١- ما هو علم الغيب؟
٢- هل أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يعلمون الغيب؟ وقد ورد عنهم (عليهم السلام ) النهي في نسبة علم الغيب إليهم؟
الغيب: " كلّ ما غاب عنك " من دون فرق بين كون الغياب ماضيًا، أو في الحال أو في الاستقبال.
وهذا المعنى استعمله القرآن، فعن الغيب في الماضي قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ ﴾ وعنه في الحاضر قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ وعنه في المستقبل قال تعالى: ﴿لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ﴾4.
ويقابل الغيب الشهادة، التي تعني في اللغة الحضور، قال الراغب: "الشهادة هي الحضور، سواء كان بالعين الظاهرة، أو بعين البصيرة. وكما هو حال الغيب، فقد استعمل القرآن الكريم الشهادة المعنى اللغويّ نفسه، قال تعالى: ﴿عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾.
وينقسم قسمة ثانية من حيث السعة والضيق إلى قسمين:
القسم الأول: الغيب المطلق، وهو الغيب الشامل لكل شيء - كان أو لم يكن لو كان كيف يكون -، وكذا ما لا يستطع المخلوق معرفته وعلمه، كذات الله سبحانه و تعالى.
القسم الثاني: الغيب النسبي، و هو الغيب الذي يتفاوت بالاطلاع عليه بعض من خلق الله دون بعض، و لا يستحيل الاطلاع على هذا القسم من الغيب، إذا توفرت الأسباب و الأدوات اللازمة؛ لذلك، فيصبح محسوساً بعد أن كان غيباً،
مثل ما في قوله تعالى: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ۖ ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا) فبالوحي تكون معلومة للنبي صلى الله عليه وآله مخفية عن الآخرين.
٢- عند مراجعة القرآن الكريم تجد أن ظاهر عدد من الآيات تنفي إمكانية اطّلاع الإنسان على علم الغيب، و تصرح بأنّ العلم بالغيب مختصّ بالله جل جلاله، فهو العالم بالغيب فقط و من تلك الآيات:
{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّـهُ}(النمل:٦٩)
و قوله تعالى{وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ… } (الأنعام:٥٩)
ولكن بعد التدبر في مجموع الآيات التي تتحدث عن الغيب يتضح للباحث أن الغيب في الآيات على مستويين:
الأول: علم الله تعالى بالغيب، وهذا النوع من العلم لا يشاركه فيه أحد غيره، و إليه تشير الآيات و الروايات النافية، قال تعالى: {وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ …} (الانعام :٥٩)
الثانية: علم الأنبياء والأئمة(عليهم السلام ) بالغيب، وهذا النوع من العلم ما هو إلا وحي لهم وتعليم من الله تعالى لهم بعد أن ارتضاهم واجتباهم واستخلصهم لنفسه تعالى، و يدل عليه قوله تعالى: {عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ً* إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}(الجن: ٢٦-٢٧)
وأمّا ما يدل على أنه وحي منه تعالى لهم{قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّـهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ أَ فَلا تَتَفَكَّرُونَ}(الأنعام :٥٠) فالآية واضحة المعنى،
فيتضح أن ما نقوله: من أنّ أهل البيت يعلمون الغيب، المراد منه أن الله تعالى يوحي لنبيه فيعلمهم ويلهمهم كذلك، قال تعالى: {وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}( الشورى:٥١)