منذ سنتين

وجود شريك لله تعالي

السلام عليكم ورحمة الة وبركاتة...لقد ارسلت عدة رسائل ولم يصلني الجواب الي حد الآن علما بانني مصابه بداء السرطان( ابعدكم اللة عنة) واخاف ان اموت قبل ان تجيبوني علي اسئلتي فأرجوكم ارجوكم اجيبوني علي اسئلتي جزاكم اللة خيرا وان شاء اللة تكونوا رفقاء المصطفي (صلي اللة علية وآلة وسلم)في جنة الخلد انة سميع مجيب. ومشكلتي هي انني اعاني من وسواس لعين لا استطيع التخلص منة وهو يخبرني ان هناك الة آخر يشبه اللة في صفاته لكنه لا يشارك الله في ملك السموات والأرض ولا يشاركه ايضا في خلق السموات والارض بل لديه كونه الخاص به ومخلوقاته الخاصه بة ولو فرضنا ان حدود ملك هذا الإلة الآخر يبدء بعد حدود ملك اللة فهل بهذا القول نجعل اللة محدودا في ملكة وسلطانة؟ وحتما وجود هذا الإلة الآخر يلزم تحديد ملك اللة وسلطانة في محدودة معينة وهذا ينافي التوحيد حسب قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب (كرم اللة وجهة)(من حدة فقد عدة) ولكن سؤالي هو:اليس ملك اللة محدود؟ لأن اللة خلق سبع سموات وسبع اراضين اي بهذا يكون اللة مالك للسبع سموات والسبع اراضين فقط لا غيروهذة السبع سموات والسبع اراضين هي مخلوقة من مخلوقات اللة اي لها بداية ونهاية اي حتما هناك نهاية لهذا الكون الذي خلقة اللة فمثلا بعد السماء السابعة لا يوجد عالم آخر فبذلك يكون ملك اللة محدود(اي يبدء مثلا بالسماء الأولي وينتهي بالسماء السابعة اي حدد اللة ملكة في السبع سموات والسبع اراضين فلم يقل اللة تعالي بأنة يملك عدد غير محدود من السموات والأراضين بل حددة بقولة سبع سموات وسبع اراضين ذلك يكون ملك اللة محدود في السبع سموات والسبع اراضين واذا تحدد ملك اللة وسلطانة فهل هذا يعني ان اللة اصبح محدودا؟ فكيف ننفي كون اللة محدودا في ملكة وسلطانة؟ اي ممكن ان يكون بعد حدود ملك اللة ملك لإله آخر مثلا؟ سؤالي الثاني هو:ما معني (الكفؤ)في قولة تعالي (لم يكن لة كفوا احد)؟ هل معناة المساوي فقط ؟ام معناة انة لا يوجد احد يناظر اللة او يشابهه؟ لأن المساواة هي غير المماثلة فعندما نقول لايوجد احد يساوي اللة في صفة مثلا قدرتة علي الخلق غير عندما نقول لا يوجد احد منذ الأزل يشابة اللة في صفة قدرتة علي الخلق فبذلك ننفي كليا صفة قدرة الآخر علي الخلق بينما عندما نقول لا يوجد احد يساوي اللة في صفة قدرتة علي الخلق مثلا فإننا لا ننفي صفة(قدرة الآخر علي الخلق) بل نقول ان الآخر لا يساوي اللة فقط في هذة الصفة ولا ننفيها عنة(اي اذا كان اللة مثلا يستطيع ان يخلق عدد غير محدود من المخلوقات) فإن الآخر يستطيع فقط ان يخلق عدد محدود من المخلوقات وليس عدد غير محدود مثل اللة تعالي . فكيف نستدل من القرآن الكريم بأن اللة ليس لة مثيل او شبية منذ الأزل ( اي قبل ان يخلق اللة مخلوقاته). سؤالي الثالث هو :قوله تعالي (وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلي بعضهم علي بعض)؟ ففي تفسير هذه الآيه يقول المفسرون لا يوجد وجود آخر له رب آخر لإبتغي كل اله بالتفرد بالوجود كله ولفسد الوجود ولكننا نعلم ان الوجود منتظم وغير فاسد فمعناه خالق الوجود واحد ورب الوجود واحد لكن السؤال المهم هنا هو : لماذا لا يكتف كل اله بالكون الذي خلقه ؟ لماذا يحاول ان يغزو الإله الآخر ليسلب منه الخلق الآخر لكي ينفرد بالوجود كله ؟ لماذا لايرضي كل اله بالكون الذي خلقه اي يكون لكل اله كونه ا لخاص به من غير ان يتعدي علي الآخر ؟ونحن نعلم انه لا يجب علينا ان نقيس اللة تعالي علي ما نراه في عالم المخلوقات اي بهذا نشبه اللة بالبشر لأن الإنسان القوي يسيطر علي الإنسان الضعيف وهذا التشبيه لا يجوز؟