منذ سنتين

الفرق بين خالق الكون وخالق الاكوان

ورد في كتب العقائد ان خالق الكون اله واحد. هل معني هذا ان هناك اكوان وان التوحيد هنا مقصود به هذا الكون فقط او التوحيد نفي الاله مطلقا؟


ان الاجابة عن السؤال تقتضي بيان عدة امور: الاول: معني الكون ذكر بعض المفسرين واللغويين أن الكون معناه الحدوث و الوقوع و الصيرورة و الكفالة و هو بجميع هذه المعاني معني مصدري لا يصح إضافة كلمة الرب اليه و هي بمعني المالك المربي. نعم يصح إضافة كلمة الخالق اليه. فيقال: خالق الأكوان. علي أن لفظ الأكوان لا يدل علي تعدد عوالم الموجودات الذي يدل عليه لفظ العالمين.[1] فعلي هذا الرأي اذا قيل ان الله خالق الكون يعنون بذلك ان الله موجد الوقوع والصيرورة و الحدوث وكما عرفت ان لفظ الاكوان لايدل علي التعدد. وجاء في كتب اللغة: الله مُكَوِّنُ الأَشياء يخرجها من العدم إلي الوجود.[2] الثاني: لو فرضنا عدم صحة الفرض الاول و تعدد الاكوان و العوالم نقول: ان الفلاسفة والمتكلمين و المفسرين لم يثبتوا وحدة الخالق مطلقا من خلال الدليل اللفظي الايات والروايات، بل اعتمدوا الدليل العقلي والدليل العقلي يؤكد انه لابد ان يكون الخالق واحدا لاشريك له، من هنا قال المفسرون: فالاله واحد و هو خالق الأكوان بأسرها[3] لانه لو فرض ان هناك الاها آخر هنا يطرح السؤال:اين مكان الاله الثاني؟ هناك عدة احتمالات: 1- ان الاله الثاني متحد مع الاول حقيقة! وهذا يعني انه لايوجد الاهان بل إله واحد. 2- ان لكل منها مكانا خاصا به. هنا يعني هذا ان الاله الاول ينتهي وجوده عند بداية حدود الاله الثاني، وهكذا الاله الثاني ينتهي وجوده عند بداية الاله الاول، وهذا يعني انهما محدودين والمحدود ناقص فلا يمكن ان يكون الاها لان الاله لابد ان يكون تاما.[4] ثم ان صلاحيات كل منهما سوف تتعارض مع صلاحيات الاخر قال تعالي" لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون‏".[5] ولقد اشار سيد الاوصياء عليه السلام الي هذه الحقيقة في وصيته (ع) لولده الحسن بن علي (ع) كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين:" وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَيْتَ آثَارَ مِلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتَهُ وَ لَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لَا يُضَادُّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ وَ لَا يَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلْ أَوَّلٌ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ بِلَا أَوَّلِيَّةٍ وَ آخِرٌ بَعْدَ الْأَشْيَاءِ بِلَا نِهَايَةٍ عَظُمَ أَنْ تُثْبَتَ رُبُوبِيَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَر".[6] الخلاصة التعبير بخالق الكون تارة او خالق الاكوان اخري لايدل علي تعدد الخالق ابدا. 

2