طلب شرح قصيدة
ارجو منكم تزويدي بشرح نونية الشاعر الاندلسي ابن زيدون.
بما ان الطلب خارج عن حيطة عملنا ويحتاج الي وقت كبيروقلة الكادر عندنا هذا من جهة ومن جهة اخري اننا لانريد ان ترجع رسالتكم من دون جواب ، من هنا نرسل اليكم ما هو موجود في بعض المواقع علي الشبكة ، نرجو ان ينال ذلك رضاكم:
القصيدة:
وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا أَضْحَي التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا
حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا
حُزنًا مع الدهر لا يَبلي ويُبلينا مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم
أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا
بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا غِيظَ العِدي من تساقينا الهوي فدعوا
وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا
رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم
بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد
وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا كنا نري اليأس تُسلينا عوارضُه
شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا
يَقضي علينا الأسي لولا تأسِّينا نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا
سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ
وموردُ اللهو صافٍ من تصافينا إذ جانب العيش طَلْقٌ من تألُّفنا
قطوفُها فجنينا منه ما شِينا وإذ هَصَرْنا غُصون الوصل دانية
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا ليسقِ عهدكم عهد السرور فما
أن طالما غيَّر النأي المحبينا لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً
من كان صِرفَ الهوي والود يَسقينا يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به
إلفًا، تذكره أمسي يُعنِّينا واسأل هناك هل عنَّي تذكرنا
من لو علي البعد حيًّا كان يُحيينا ويا نسيمَ الصِّبا بلغ تحيتنا
منه ولم يكن غِبًّا تقاضينا فهل أري الدهر يَقصينا مُساعَفةً
مسكًا وقدَّر إنشاء الوري طينا ربيب ملك كأن الله أنشأه
مِن ناصع التبر إبداعًا وتحسينا أو صاغه ورِقًا محضًا وتَوَّجَه
تُومُ العُقُود وأَدْمَته البُري لِينا إذا تَأَوَّد آدته رفاهيَة
بل ما تَجَلَّي لها إلا أحايينا كانت له الشمسُ ظِئْرًا في أَكِلَّتِه
زُهْرُ الكواكب تعويذًا وتزيينا كأنما أثبتت في صحن وجنته
وفي المودة كافٍ من تَكَافينا ما ضَرَّ أن لم نكن أكفاءَه شرفًا
وردًا أجلاه الصبا غَضًّا ونَسْرينا يا روضةً طالما أجْنَتْ لَوَاحِظَنا
مُنًي ضُرُوبًا ولذَّاتٍ أفانِينا ويا حياةً تَمَلَّيْنا بزهرتها
في وَشْي نُعمي سَحَبْنا ذَيْلَه حِينا ويا نعيمًا خَطَرْنا من غَضَارته
وقدرك المعتلي عن ذاك يُغنينا لسنا نُسَمِّيك إجلالاً وتَكْرِمَة
فحسبنا الوصف إيضاحًا وتَبيينا إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ في صفةٍ
والكوثر العذب زَقُّومًا وغِسلينا يا جنةَ الخلد أُبدلنا بسَلْسِلها
والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينا كأننا لم نَبِت والوصل ثالثنا
حتي يكاد لسان الصبح يُفشينا سِرَّانِ في خاطرِ الظَّلْماء يَكتُمُنا
عنه النُّهَي وتَركْنا الصبر ناسِينا لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
مكتوبة وأخذنا الصبر تَلْقِينا إذا قرأنا الأسي يومَ النَّوي سُوَرًا
شِرْبًا وإن كان يروينا فيُظمينا أمَّا هواكِ فلم نعدل بمنهله
سالين عنه ولم نهجره قالينا لم نَجْفُ أفق جمال أنت كوكبه
لكن عدتنا علي كره عوادينا ولا اختيارًا تجنبناه عن كَثَبٍ
فينا الشَّمُول وغنَّانا مُغَنِّينا نأسي عليك إذا حُثَّت مُشَعْشَعةً
سِيمَا ارتياحٍ ولا الأوتارُ تُلهينا لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدي من شمائلنا
فالحُرُّ مَنْ دان إنصافًا كما دِينَا دُومِي علي العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظةً
ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا
بدرُ الدُّجَي لم يكن حاشاكِ يُصْبِينا ولو صَبَا نَحْوَنا من عُلْوِ مَطْلَعِه
فالطيفُ يُقْنِعُنا والذِّكْرُ يَكْفِينا أَوْلِي وفاءً وإن لم تَبْذُلِي صِلَةً
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْتِ تُولِينا وفي الجوابِ متاعٌ لو شفعتِ به
صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ
شرح المفردات :
إليك الشرح من شرح الدكتور/ يوسف فرحات لديوان ابن زيدون
1ـ أمسي التباعد بديلا من التقارب وحل الجفاء بدل اللقاء الطيب
2- أطل صباح البعد والفراق فكان شبيها بقدوم الناعي
3 ، 4 ـ يبلغ الناعي الذين ألبسونا حزنا باقيا بسبب بعاد الأحباء أن الزمان الذي كان يضحك ويشعر بالاتياح قرب الحبيب قد تسبب بعد ذلك بالبكاء.