ام نقول كذلك لان من صفه اللة تعالي (المهيمن )اي إ ن اللة يجب ان يهين علي كل شيئ وما معتي قوله تعالي (لعلي بعضهم فوق بعض)؟ سؤالي الاخير هو : ما معني قوله تعالي (ليس كمثله شيئ) ؟ هل لفظه (شيئ)هنا تنطبق فقط علي الاشياء التي خلقها الله فقط من بشر وشجر وسماء والخ..؟ ام اذا قلنا مثلا انه يوجد اله آخر يشبه الله فبذلك نقول هذا لا يجوز لان الله ليس كمثله شيئ؟ السؤال الآخرهو: هل الوجود غير المتناهي لله تعالي معناه ان اللة يوجد فقط في الكون الذي خلقه اي في السبع سموات والسبع اراضين اي لا تخلو عنه ذره في الارض ولا في السماء؟ام اذا قلنا مثلا انه يوجد اله آخر يشبه اللة في صفاته لكنه غير مشارك لله في ملك السبع سموات والسبع اراضين ولا في خلقهما ولكن لديه كونه الخاص به والذي يبدا مثلا بعد حدود ملك اللة (في المكان لا في الزمان) فبذلك نقول ان هذا غير ممكن لان اللة تعالي وجود غير متناهي اي غير محدود اي لا ينتهي فقط في الكون الذي خلقه بل يتعداه الي الكون الذي خلقه الإله الآخر وبما ان الله لا يرضي بالشريك فبهذا لا يوجد اله آخر يشبه الله تعالي. ما معني ان الله واحد بلا عدد؟ وجزاكم الة الف خير وبارك فيكم.


ندعو الله ان يمن عليك بالصحة و الشفاء و ان يلبسك ثوب العافية، ويسدد خطاك. قبل الاجابة عن الاسئلة التي وردت في رسالتكم الموقرة، نود الاشارة الي نقطتين الاولي: ان هذه اول رسالة تصل الي مركزنا فلم يصل قبلها شيء حتي تعتبين علينا لعدم الاجابة. النقطه الثانية: ان من نعم الله و الطافه علي العباد انه لم يؤاخذهم علي كثير من الامور و رفع منهم تسع اشياء اساسية كماوردت في حديث الرفع الوارد عن الرسول الاكرم حيث قال تعالي ” رفع عن امتي تسع... و التفكر في الخلق “[1] فهذه الحالة التي تعيشينها في الواقع لاتعتبر نقطة سلبية مالم تصل الي مرحلة الاعتقاد و الاطمئنان القلبي و ابرازها الي الخارج  و الإفصاح عنها نحن نري من خلال لحن السؤال انك علي درجة عالية من الايمان بالتوحيد و بالله سبحانه و لذلك عبرتي عنه ”بالوسواس اللعين“ اذاً انت تعرفين ان هذا مجرد وسواس و متذكرة له و عالمة به و لذلك يشملكي قوله تعالي: ( إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُون‏ )[2]. بعد هذه المقدمة نرجع الي الاجابة عن الاسئله التي نري انها قد تكون متداخلة: في الواقع ان النقطة الاساسية في بحث التوحيد و الايمان بوجود اله واحد لهذا الكون هو البحث عن ان هذا الخالق هل هو من جنس المادة ام لا؟ فاذا كان من جنس المادة و الماديات فلابد ان يكون محكوماً بقوانيين المادة، و اما اذا لم يكن كذلك بل كان مجرداً عن المادة و الماديات فحينها لايمكن ان تنطبق عليه احكام المادة. و قد اثبت جميع العلماء و الفلاسفه والمتكلمون ان الله سبحانه ليس بمادة بل هو وجود مجرد. والذي ـ حسب الظاهر ـ  اوجد حاله اللبس عندك هو عدم التمييز بين الامرين جيداً. اذا عرفنا هذه المقدمه نقول: ان المسائل الإلهية و الميتافيزيقية لاتحل بالمنطق الرياضي أبداً، ذلك ان الكمية انما تنطبق علي الجسم و المادة. ولهذا فقول النصاري ”ان الله ثالث ثلاثة“ يجعل منه في صف موجودين آخرين و يعرض عليه العدد و الكم فيكون مادة و جسماً. و من جهة اخري انه لما كان ازاء موجودين آخرين فهو الي جانبهم و هم الي جانبه، و هو في موازاتهم و هم في موازاته، و لما كانا محدودين فهو محدود أيضاً، و هذا مستحيل لان ما كان محدوداً لايمكن ان يكون إلهاً. الموجود المادي