logo-img
السیاسات و الشروط
منذ 3 سنوات

خلق السموات و الارض في ستة ايام

سؤال : قال تعالى : ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ . وقال : ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴾ ... ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ﴾ . وقال: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ... ﴾ ، وقد تكرّر ذلك في سبعِ مواضع مِن القرآن. والسؤال هنا من وجهين : الأوّل : دلّت الآية الأُولى على أنّ الأرض خُلقت قَبل السماء ، في حين أنّ الآية الثانية نصّت على أنّ الأرض بعد ذلك دَحاها . الثاني : ظاهر دلالة الآية الأُولى هو أنّ خِلقة السماوات والأرض وما فيها وقعت في ثمانية أيّام ، في حين أنّ الآية الأخيرة ونظيراتها دلّت على وقوع ذلك في ستّة أيّام ، فكيف التوافق؟


دلّت الآية على أنّ الأرض ذاتها خُلقت قَبل السماء وإنْ كان دَحوها أي بسطها وتسطيح قِشرتها قد تأخّر بعد ذلك بأيّام . وهذه الأيّام هي من أيّام الله التي يَعلم هو مَداها ، وليست مِن أيّام الناس ، وقد خُلقت الأرض في يومَين ، وجعل فيها الرواسي وقدّر فهيا الأقوات أيضاً في يومَين ، فهذه أربعة أيّام ، تمّت بها خِلقة الأرض وما فيه من جبالٍ وأرزاقٍ وبركات ، ثُمّ استوى إلى السماء فخلقهنّ في يومَين ، فتلك ستة أيام على ما جاء في آيات أُخرى . وهذا كما يُقال : سرتُ من البصرة إلى الكوفة في يومَين ، وإلى بغداد في أربعة أيّام ، أي من البصرة إلى بغداد ، باندراج اليومَين اللذين سار فيهما إلى الكوفة . وهناك تفسير آخر للآية لعلّه أدقّ ، يَجعل الأربعة الأيام ظرفاً لتقدير الأقوات إشارةً إلى فصول السَّنة الأربعة ، حيث فيها تتقدّر أرزاق الخلائق والأنعام والبهائم والدوابّ ، ذَكَره عليّ بن إبراهيم القمي في تفسيره للآية ، قال : يعني في أربعة أوقات ، وهي التي يُخرج الله فيها أقوات العالم من الناس والبهائم والطير وحشرات الأرض ، وما في البرّ والبحر مِن الخَلق والثمار والنبات والشجر ، وما يكون فيه مَعاش الحيوان كلّه ، وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء ... المزید ثُمّ جَعَل يَذكر كيفية تقدير هذه الأقوات في كلٍّ من هذه الفصول 1 . وقد ارتضاه العلاّمة الطباطبائي واعتمده في تفسيره 2 . فمعنى الآية ـ على ذلك ـ : أنّ الله خَلق الأرض في دورتَين ، وجعل فيها رواسي وبارك فيها ، وقدّر أقواتها حسب فصول السنة ، وهكذا قضى السماوات سبعاً في دورتَين ، فهذه أربعة أدوار ذَكَرَتهُنّ الآية : دورتان لخِلقة الأرض ، ودورتان لجعل السماوات سبعاً ، وبقيت دورتان لخِلقة أصل السماء وما بينها و بين الأرض من أجرام كانت الآية ساكتةً عنهما ؛ ومِن ثَمّ فهي لا تتنافى وآيات أُخرى ذَكَرنَ ستة أدوار لخِلقة الأرض والسماء وما بينهما 3 .

3