5- اغتاظ الأعداء من رؤيتنا نتساقي الحب فدعو بأن نغص بهذا الشراب واستجاب الدهر لطلبهم.
6- انحلت الروابط التي كانت تعقد روحينا وانقطع ما كان يصل بين أيدينا.
7- لم نكن بالأمس نخشي الفراق أما اليوم فلا رجاء باللقاء.
8- لم نحاول يوما إرضاء الأعداء فهل نالوا حظهم من الرضي والارتياح؟
9- لم نأخذ إلا الوفاء لكم عقيدة بعد بعدكم وهذا الوفاء جعلناه لنا دينا.
10- لانستحق أن يفرح الحسود بما حل بنا ولا أن بسر مبغض بما وصلنا إليه.
11- كنا نظن أننا لانعرف اليأس ولا مظاهره فكيف استطاع أن يغافلنا.
12- ابتعدتم وابتعدنا فجفت أحشاؤنا ويبس قلبنا من شدة الشوق إليكم ولم تجف بعد دموعنا.
13- حين تدعوكم قلوبنا وتطلبكم يكاد الحزن أن يقضي علينا لو لا الأمل باللقاء وهذا الأمل يعزينا.
14- تغيرت أيامنا بعد فقدكم فأمست سوداء بعدما كانت معكم ليالينا بيضاء.
15- كانت جوانب عيشنا باسمة أيام التآلف وأجواء لهونا صافية ليس فيها ما يكدر صفاء محبتنا.
16- جذبنا غصون العلاقة الطيبة وكانت ثمارها قريبة فجنينا منها ما شئنا.
17- فالينزل الخير علي أيام الألفة معكم إذ كانت أيام فرح وسرور وكنتم كالرياحين المنعشة لأرواحنا.
18- لا تعتقدوا أن ابتعادكم عنا يغير من حالنا مع أن البعد يبدل شعور الأحباء.
19- والله لم تتوجه ميولنا إلي سواكم ولا ابتعدت عنكم أمنياتنا.
الشرح المفصل للقصيدة:
الفكرة العامة: محافظة الشاعر علي حبه لولادة.
الأبيات (1-10) والشاعر في هذه الأبيات، يذوب آسي وألما علي فراق ولادة بن المستكفي حبيبته وعشقته، ويحترق شوقا إليها وإلي الأوقات الصافية المتعة التي أتيحت له معها . وفي ظلال هذه العاطفة المتأججة الملتهبة يقول شعره نابضا بالحياة مترجما عن الحب كاشفا عن الشوق.مختصر الفكرة:وصف لحال الحاضر ووصف الماضي ويتخلل هذا القسم أبيات الوفاء والحب والتجلد علي الواقع الأليم.
أضحي التنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا
يستهل الشاعر قصيدته بالتوجع والتحسر علي ما صارت إليه حاله فقد تغيرت من قرب بينه وبين محبوبته إلي بعد ونأي يتزايد مع الأيام. لقد تحول القرب بعدا وصار اللقاء جفاء وهو أمر يشقيه ويعذبه.