و الجسمي ليس الهاً، بل ان الله و طبقاً للبراهين العقلية و النقلية المحكمة هو: تلك الحقيقة المحضة و الوجود المطلق لا يجد ابداً، (نرجو الانتباه الي هذه النقطة) ولانه (بكل شيء محيط) فالمحيط المطلق لايحد بحد، و من جهة ان الله خالق الاجسام فهو ليس بجسم و بناء علي هذا فالتثليث او التثنيه لاينسجم مع الايمان بوحدانية الله تعالي ابداً. ولذلك نجد القرآن ينفي ذلك كله و يقول: (ليس كمثله شيء ) كان يكون الي جانبه اثنان مثله ليصيروا ثلاثة فيكونان وثالثهم الله ليصدق عليه انه ثالث ثلاثة مثلاً، اذاً كان الله محدوداً  و اذا كان كذلك كان جسماً مادة فله نظير مع ان القرآن يقول ( ليس كمثله شيء ) و من جهة اخري فان وحدانية الله ليس وحده عددية، فهو خالق العدد، و هو الواحد (لابالعدد) لانه خالق العدد و خالق الكم و لايخضع للعدد لكي يحكمه ولايقبل الكم لانه خالق الكم. اضف الي ذلك ان وحدته سبحانه (احدية) و عندما يصف الله نفسه بالواحد في القرآن يقرنه بوصف (القهار) فيقول: (الواحد القهار) فوحدته وحدة قاهرة و ليست وحدة تتقبل الحريك، فاذا كان موجوداً كسائر الموجودات الاخري، لكان في مستواهم و موازاتهم و هم في موازاته و  مستواه، ولكانت وحدته غير قاهرة اذن، ولاتخضع الاشياء ولاتستوعبها، ولذلك سبحانه ( الله الواحد القهار ) ليبين ان وحدته قاهرة. ووحدة القهار لاتدع مجالاً لتوهم الشريك، و انه (مع كل شيء) في حين لاشيء مع الله لان هذه المعية هي معية القيومية و لهذا يقول القرآن الكريم (ليس كمثله شيء) ويقول ايضاً ( الله الواحد القهار ). عندما دعي و ثنيو الحجاز و عبدة الاصنام إلي التوحيد قالوا: ( أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجاب‏ ) [3] تصورا ان ذلك الواحد الذي يدعوهم الرسول الاكرم (ص) اليه هو نظير احد هذه الاصنام و لهذا عجبوا، وقالوا: ان هذا النبي ينفي الألهة المتعددة ويدعونا لعبادة الي واحد فقط ( أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجاب )، فاوضح لهم القرآن ان هذا الواحد ليس من صنف اولئك بل هو ( الواحد القهار ) فبين لهم ان وحدته جل و علا أحدية اي تشمل الجميع ولاتبقي مجالاً للغير، فهو قاهر. الخلاصه: لايمكن فرض موجود في مقابل الله لانه سبحانه احد و احد قاهر، فلا فراغ موجود كي يملأه الاله الثاني، ولانقص موجود ليكمله الشريك، فيكون هنا حد للاله الأول و ما بعده حدود للإله الثاني بل ( قل هو الله احد ) فلا مكان لغيره، كما ان الكل بحاجة اليه فهو الصمد و الغني المحض [4] و اما فرض وجود إله لايعمل. فنسأل حينئذ: ما هي الفائدة-علي فرض امكانه- من هذا الإله الذي لايعمل ولا يحرك ساكنا. و اما انهما اتفقا علي ابداع النظام و لم تفسد السماوات و الارض. فهذا مبني علي فرض وجود الشريك و قد ابطلته الادلة العقلية والنقلية و كما بينا لكم في جواب السؤال الاؤل. اضف الي ذلك ان المفروض ان كل اله يعمل بصورة مستقلة عن الآخر لا من خلال المشاورة لانه لايحتاج الي المشاورة مع الآخرين، وذلك لان المشاورة في الخلق يعني انه عاجز عن القيام بالعمل قبل المشاورة و الا ما احتاج اليها، وعلي فرض العجز، فهذا ليس باله . اضف الي ذلك لوفرضنا صحة ذلك كله، نحن نعلم ان احد الالهين قد اخبر انه خلق العالم لوحدة ولم يشاركه فيها احد ولم يستشر فيها احدا. وهنا نسأل: هل هو صادق في قوله اولا؟ فان كان صادقاً في قوله انتفي وجود الشريك، و ان كان كاذباً فليس بإله لان الإله لايكذب، و علي فرض جواز ان يكذب، لماذا يسكت الإله الآخر ولم يفضح شريكه و يقول: نحن اشتركنا في الخلق؟!!

1