لماذا يتبرأ الشيعة من كتاب الكافي بعد ان كان المصدر الاول للمذهب
الحق انك لو طالعت المصادر الشيعية لحصلت علي نتيجتين مهمتين:.
الاولي: ان كتاب الكافي كتاب حديث، لا انه كتاب عقائد، و هذا الفرق يفهمه اصحاب المعرفة اذ اعتماد كتاب الحديث و اعتبار كل ما جاء فيه يمثل عقائد المذهب الذي ينتمي اليه مؤلف هذا الكتاب بعيد عن الموضوعية، وان هذا المنهج يعتبر منهجا خاطئا ولكن لشديد الاسف نجد الكثير من المخالفين للشيعة يركزون علي كتب الحديث للنيل من الشيعة، ولو اننا اعتمدنا هذا المنهج مع اخواننا اهل السنة لخرجنا بنفس النتيجة الخاطئة التي يحمولون الشيعة بها.
الثانية: ان مصادر التشريع و الاعتقاد، و بعبارة اخري مصادر التفكير عند الشيعة هي:
الكتاب الكريم.
السنة المطهرة.
العقل.
الاجماع.
وهذا يعني ان حصر مصادر التفكير عند الشيعة في كتاب الكافي تجني و ظلم بحق الشيعة.
بعد هذه المقدمة سوف نقوم بدراسة رأي الشيعة في كتاب الكافي، حتي يتضح ان الشيعة تختلف عن اخوانهم من اهل السنة فانهم(الشيعة) يعتقدون ان كتب الحديث رغم اجلالهم لمؤلفيها، لا يمكن ان توصف بالصحة جميعا و هذا خلافا لاخواننا اهل السنة حيث اعتقدوا بوجود كتب تتصف بالصحة مثل صحيح البخاري و مسلم و غيرهما من الصحاح والمسانيد عندهم.
و علي هذا الاساس فان من المقطوع به عند الشيعة انه ليس كل ما جاء في كتاب الكافي هو صحيح لا يمكن المناقشة فيه. و ما ذكره المرحوم الكليني في هذا الكتاب من الروايات يخضع للدراسة السندية و الدلالية، فان صحت سندا و دلالة اخذنا بها و الا لم نأخذ بها و نرفضها حتي لو كانت في كتاب مثل الكافي و غيره.
الكافي بنظر الشيعة.
لقد وقف علماء الشيعة من الكافي موقفا يمكن ان يكون بالقياس إلي موقف السنة من صحيح البخاري سليما و بعيدا عن المغالاة و الاسراف فلم يتنكروا لحسناته و لم يتجاهلوا ما فيه من النقص الذي لا يخلو منه كتاب مهما اتخذ المؤلف الحيطة لاخراجه كما يريد و يحب، و مع انهم لم يغالوا فيه غلو محدثي السنة و فقهائهم في صحيح البخاري، فلقد وصفه فريق من المحدثين القدامي فوق مستواه و احاطه الاخباريون بهالة من التقديس و الاكبار، و لكن من جاء بعدهم من اعلام الطائفة قضي علي تلك الهالة و الفتوا الانظار إلي ما فيه من نقص و عيوب[i]
قال السيد في المفاتيح: ان إخبار الكليني بصحة ما دونه في الكافي كما يمكن ان يكون باعتبار علمه بها و قطعه بصدورها عن الائمة (ع) فيجوز الاعتماد عليها و الحال هذه كسائر اخبار العدول، كذلك يمكن ان يكون باعتبار اجتهاده و ظهورها عنده و لو بالدليل الظني، فلا يجوز اذن الاعتماد عليه، فان ظن المجتهد لا يكون حجة علي مثله، كما هو الظاهر من الاصحاب، بل و من العقلاء، و حيث لا ترجيح للاحتمال الاول وجب التوقف[ii]
ثم يقول السيد الحسني: و علي هذا الاساس توزعت احاديث الكافي التي بلغت ستة عشر الف حديث و مائة و تسعة و تسعين حديثا علي النحو التالي: الصحيح, الحسن، الموثق، القوي، و الضعيف[iii]
فاذاً الشيعة لا تعتقد بان كل ماجاء في كتاب الكافي يجب الاذعان له و العمل وفقه، كما انها لم تبرأ منه كما جاء في متن السؤال، بل نري ان علماء الشيعة يخضعون جميع روايات الكافي و غيره من الكتب الحديثية للبحث و الدراسة متنا وسندا و لكي يثبتوا عدم مخالفتها للكتاب و السنة القطعية، و هذا منهج سليم جدا لا اعتقد ان هناك من يعترض عليه.[iv]