هي يصح حديث اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه...؟ و هل يمكن اعتماد الاستخارة؟
لاشك ان امر الزواج من الامور الحساسة والمهمة جدا لان له علاقة ماسة بحياة اكثر من انسان الزوج الزوجة الاطفال و ... المزید. كما ان نجاحه او الاخفاق فيه له مردودات سلبية كبيرة علي المجتمع، من هنا نري الاسلام بل كل العقلاء قد اعطوا هذه القضية اهمية كبيرة بحيث اخذت حيزا واسعا في الدساتير والقوانين لان الاسرة تعد اللبنة الاولي للمجتمع.
و بما ان العناصر الاساسية فيها هما الزوجان فلابد من التدقيق في صلاحية هذين العنصرين حتي يحصل الحد المعقول من الاطمئنان علي نجاح الاسرة و بالتالي نجاح الاسر يؤدي الي استقرار المجتمع ورقيه.
من هنا نري الرسول الاكرم (ص) و ائمة اهل البيت (ع) قد ارشدوا المسلمين الي الطرق الصحيحة في الانتخاب و هذا ما حفلت به المصادر الحديثية.
اما بالنسبة الي الحديث المذكور فقد رواه السنة [1] و الشيعة [2] علي السواء، و هذا الحديث سواء صح سنده أم لا، يمكن القول بان محتواه و مدلوله صحيح لانه يشير الي معيار مهم في الاختيار و هو معيار الدين و الورع و التقوي التي تمثل اهم عناصر الشخصية البشرية و قد شاهدنا و حدثنا التاريخ عن مدي الانهيار الذي اصاب الاسرة في بعض البلدان التي ابتعدت عن الدين و جعلت القيمة عندها في الجمال و المال و المنصب و...
الا ان هناك ملاحظة مهمة و هي انه لابد من تعريف الدين و صاحب الدين. فهل المراد منه من يرتاد المسجد فقط؟ او يراد منه من يصلي او يطيل اللحية مثلا؟
لاشك ان ارتياد المسجد من افضل الاعمال و ان اقامة الصلاة هي الواقية التي تقي الانسان من الانهيار"ان الصلاة تنهي عن الفحشاء و المنكر" [3] ، الا ان هذا ليس هو كل الحقيقة فهناك الكثير ممن يتلبس بالدين ليخدع الناس و ان الدين لم يدخل الي قلبه ابدا، و هناك من هو ساذج الي درجة لايعرف كيف يتصرف في ابسط الامور فضلا عن ادارة شؤون اسرة و تكوين عائلة و تربية اطفال، فلو ان انسانا كان كثير الصلاة و هو بهذه الدرجة من السذاجة و البله فهل ياتري يامرنا الرسول الاكرم (ص) بان نزوجه؟
قطعا كلا، و هناك احاديث كثيرة نهت عن تزوج المراة الحمقاء" إِيَّاكُمْ وَ تَزْوِيجَ الْحَمْقَاءِ فَإِنَّ صُحْبَتَهَا بَلَاءٌ وَ وُلْدَهَا ضِيَاعٌ " [4] و هذا الامر يصدق علي الاحمق، و قد يكون الاحمق متدينا يصوم و يصلي و يحج و....
اذا الحديث يريد ان يقول اذا جاءكم انسان تتوفر فيه خصلة التدين الواعي و انه يملك من العقلانية و الاتزان المقدار الكافي و انه قادر علي ادارة شؤون الاسرة فزوجوه و لاتجعلوا المعيار المال او المنصب او كونه من البيت الفلاني او الفلاني. و بعبارة اخري ان الدين يمثل عنصرا مهما في قبول الخطيب و ليس هو العلة التامة للقبول كما قلنا بحيث لاينظر الي الامور الاخري بموضوعية فلو فرضنا ان الخطيب دميم جدا فهل نجبر الشابة ان تقضي عمرها معه و نسلبها حقها في الاختيارتحت حجة كونه متدينا. طبعا هذا لايعني تفضيل الوسيم غيرالمتدين عليه لان الفاقد للدين فاقد لاهم عنصر من عناصر قبوله كزوج للفتاة، بل القضية تدور بين المتدين فالمتدين الوسيم الواعي المتمكن ماليا و... مرجح علي غيره ممن يفتقد لتلك الصفات.
الخلاصة ان الحديث حتي لو نوقش في سنده الا ان مضمونه صحيح ينسجم مع روح الشريعة و مع التفكير العقلاني البعيد عن العصبيات و الاهواء.
اما بالنسبة الي الخيرة، فالحقيقة من حق الانسان ان يستخير الله في اموره و لا يوجد احد يقول بحرمتها او منعها، لكن من الضروري ان نعرف ان الخيرة تاتي عند موارد التحير و عدم وضوح الامور، يقول السيد الخامنئي (دام ظله) في جواب السؤال:" هل تصح الاستخارة بالسبحة أو بالقرآن في المسائل المصيرية كالزواج مثلًا؟ الجواب: في الأمور التي يريد الإنسان أن يتخذ قراراً بشأنها، ينبغي أن يتأمل و يدقق النظر فيها أولًا، أو يستشير فيها أهل الثقة و الخبرة بها، فإذا لم يرتفع بذلك كله التحيّر فيمكنه أن يستخير بعد أن يعيّن جهة ما" [5] . فعلي الانسان ان يعمل عقله و يسترشد بالاخرين و يسير مع الامور بموضوعية و وعي و قد اعطانا الله العقل حتي نتدبر و نستفيد منه في حياتنا و رسم لنا الطريق الصحيح.اما ان نعطل عقولنا و نرفض الاقدام حتي في الموارد التي نعلم انها تمتلك درجة عالية من السلامة و الصحة، نعتقد ان هذا الاسلوب بعيد عن العقلانية، يقول السيد محمد سعيد الحكيم( دام ظله) في هذا المجال: ما تعارف عند كثير من المؤمنين من عدم الاستجابة لتزويج الخاطب الذي يرتضونه إلا بعد الاستخارة بالوجه المتعارف في زماننا، ليس له أساس شرعي، و لا يناسب النصوص المشار إليها آنفا. نعم يحسن في الزواج و في جميع الأمور الاستخارة بمعني طلب الخيرة من اللّه تعالي بالوجه المتقدم في مبحث صلاة الاستخارة من الصلوات المستحبة. [6] و يقول المرحوم جواد التبريزي: الاستخارة هي المشورة من اللَّه تعالي في موارد التحيّر و عدم الوثوق بالخير في الفعل أو الترك. [7]
اما انه هل يجب العمل بالاستخارة؟ يقول سماحة السيد الخامنئي( دام ظله): لا يوجد إلزام شرعي في العمل بالاستخارة، و لكن الأفضل أن لا يُعمل علي خلافها. [8]