منذ 3 سنوات

الزواج من فتاة شيعية

انا عازم علي الزواج من فتاة شيعية واثني عشرية، لكن سمعت ان الشيخ الخميني عنده فتاوي مخالفه للعقل، انه يرفض زواج السني من الشيعية، وانه يستحل بعض المحرمات كزواج المتعه والوطء في الدبر، وكذلك التفريش علي الرضيعة ولكم كل التحية.


لا ريب ان الاقدام علي الزواج و تكوين اسرة تعبر نواة في المجتمع من الامور المهمة جداً و التي ينبغي للانسان ـ الرجل او المرأه ـ ان يفكروا فيها كثيراً لانها لا ترتبط بمصيرهم فقط بل القضيه تتعلق بمستقبل الاطفال و مستقبل الاسرة. و من الامور المهمة التي لاينبغي اغفالها و التغاضي عنها مسألة انسجام المرأة و الرجل من الناحية الفكرية و العقائدية. اخي العزيز لا نكن مثاليين اكثر من اللازم و يجب علينا ان نكون موضوعيين ندرس الامور بتعقل وامعان، صحيح انك الآن ترغب في الزواج من الاخت الشيعية ولكن هذه الرغبة قد تكون تحت تأثير عوامل خارجية كالجمال او المال او ما شابه ذلك، و لذلك نري الشاب في الايام الاولي التي يريد الزواج يغض الطرف عن الكثير من المسائل، ولكنه حينما يتزوج و يشيع حاجته الجنسة حينئذ تطفح علي السطح الفوارق و السلبيات التي كانت كامنة و التي حاول تجاهلها، و هي مهمة جداً و لذلك نراه يصطدم بمشاكل و عقبات عويصة جداً، فخذ علي سبيل المثال الاخوة الذين تزوجوا من اجنبات كم كانت نسبة الطلاق بينهم؟ الواقع كان اغلب تلك الزيجات قد انتهت الي الانفصال و ضياع الاسرة. فلنكن اكثر واقعية و نتحدث معك بصورة واضحة لان الأمر يستدعي ذلك: فلو فرضنا انكم بعد زواجكم شرعتم في بحث الخلافة بعد الرسول (ص) فلاريب انك ستدافع عن الخليفة الاول و الثاني و الثالث  لانك تراهم هم اصحاب الحق، ا ليس كذلك؟ فلو خالفتك زوجتك و قالت لك الحق مع علي عليه السلام، ماذا سيكون موقفك؟ ثم لو فرضنا انك بحثت معها ما ارسلته البنا و قلت فيه ”ان للخميني فتاوي مخالفة للعقل“ و خالفتك زوجتك و قالت لك انها ”فتاوي صحيحة“ ماذا سيكون ردك؟ هل تقبل الحق؟ ام ماذا؟ نرجو منك ان تدرس المسألة جيداً. بعد هذه المقدمة التي نرجوا ان نكون قد قدمنا لك النصح فيها، نعود الي الاسئلة التي طرحتها: اما قولك ”ان للخميني فتاوي مخالفة للعقل“ فهذا كلام غير صحيح جداً ولحسن الحظ انك قد ذكرت لنا مصدر كلامك، و هو (انك سمعت) و الحال ايها الاخ العزيز الامور لاتعالج بالسماع خاصة و نحن في زمن كثر فيه الكذب و الافتراء، ولكي نثبت لك صحة ما نقول نبحث القضية حسب المنهج العلمي: انك قلت: ”ان الخميني يرفض زواج السني من الشيعية“ و جوابه: ان هذا الكلام غير صيحح جداً لاننا اذا راجعنا كتاب ”تحرير الوسيلة الجزء الثاني ص 256 المسألة رقم 8، نراه يقول قدس: ”لا اشكال في جواز نكاح (الشيعي) من المخالفة (المرأة السنية) غير الناصبة اي التي لم تنصب العداء لاهل بيت الرسول ـ و اما نكاح المؤمنة اي المرأة الشيعية ـ من المخالف ـ اي الرجل السني ـ غير الناصب ففيه خلاف، و الجواز مع الكراهة لايخلومن قوة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مهما امكن“. هذه هي فتوي الامام الخميني ”قدس“ و هي صريحة في الجوار، نعم هو يحتاط احتياطاً استحبابياً بعدم الزواج، و في الواقع انه (قدس) ينطلق من مسألة واقعية و يدرس الامور بموضوعية و هذا ما ذكرناه لك في مقدمة البحث.  