اللّهُ الصّمد) وهو وصف اخر لذاته المقدّسة.
وذكر المفسّرون واللغويون معاني كثيرة لكلمة "صمد".
الراغب في المفردات يقول: الصمد، هو السيد الذي يُصمد إليه في الأمر، أي يقصد إليه.
وقيل: الصمد الذي ليس بأجوف.
وفي معجم مقاييس اللغة، الصمد له أصلان: أحدهما القصد، والآخر: الصلابة في الشيء ... المزید واللّه جلّ ثناؤه الصمد; لأنّه يَصمِدُ إليه عباده بالدعاء والطلب (10).
وقد يكون هذان الأصلان اللغويان هما أساس ما ذكر من معاني لصمد مثل: الكبير الذي هو في منتهى العظمة، ومن يقصد إليه النّاس بحوائجهم، ومن لا يوجد أسمى منه، ومن هو باق بعد فناء الخلق.
وعن الإمام الحسين بن علي (ع) أنّه ذكر لكلمة "صمد" خمسة معان هي:
الصمد: الذي لا جوف له.
الصمد: الذي قد انتهى سؤدده (أي في غاية السؤدد)
الصمد: الذي لا يأكل ولا يشرب.
الصمد: الذي لا ينام.
الصمد: الذي لم يزل ولا يزال.
وعن محمّد بن الحنفية (رض) قال: الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره.
وقال غيره: الصمد، المتعالي عن الكون والفساد (11).
وعن الإمام علي بن الحسين (ع) قال: "الصمد الذي لا شريك له، ولا يؤوده حفظ شيء، ولا يعزب عنه شيء.
(أي لا يثقل عليه حفظ شيء ولا يخفى عنه شيء) " (12).
وذهب بعضهم إلى أنّ "الصمد" هو الذي يقول للشيء كن فيكون.
وفي الرّواية أنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي (ع) يسألونه عن الصمد.
فكتب إليهم: "بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلّموا فيه بغير علم.
فقد سمعت جدي رسول اللّه (ص) يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النّار; وأنّه سبحانه قد فسّر الصمد فقال: اللّه أحد، اللّه الصمد، ثمّ فسّره فقال: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد..." (13).
وعن ابن الحنفية قال: قال علي (ع) تأويل الصمد: "لا اسم ولا جسم، ولا مثل ولا شبه، ولا صورة ولا تمثال، ولا حدّ ولا حدود، ولا موضع ولا مكان، ولا كيف ولا أين، ولا هنا ولا ثمّة، ولا ملأ ولا خلأ، ولا قيام ولا قعود، ولا سكون ولا حركة، ولا ظلماني ولا نوراني، ولا روحاني ولا نفساني، ولا يخلو منه موضع ولا يسعه موضع، ولا على لون، ولا على خطر قلب، ولا على شمّ رائحة، منفي عنه هذه الأشياء". (14)
هذه الرّواية توضح أنّ "الصمد" له مغهوم واسع ينفي كلّ صفات المخلوقين عن ساحته المقدّسة، لأنّ الأسماء المشخصة والمحدودة وكذلك الجسمية واللون والرائحة والمكان والسكون والحركة والكيفية والحد والحدود وأمثالها كلها من صفات الممكنات والمخلوقات، بل من أوصاف عالم المادة، واللّه سبحانه منزّه منها جميعاً.