نجد الشاعر أنه استخدم ألفاظا جزلة في التعبير عن مدي وطول البعد وقوة الشوق حيث استخدم ألفاظ ذات حروف ممدودة يمتد فيها النفس ليعبر عن ألمه ونجد ذلك في جميع ألفاظ البيت الأول./ فهو يقول إن التباعد المؤلم بينه وبين محبوبة أضحي هو السائد بعد القرب الذي كان وحل مكان اللقاء والوصل الجفاء والهجر./ ومن الصور البيانية في البيت: الطباق بين ( التنائي و تدانينا ( التداني) وبين ( لقيانا وتجافينا)من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم حزنا مع الدهر لايبلي ويبلينا
في هذا البيت يستفهم الشاعر بغرض التوجع والتحسر والألم الذي حل به ويطلب من أحد أن يبلغ الذي ألبسه هذا الحزن الدائم المتجدد وابتعد عنه( ويقصد الواشين الذين فرقوا بينه وبين محبوبته ) والصورة البيانية هو تشبيه الشاعر سيطرة الحزن علي نفسه باللباس أو بثوب يلبسه ويكسو جسمه لا يقدم ولا يبلي بل دائم التجدد/ الغرض من الاستفهام في البيت أظهار الحزن والتوجع.
إن الزمان الذي ما زال يضحكنا أنسا بقربهم قد عاد يبكينا.
هذه هي الرسالة التي أراد الشاعر أن يوصلها إلي محبوبته حين قال في البيت السابق من مبلغ الملبسينا ماذا يبلغهم يا تري ؟ يبلغهم أن ضحكه قد تحول إلي بكاء دائم أو أن الزمان السابق والذي مايزال يضحكنا مؤنسا لنا بذكراه الجميلة مع المحبوبة قد عاد وتبدل الحال فهو اليوم يبكينا ونلاحظ الشاعر لايتطرق إلي ذكر اسم محبوبته وذلك إجلالا لها وتعظيما لشأنها ووفاء لها./ والصورة البيانية تشبيه الزمان بإنسان يضحك وتشخيصه والتجسيم بالاستعارة المكنية / كما يوجد بين (يضحكنا ويبكينا) مقابلة.
غيظ العدي من تساقينا الهوي فدعوا بأن نغص فقال الدهر: آمينا.
وقد نكون وما يخشي تفرقنا فاليوم نحن وما يرجي تلاقينا
ويواصل بث رسالته إلي محبوبته وإلي مستمعيه فيقول أن الدهر قد استجاب لدعوة أعدائه وحقق لهم ما أرادوا من إيقاع بين حبيبين وأصابهم الخزن والألم، فلم يعودا يرجوان التلاقي بعد أن كانا لا يخشيان الفراق./ الصور البيانية: تشبيه الهوي بمشروب يتبادله الحبيبان عن طريق ( الاستعارة المكنية) وتشخيص الدهر وتشبيه بإنسان يتكلم ويقول آمين كذلك عن طريق ( الاستعارة المكنية)./ ويوجد بين (تفرقنا وتلاقينا ) طباق إيجاب.
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا إليكم ولاجفت مآقينا
يبدأ الشاعر بعد وصفه لحال الحاضر المؤلم ومقارنته بالماضي السعيد يتحدث عما يكنه من وفاء لولادة ويبثها الآمه ولوعته فيقول:
ابتعدتم عنا وابتعدنا عنكم ونتيجة هذا البعد فقد جفت ضلوعنا وما تحوي من قلب وغيره واحترق قلبوبنا بنار البعد في الوقت الذي ظلت فيه (مآقينا: جمع مؤق وهو مجري العين من الدمع) عيوننا مبتلة بالدمع من تواصل البكاء لأنه مشتاق محروم فلا أقل من أن يخفف همه بالبكاء ويسلي نفسه بالدموع/ الصور البيانية: بين ابتلت وجفت يوجد مقابلة/ في قوله فما ابتلت جوانحنا هنا كناية عن شوق الشاعر/ وفي قوله ولاجفت مآقينا كناية عن حزن الشاعر.