ثم لماذا لم تسأل انت علماءكم لتري ماذا يقولون لك و ينصحونك في هذا المجال، علماً ان بعض علمائكم قد كفر الشيعة و حكم بحرمة اكل ذبيحتهم و … مثل ابن باز و غيره فهل فتاواهم منطقية ومنسجمة مع العقل!!. اخي العزيز: ادرس الامور جيداً و اتخذ القرار المناسب الذي لايعكر عليك صفو حياتك. و اما قولك" ان زواج المتعة محرم"  من قال لك هذا؟ المتعة قد شرعت في زمن الرسول (ص) و زمن الخليفة الاول ابي بكر و حرمها عمر بعد عامين من خلافته. و نحن هنا ايضاً نذكر لك الجواب عن ذلك عسي ان يكون نافعاً لك: ان الكتاب و السنة حاكيان عن مشروعية الزواج المؤقت (المتعة) فالقرآن الكريم يصرح: ( فما استمتعتم به منهن فأتوهن اجورهن فريضة ) النساء 24. و ان الاغلبية الساحقة من المفسرين يعتبرون هذه الآية مرتبطة بالزواج المؤقت، و اساساً لامجال للترديد في تشريع مثل هذا النكاح في الاسلام، انما الخلاف ـ لوكان ـ هو في نسخ هذا الزواج او عدم نسخة، اي بقائه علي مشروعيته. و روايات الفريقين حاكية عن أن هذ الحكم لم ينسخ و انما منع عن العمل به في عصر الخليفة الثاني ـ انتبه الي هذه النكتة- و هذا يعني انه موجود في زمن الرسول (ص) و الخليفة الثاني (رض) ـ و الجدير بالذكر ان هناك كلاماً للخليفة الثاني في هذا المجال يكشف أيضاً عن ان هذا النمط من النكاح كان جائزاً بل رائجاً في عصر النبي (ص) ، ويفيد ان هذا المنع لم يكن ناشئاً الا من رأي شخصي ليس الاً، لانه قال: ”ايها الناس ثلاث كن علي عهد رسول الله انا انهي عنهن و أحرمهن و اعاقب عليهن، و هي: متعة النساء، و متعة الحج و حي علي خير العمل“ . و الدليل الواقع علي ان النبي (ص) لم يمنع عن المتعة مارواه البخاري عن عمران بن حصين أنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله و لم ينزل قرآن يحرمه ولم ينه عنها حتي مات، قال رجل برأيه ماشاء“ . و من الواضح ان المقصود بالرجل هو عمر بن الخطاب [1]. واما: المسألة الاخري التي قلت فيها: " ان الخميني خالف فيها العقل: فهي" الزواج من الصغيرة".  و نحن هنا نذكرك اولا ان الرسول الاكرم عقد علي السيدة عائشة و هي في سن السادسة و دخل بها في سن التاسعة ،كما نذكر لك هنا جواباً مفصلاً في هذه المسألة نرجو ان يتسع صدرك لسماعه. ان مسألة جواز الزواج من الصغيرة من المسائل المتفق عليها بين الشيعة و السنّة الاّ بعض السنّة و هم [ابن شبرمة و ابو بكر الأصم و عثمان البتي‏] و هذا ما نبيّنه لك ضمن نقطتين هما: النقطة الاولي: في تعريف الزواج شرعا: هو عقد يتضمن اباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء و المباشرة و القبيل، و الضم و غير ذلك، اذا كانت المرأة غير محرم بنسب أو رضاع او صهر [2] او هو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة، و حلّ استمتاع المرأة بالرجل . و عرفه الحنفية بقولهم: عقد يفيد ملك المتعة قصدا، اي حل استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع في نكاحها مانع شرعي، بالقصد المباشر، فخرج بكلمة «المرأة» الذكر و الخنثي المشكل لجواز ذكوريته، و خرج بقوله «لم يمنع من نكاحها مانع شرعي» المرأة الوثنية و المحارم و الجنيّة، و انسان الماء، لاختلاف الجنس.