهم وتعليم من الله تعالى لهم بعد أن ارتضاهم واجتباهم واستخلصهم لنفسه تعالى، و يدل عليه قوله تعالى: {عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً ً* إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}(الجن: ٢٦-٢٧) وأمّا ما يدل على أنه وحي منه تعالى لهم{قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّـهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى‏ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ وَ الْبَصِيرُ أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ}(الأنعام :٥٠) فالآية واضحة المعنى، فيتضح أن ما نقوله: من أنّ أهل البيت يعلمون الغيب، المراد منه أن الله تعالى يوحي لنبيه فيعلمهم ويلهمهم كذلك، قال تعالى: {وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}( الشورى:٥١)

8