منذ سنتين

الامام يتقي والتقية كذب و معصية

تتفق مصادر الشيعة على العمل بالتقية للأئمة وغيرهم ـ كما سبق ـ وهي أن يُظهر الإمام غير ما يُبطن ، وقد يقول غير الحق . ومن يستعمل التقية سيكذب ، والكذب معصية !


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . أولاً : إن العمل بالتقية لا يلازم الكذب ، لإمكان الاستفادة من التورية ، لأن التورية ليست كذباً . وقد كان رسول الله « صلى الله عليه وآله » إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها 1 . فهل كان رسول الله « صلى الله عليه وآله » يكذب ـ والعياذ بالله ـ وبالتالي ليس معصوماً ؟! والتورية هي : أن يستعمل كلاماً ذا وجهين ، يقصد هو أحدهما ، فإذا فهم السامع منه المعنى الآخر ، فهل يكون القائل مسؤولاً عن ذلك ؟! وهذا من قبيل قولهم : إن أحدهم سأل رجلاً عن الوصي بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، ليمتحنه بذلك ، فأجاب : من كانت ابنته تحته 2 . ففهم السني : أنه أبو بكر . وفهم الشيعي : أنه علي « عليه السلام » . ومن قبيل ما جرى بين عقيل ومعاوية ، حيث أمره معاوية بلعن علي على المنبر فصعد المنبر ، وقال : إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن علياً ، فالعنوه ، عليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين 3 . فمن الذي قال : إن الأئمة ما كانوا يستعملون أمثال هذه التعابير للتخلص من الخطر المحدق ؟! ثانياً : لو أن طاغوتاً كان يبحث عن نبي أو وصي ، أو عن مؤمن ليقتله . . وخبأته عندك . . وسألك ذلك الطاغوت عنه ، فهل يجوز لك أن تخبره بمكانه ، وتتسبب بذلك بقتله ؟! أم أن الصدق في مثل هذا المورد حرام ، لأنه يؤدي إلى قتل مؤمن ، أو نبي ، أو وصي ؟! ألا يدلُّك ذلك : على أنه ليس كل كذب حرام ، وليس كل صدق حلال ؟! بل الصدق معصية في هذا المورد ، والكذب واجب ؟! ثالثاً : قد شرع الله تعالى التقية بقوله : ﴿ ... إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ... ﴾ 4 . فإن كانت التقية كذباً ومعصية ، فكيف يشرعها الله تعالى لعباده ؟! وقد أمر النبي « صلى الله عليه وآله » عماراً باستعمال التقية مع المشركين ، وقال له : إن عادوا فعد 5 . وأنتم تقولون : إن الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع . رابعاً : قد ذكرنا في إجابة على سؤال آخر : موارد كثيرة استعمل فيها المسلمون والعلماء ، بل والأنبياء التقية . وقد ذكر القرآن مؤمن آل فرعون ، الذي كان يكتم إيمانه ، وذكر تقية إبراهيم الخليل « عليه السلام » من قومه حين قال لهم : ﴿ ... إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ 6 ، لئلا يخرجوه معهم ، لأنه أراد أن يحطم أصنامهم 7 . وذكر أيضاً : النبي يعقوب ، حيث يقول لولده النبي يوسف « عليهما السلام » : ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا ... ﴾ 8 . وهذا من موارد التقية . وقد أفتى الشافعي بالتقية . . فقد قال الرازي في تفسيره : « إن مذهب الشافعي : أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين ، حلت التقية ، محاماة عن النفس » 9 . والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 10 .

1