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسي لولا تأسينا
ويستمر الشاعر في وصف الصورة الحزينة القاتمة فيقول: يكاد الشوق إليكم يودي بحياتنا لولا التصبر والأمل والتسلي في اللقاء( حينما تعود به الذكري علي الأيام الخوالي فيتصور الجمال والفتنة والحب والبهجة والأمل والسعادة ويهتف ضميره باسمها ويناجيها علي البعد في المسافات لأنها قرينة روحه وجزء نفسه حينما يعيش أبعاد التجربة العذبة المؤلمة ويوازن بين ما كان عليه وما صار إليه تقرب روحه أن تفارق جسده بسبب الحزن المفرط الذي يملأ جوانحه لولا أنه يمني نفسه بالأمل ويعزي روحه عن المحنة بالصبر)/الصور البيانية:يجسد ويشخَّص الضمائر والأسي ويجعل للضمائر لسان يناجي وللأسي قدرة علي القضاء والقتل وذلك عن طريق (الاستعارة المكنية).حالت لفقدكم أيامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا لقد تبدلت الحياة وأظلمت الدنيا الأيام المشرقة الباسمة المضيئة جللها السواد وعمها الظلام ببعد ولادة وقد كانت الليالي المظلمة الطويلة مضيئة قصيرة بقربها./ الصور البيانية يوجد البيت مقابلة من خلال الكلمات ( أيامنا فغدت سوادا وكانت بكم بيضا ليالينا) .إذ جانب العيش طلق من تألفنا ومورد اللهو صاف من تصافينا.
وإذ هصرنا فنون الوصل دانية قطافها فجنينا منه ماشينا
وفي هذين البيتين يصف الشاعر ويتذكر أيامه مع محبوبته حيث كانت الحياة صافية متفتحة وحيث كانا يجنيان ثمار الحب مايشاءان ومتي يشاءان فهو يقول أن عيشنا الماضي كان طلق ( مشرق) من شدة الألفة بيننا وقوة الترابط حيث اللهو والسمر والتخلي فيما بينهم وبين أنفسهم لا يعكره حزن ولا هم ولا شقاق ولا خلاف ولهذا فهو صاف مثل المورد العذب الجميل من شدة تصافينا وخلو المودة مما يكدرها.
وإذ قطفنا أوأملنا( هصرنا) فنون الوصل ( أنواع وطرق الوصل) وفنون التواصل من كلام عذب وتغزل وغيرها حيث أنها وبالمودة كانت قريبة وأخذوا منه ما شاء منها ومتي شاء./ الصور البيانية: شبه اللهو بالمورد العذب وعدم التكدر بصفاء المورد/ وشبه الوصل بشجرة بها من الثمار القريبة الدانية عن طريق الاستعارة المكنية./ كما يوجد اقتباس من القرآن في قوله دانية قطافها .
الأبيات من ( 11- 13):- تأكيد الشاعر محافظته علي عهد محبوبته والوفاء لها.
ليسق عهدكم عهد السرور فما كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا إذ طالما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا.
ويطوف بالشاعر طائف الذكري الحلوة فيدعو لعهد الوفاء بينهما بالحياة والتجدد لأنه عاش فيه وصفت روحه به وتلقي من محبوبته مشاعل الأمل وحياة النفس وهو دعاء يكشف عن الحنين إلي العهد الماضي وجمال الذكري / وإذا كان الفراق يغير المحبين ويجعلهم ينسون حبات قلوبهم فلن يستطيع أن ينسي الشاعر هواه بل يزيده البعد وفاء وإخلاصا فما زالت أمانيه متعلقة بولادة وهواه مقصورا عليها فقد كانت الرياحين لروحه وما زالت كذلك والشاعر يؤكد هذا المعني ويثبته بالقسم بالله/ الصور البيانية: استخام فعل الأمر ليسق وقصد به الدعاء والغرض منه الحنين/ وشبه محبوبته ولادة بالرياحين/ يوجد بين أرواحنا ورياحينا : جناس ناقص/ استخدام القسم للتأكيد.
