لم تنفِ الآية الأُولى التكليم رأساً ، وإنّما نَفَته على الطريقة المعهودة بين الناس حيث يقع مشافهةً ، نعم تكليمه تعالى يقع على طرائق ثلاث:
إمّا وحياً وهو النَفث في الرَوع ، فيتلقّى النبيّ بشخصيّته الباطنة ما يُلقيه إليه وحي السماء ، وهو نوع مِن الإلهام خاصّ بالأنبياء والرسل .
أو بإسماع الصوت من غير أن يُرى شخص المتكلّم ، كأنّه يتكلّم من وراء حجاب ، وهذا بِخَلقِ التموّج الصوتي في الهواء ليَقرع مسامع النبيّ فيستمع إليه ، ولكنّه لا يُرى المتكلّم وإن كان يسمع صوته ؛ ومِن ثَمّ وقع التشبيه من وراء حجاب . وهذا هو الذي وقع مع موسى النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) .
أو بإرسال رسول ـ ملك الوحي ـ وهو جبرائيل ( عليه السلام ) ، فيُلقي ما تلقّاه وحياً على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ، والأكثر ولعلّه الشامل من الوحي القرآني هذا النوع الأخير .
والتكليم والنداء في الآيتَين هُما من النوع الثاني أي التكليم من وراء حجاب ، إذن فلا منافاة 1 .