[3] و النكاح عند الفقهاء و منهم مشايخ المذاهب الاربعة: حقيقة في العقد مجاز في الوطء لانه المشهور في القرآن و الاخبار، و قال الزمخشري و هو من علماء الحنفية، ليس في الكتاب لفظ النكاح بمعني الوطء الاّ قوله تعالي [حتي تنكح زوجا غيره‏] لخبر الصحيحين حتي «تذوق عسيلته» فالمراد به العقد، و الوطء مستفاد من هذا الخبر.[4] من هذه المقدمة نفهم ان العقد يبيح للرجل جمع الاستمتاعات خرج منها [الدخول بالمرأة] لدليل خاص به، فتبقي جميع الاستمتاعات تحت عموم جواز الاستمتاع، و هذا الامر لا يختلف فيه الفقهاء من الشيعة و السنة. يبقي السؤال التالي: هل يجوز زواج الصغيرة او العقد علي غير البالغة؟ هذا ما نبحثه في : النقطة الثانية: لقد عقد الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الاسلامي، تحت عنوان: الأهلية و الولاية و الوكالة في الزواج: فيه مباحث ثلاثة المبحث الأوّل: أهلية الزوجين: يري ابن شبرمة و أبوبكر و عثمان البتي رحمهم اللّه أنه لا يزوج الصغير و الصغيرة حتي يبلغا، لقوله تعالي: ( حتي إذا بلغوا النكاح ) فلو جاز التزويج قبل البلوغ، لم يكن لهذا فائدة، و لأنه لا حاجة بهما إلي النكاح، و رأي ابن حزم أنه يجوز تزويج الصغيرة عملا بالآثار المروية في ذلك. أما تزويج الصغير فباطل حتي يبلغ و إذا وقع فهو مفسوخ [5] و لم يشترط جمهور الفقهاء لانعقاد الزواج: البلوغ و العقل، و قالوا بصحة الزواج الصغير و المجنون. الصغر: أما الصغر فقال الجمهور منهم أئمة المذاهب الأربعة، بل ادعي ابن المنذر الإجماع علي جواز تزويج الصغيرة من كفء، و استدلوا عليه بما يأتي[6] 1 ـ بيان عدة الصغيرة: و هي ثلاثة أشهر ـ في قوله تعالي: ( و اللائي يئس من المحيض من نسائكم إن ارتبتم، فعدتهم ثلاثة أشهر، و اللائي لم يحضن ) فإنه تعالي حدد عدة الصغيرة التي لم تحض بثلاثة أشهر كاليائسة، و لا تكون العدة إلا بعد زواج و فراق، فدل النص علي أنها تزوج و تطلق و لا إذن لها. 2 ـ الأمر بنكاح الإناث في قوله تعالي: ( و أنكحوا الأيامي منكم ) و الأيم: الأنثي التي لا زوج لها، صغيرة كانت أو كبيرة. 3 ـ زواج النبي(ص) بعائشة و هي صغيرة، فإنها قالت: « تزوجني النبي(ص) و أنا ابنة ست، و بني بي و أنا ابنة تسع »[7] و قد زوجها أبوها أبو بكر رضي اللّه عنهما. و زوج النبي(ص) أيضا ابنة عمة حمزة من ابن أبي سلمة، و هما صغيران. 4 ـ آثار عن الصحابة: فقد زوج علي ابنته أم كلثوم[8] و هي صغيرة من عمر، و زوج عروة بن الزبير بنت أخيه من ابن أخيه و هما صغيران، و وهب رجل بنته الصغيرة لعبد اللّه بن الحسن بن علي، فأجاز ذلك علي رضي اللّه عنهما، و زوجت امرأة ابن مسعود بنتا لها صغيرة لابن المسيب بن نجبة، فأجاز ذلك زوجها عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه. 5 ـ قد تكون هناك مصلحة بتزويج الصغار، و يجد الأب الكف‏ء، فلا يفوت إلي وقت البلوغ. من الذي يزوج الصغار؟ و اختلف الجمهور القائلون بجواز تزويج الصغار فيمن يزوجهم. فقال المالكية و الحنابلة [9]: ليس لغير الأب أو وصية أو الحاكم تزويج الصغار لتوافر شفقة الأب و صدق رغبته في تحقيق مصلحة ولده، و الحاكم و وصي الأب كالأب. لأنه لا نظر لغير هؤلاء في مال الصغار و مصالحهم المتعلقة بهم، و لقوله (ص): « تستأمر اليتيمة في نفسها، و إن سكتت فهو إذنها، و إن أبت فلا جواز عليها »[10] و روي عن ابن عمر أن قدامة بن مظعون زوج ابن عمر ابنة أخيه عثمان، فرفع ذلك الي النبي (ص) فقال: « إنها يتيمة و