الأبيات:14-15: مناجاة وإشراك الشاعر الطبيعة أحاسيسه ومشاعره
يا ساري البرق غاد القصر واسق به من كان صرف الهوي والود يسقينا.
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا من لو علي البعد حيا كان يحيينا
يناجي الشاعر الطبيعة ويشرك بعضها في هواه ويستعين بها لتشاركه في حمل عبئه وتخفيف آلمه والوقوف بجانبه فيدعو المطر في ترفق ورجاء أن يباكر ويبكر في إرواء قصر محبوبته بماء المطر العذب الصافي لأنها كثيرا ما سقته الهوي خالصا نقيا من الخداع والزيف ولا يكتفي الشاعر بالمطر بل يقصد نسيم الصبا ليبلغ تحيته إلي من يهواه لأنه علي الرغم من بعده فأنه لو ألقي لي ورد لي التحية لبعث في روحي الحياة مرة أخري.
أو لينقل تحياته إلي محبوبته التي لو ردت التحية فإنها ستمنحه الحياة مهما كانت بعيدة عنه./ الصور البيانية: فقد أبدع الشاعر في مناجاته ( ساري البرق) ( ونسيم الصبا) وفي طلبه السقيا من المطر للقصر ومن فيه وفي طلب تبليغ التحية إلي من يحب من ( نسيم الصبا) فهو في ذلك يشخص الطبيعة ويأنس إليها ويبثها نجواه وأحاسيسه/ ومن الصور الكناية عن ولادة في قوله ( من كان صرف الهوي والود يسقينا) / والاستعارة المكنية في بلغ ( بلغ تحيتنا) / والاستعارة التصريحية في ( من لو علي القرب حيا كان يحيينا) حيث توحي بأن لقاءه بمن يحب حياة وبعده عنه موت وبهذا شبه اللقاء بالحياة والبعد بالموت./ أسلوب النداء الغرض منه إظهار الشوق والحنين/ والغرض من النداء في البيت هو الرجاء والتمني.
الأبيات من 16- 19: تأكيد الشاعر احترامه لمحبوبته وعودته للمناجاة مع مقارنة الحاضر المقيم بالماضي الآفل وتأكيد للوفاء ينهي إلي الاستعطاف والاستسلام لهدوء ذليل.
لسنا نسميك إجلالا وتكرمه وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا
يؤكد الشاعر في هذا البيت احترامه لمحبوبته فهو لا يذكر اسمها تكريما لها وتشريفا لقدرها العالي./ ما إعراب إجلالا: مفعول لأجله منصوب بالفتحة الظاهرة علي آخره.
يا جنة الخلد أبدلنا بسدرتها والكوثر العذب زقزوما وغسلينا
دومي علي العهد _ ما دمنا _ محافظة فالحر من دان إنصافا كما دينا
عليك منا سلام الله ما بقيت صبابة منك نخفيها وفتخفينا
يتابع الشاعر أساه ويبرز لوعته علي حرمانه الجنة التي تفيا ظلالها ونعم بتا مع من يحب ثم إذا به يستبدل بجنته نارا وطعامه الطيب وماؤه العذب يتبدلان زقوما وغسلينا /ولن يرد الشاعر نفسه القلقة ولن يعيد إليه روحه المعذبة إلا بقاءها علي الود وحفاظها علي العهد ولذلك يدعوها في استعطاف إن توفي بعهدها معه لأنه وفي به وحافظ عليه وشيمة الأحرار الوفاء بالعهد وهي منهم حتي لا يكون لأحد عليه فضل /ولكنه لا ينسي أن هذا قد أصبح من الماضي الذي لن يعود فيرسل لها سلاما يبقي ما بقيت لديه بقية من حب ونحوها. وودعها وفي نفسه ذلة وانكسار وفي الجو الذي خلقه ارتجاف وحسرة / الصور البيانية: الاستعارة التمثيلية في البيت يا جنة أبدلنا