منذ سنتين

حروب الردة

بيان حروب الردة، وهل ان جميع القبائل العربية ارتدت عن الدين الاسلامي ارتداد كفر، ام لا؟ .


من الوقائع والاحداث المهمة التي وقعت بعد رحيل النبي الاكرم صلي الله عليه وﺁله وسلم واعتلاء ابي بكر منصة الحكم، الحروب الموسومة بحروب الردة، او حركة الارتداد. والبحث في هذه القضية يستدعي دراسة القضية بجميع ابعادها، لنري ما هي تشكيلات هذه الحركة وماهي مقوماتها واهدافها وغاياتها ؟ وهل هي حركة واحدة تنطلق من توجه واحد ؟ او هي في الواقع فيها اكثر من مكون واكثر من غاية وهدف؟. الحقيقة ان ما حدث بعد رحيل الرسول الاكرم (ص) لايمكن وسمه بسمة واحدة ولايمكن وضعه تحت اطار خاص او حركة خاصة، وان كان الجميع يشترك في انه نوع من التمرد والعصيان للحكومة الجديدة بقيادة ابي بكر. وعلي هذا الاساس لو القينا نظرة علي الخارطة العامة للتحرك المذكور نجد انها تتكون من اكثر من اتجاه،وتحمل اكثر من هدف، وهذه الخارطة عبارة عن : الاتجاه الاول : اللذين ادعوا النبوة يحدثنا التاريخ انه وبعد رحيل النبي (ص) ادعي النبوة مجموعة من الافراد، وهذا الامريعود في واقعه الي اكثر من سبب منها: 1-    ان بعض العرب بعد فتح مكة دخلوا في الدين الاسلامي من دون وعي وتفهم لمبادئه وافكاره وانما خشية من القدرة الاسلامية المتنامية. 2-    انهم كانوا ينظرون الي النبوة انها من ابتكارات قريش للتغلب عليهم، وهنا اثيرت فيهم النزعات القبلية لمقابلة قريش حتي بادعاء النبوة الكاذبة. 3-    المكر والحيلة التي تحلي بها المذكورون لاستغلال بساطة وسذاجة اقوامهم للتامر عليهم، وغير ذلك من الاسباب. ومن هؤلاء المدعين للنبوة : الاسود العنسي : حيث ادعي النبوة في اليمن، وكان ذلك في اواخر حياة الرسول الاكرم (ص)، الا انه قتل بعد ايام من رحيل النبي (ص).[1] مسيلمة الكذاب : من بني حنيفة، وقد وفد علي النبي الاكرم (ص) مع وفد قومه واظهر الاسلام، ولكنه عندما رجع الي بلاده ادعي النبوة.[2]، ثم ارسل بكتاب الي النبي يدعي فيه المشاركة في النبوة والرسالة ويطلب نصف الارض له ولانصاره، فرد عليه الرسول (ص) :" فان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين"، ثم بدأ يحاكي القران الكريم ومن جملة كلامه: "لا اقسم بهذا البلد، ولاتبرح هذا البلد، حتي تكون ذا مال وولد، ووفر وصفد وخيل وعدد، الي ﺁخر الابد، علي رغم من حسد".[3] . سجاح بنت الحارث التميمي :( وفي بعض المصادر سجاح بنت اوس بن حريز) هذه هي الاخري ادعت النبوة ثم تزوجت من مسيلمة الكذاب، وكان من مهرها اسقاط صلاتي الصبح والعشاء.[4]. طليحة بن خويلد الاسدي : حيث استطاع التاثير علي جماعة من بني غطفان وبني فزارة، عن طريق السجع الذي كان ينظمه، وكان عاقبته ان هرب الي الشام بعد انكسار اتباعه امام الجيش الاسلامي[5]، ثم عاد الي المدينة في خلافة عمر واعلن توبته. هذه هي الشخصيات التي ادعت النبوة . الاتجاه الاخر : هو الاتجاه الذي لايري لابي بكر عهدا في ذمتهم، ويري ان الامر يعود الي اهل البيت عليهم السلام، وكانوا يرون ان ابعاد اهل البيت انما تم بسبب الحسد " والله ما ازلتموها عن اهلها الا حسدا منكم لهم"[6]، روي الواقدي وابن اعثم حكاية بعض الطوائف التي اتهمت بالارتداد وهي طائفة من " كندة" حيث ذكرا القصة بالنحوالتالي: كان زياد بن لبيد عاملا علي جمع الزكاة، وكان اعضاء القبيلة انقسموا الي قسمين : قسم يقبل بدفع الزكاة، وقسم لايقبل بذلك، وفي احدي المرات اخذ زياد بن لبيد ناقة لشاب من القبيلة يدعي زيد بن معاوية وكان زيد يعتز بها بتلك الناقة، فذهب زيد الي احد رجال القبيلة اسمه حارثة بن معاوية وطلب منه المساعدة في رد ناقته اليه واخذ ناقة اخري بدلها، فانطلق حارثة الي زياد بن لبيد وكلمه بلين ورفق طالبا منه ارجاع الناقة الي صاحبها وابدالها بناقة اخري، الا ان زيادا امتنع من ذلك واصرعلي اخذ ناقة الشاب، الامر الذي اضطر حارثة للذهاب الي ابل الصدقة واخرج الناقة منه واعطاها لصاحبها، ثم التفت الي عامل الصدقة قائلا: " لو قام رجل من اهل بيته لاطعناه". والجدير بالذكر انه ليس كل رجال القبيلة كانوا يذهبون الي ما كان يذهب اليه حارثة، بل كان الكثير ممن يري ان اطاعة قريش ذلة ومسكنة لايمكن القبول بها، وانه لابد من توزيع الزكاة بين فقراء القبيلة نفسها.[7]. وهكذا كان الموقف من طائفة "بني ذهل" . الاتجاه الثالث : هو الاتجاه الذي كان متوقفا في اعطاء الزكاة لمعرفة ما يؤول اليه امر الحكومة،وكيف تستقر، وهؤلاء يمثلهم مالك بن نويرة (رحمة الله) وقومه، ومن المعروف تاريخيا الصورة الماساوية التي قتل بها مالك من قبل خالد بن الوليد ودخوله بامرأته في نفس الليلة !!. الاتجاه الرابع : هوالاتجاه الذي كان يري الارتباط بالمدينة لازما لهم مادام الرسول الاكرم حيا، اما بعد رحيله صلي الله عليه وﺁله وسلم لايرون ملزما لهم في الارتباط المذكور، ولذلك امتنعوا عن اعطاء الزكاة، ولذلك قال قائلهم:               اطعنا رسول الله ما كان بيننا           فيال عباد الله ما لابي بكر               اذا مات بكر قام بكر مكانه           وتلكم لعمر الله قاصمة الظهر[8] ولعل هذا مايظهر من شعر مالك بن نويرة :               وقلت : خذوا اموالكم غير خائف         ولاناظرا فيما يجيئ به الغد             فان قام بالامر المخوف قائم               منعنا وقلنا الدين دين محمد [9]() ومن الواضح من ذلك ان الموقف كان موقفا من ابي بكروحكومته وليس من الدين الاسلامي. الخلاصة : لايمكن ان نصف الجميع بانهم ارتدوا عن الدين واعلنوا خروجهم علي مبادئه ومعتقداته.[10]