لا تنكح إلا باذنها »[11] و اليتيمة: هي الصغيرة التي مات أبوها، لحديث: « لا يتم بعد احتلام »[12] فدل الحديث علي أن الأب وحده هو الذي يملك تزويج الصغار. و قال الحنفية [13]: يجوز للأب و الجد و لغيرهما من العصبات تزويج الصغير و الصغيرة لقوله تعالي: ( و ان خفتم ألا تقسطوا في اليتامي) أي في نكاح اليتامي أي اذا كان خوف من ظلم اليتامي، فالآية تأمر الأولياء بتزويج اليتامي، و أجاز أبو حنيفة في رواية عنه خلافا للصاحبين لغير العصبات من قرابة الرحم كالأم و الأخت و الخالة تزويج الصغار ان لم يكن ثمة عصبة، و دليله عموم قوله تعالي ( و أنكحوا الأيامي منكم و الصالحين) من غير تفرقة بين العصبات و غيرهم. و قال الشافعية[14]: ليس لغير الأب و الجد تزويج الصغير و الصغيرة، في حق الأب، للآثار المروية فيه، فبقي ما سواه علي أصل القياس، و الحنابلة رأوا أن الأحاديث مقصورة علي الأب، و الشافعية استدلوا بالأحاديث لكنهم قاسوا الجد علي الأب، و الحنفية أخذوا بعموم الآيات القرآنية التي تأمر الأولياء بتزوج اليتامي أو بتزويجهن من غيرهم. و قد أشترط أبو يوسف و محمد في تزويج الصغار الكفاءة و مهر المثل، لأن الولاية للمصلحة، و لا مصلحة في التزويج من غير كف‏ء و لا مهر مثل. و كذلك اشترط الشافعية في تزويج الأب الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها شروطا سبعة و هي : الأول: ألا يكون بينه و بينها عداوة ظاهرة. الثاني: أن يزوجها من كف‏ء. الثالث: أن يزوجها بمهر مثلها. الرابع: أن يكون من نقد البلد. الخامس: ألا يكون الزوج معسرا بالمهر. السادس: ألا يزوجها بمن تتضرر بمعاشرته كأعمي و شيخ هرم. السابع: ألا يكون قد وجب عليها الحج، فإن الزوج قد يمنعها لكون الحج علي التراخي، و لها عوض في تعجيل براءتها، ويجوز أن يزوج الصغير أكثر من واحدة، و أجاز المالكية للأب تزويج البكر الصغيرة، و لو بدون صداق المثل، و لو لأقل حال منها، أو لقبيح منظر، و تزوج ابالغ بإذنها، إلا اليتيمة الصغيرة التي بلغت عشر سنين، فتزوج بعد استشارة القاضي علي أن يكون الزواج بكف‏ء و بمهر المثل. و رأي الحنابلة: أن يزوج الأب ابنه الصغير أو المجنون بمهر المثل و غيره و لو كرها: لأن للأب تزويج ابنته البكر بدون صداق مثلها، و هذا مثله، فإنه قد يري المصلحة في تزويجه فجاز له بذل المال فيه كمداواته فهذا أولي، و إذا زوج الأب ابنه الصغير، فيزوجه بإمرأة واحدة لحصول الغرض بها، و له تزويجه بأكثر من واحدة إن رأي فيه مصلحة، و ضعف بعض الحنابلة هذا، إذ ليس فيه مصلحة، بل مفسدة، و صوب أنه لا يزوجه أكثر من واحدة أما الوصي لا يزوجه أكثر بلا خلاف لأنه تزويج لحاجة، و الكفاية تحصل به، إلا أن تكون غائبة أو صغيرة أو طفلة و به حاجة، فيجوز أن يزوجه ثانية. و لسائر الأولياء تزويج بنت تسع سنين فأكثر بإذنها، لما روي أحمد عن عائشة: « إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة » أي في حكم المرأة [15] فهل بعد هذا البيان يبقي مجال للاستغراب و التساؤل عن مسألة الزواج من الصغيرة؟! و في الختام نقول: علي فرض ان اهل السنة لم يقولوا بجواز ذلك، فهذا لا يعني اننا أيضا نمنع ذلك و ذلك لاننا نتبع الدليل فاذا ثبت عندنا الدليل الشرعي علي جواز الزواج من الصغيرة نأخذ به حتي لو خالفنا جميع الناس لان الحق [النص‏] احق ان يتبع.

5