منذ سنتين

التكليم من وراء حجاب

قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ . كيف يلتئم وقوله: ﴿ ... وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴾ ، وقوله: ﴿ ... وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا ... ﴾ حيث وقع التكليم مباشرةً ؟!


لم تنفِ الآية الأُولى التكليم رأساً ، وإنّما نَفَته على الطريقة المعهودة بين الناس حيث يقع مشافهةً ، نعم تكليمه تعالى يقع على طرائق ثلاث: إمّا وحياً وهو النَفث في الرَوع ، فيتلقّى النبيّ بشخصيّته الباطنة ما يُلقيه إليه وحي السماء ، وهو نوع مِن الإلهام خاصّ بالأنبياء والرسل . أو بإسماع الصوت من غير أن يُرى شخص المتكلّم ، كأنّه يتكلّم من وراء حجاب ، وهذا بِخَلقِ التموّج الصوتي في الهواء ليَقرع مسامع النبيّ فيستمع إليه ، ولكنّه لا يُرى المتكلّم وإن كان يسمع صوته ؛ ومِن ثَمّ وقع التشبيه من وراء حجاب . وهذا هو الذي وقع مع موسى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) . أو بإرسال رسول ـ ملك الوحي ـ وهو جبرائيل ( عليه السلام ) ، فيُلقي ما تلقّاه وحياً على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ، والأكثر ولعلّه الشامل من الوحي القرآني هذا النوع الأخير . والتكليم والنداء في الآيتَين هُما من النوع الثاني أي التكليم من وراء حجاب ، إذن فلا منافاة 1 .

1