كيف يليق تكفير من رضي الله تعالى عنهم لبيعتهم ؟!
لا يستطيع الشيعة أن ينكروا أن أبا بكر وعمر وعثمان «رضي الله عنهم» أجمعين قد بايعوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) تحت الشجرة، وأن الله أخبر بأنه قد رضي عنهم وعلم ما في قلوبهم (قال تعالى : ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ ) ، فكيف يليق بالشيعة بعد هذا أن يكفروا بخبر الله تعالى ، ويزعموا خلافه ؟! فكأنهم يقولون : « أنت يا رب لا تعلم عنهم ما نعلم »! ـ والعياذ بالله ـ .
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن علينا أن نلاحظ الأمور التالية :
أولاً : إن الله تعالى لم يقل : لقد رضي الله عن الذين يبايعونك تحت الشجرة . ليقال : إن الله تعالى قد شمل برضاه كل من بايع . . بل قال : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك ، فجعل الرضا ثابتاً للذين بايعوه متصفين بصفة الإيمان . .
ثانياً : يشهد لما نقول :
أن رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول وأصحابه كانوا حاضرين في ذلك المقام ، وقد بايع الناس كلهم ، ولم يتخلف إلا الجد بن قيس الذي كان يستر نفسه ببعيره 1 ، مع أن أحداً لا يشك في أن المنافقين غير مشمولين للرضا الإلهي لا قبل البيعة ولا بعدها . .
ثالثاً : إن هذه الآية مسبوقة بآية أخرى تحذر الذين يبايعون رسول الله « صلى الله عليه وآله » من نكث البيعة ، فقد قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ 2 .
فدلَّ ذلك على أن نيلهم للرضا الإلهي دائر مدار شرطين :
أحدهما : الوفاء بالبيعة .
والآخر : الإيمان . .
رابعاً : إن آية الرضا هذه لا تشمل سائر الصحابة . . بل هي تختص بالمبايعين في حال إجراء البيعة وبقائها ، ويدلُّنا على ذلك : أنه تعالى جاء بكلمة « إذ » الزمانية ، ليدلَّ على أنه لم يمنحهم الرضا مطلقاً .
وذلك يدلُّ أيضاً : على أن الرضا عنهم لم يكن لأجل صحبتهم ، ليشمل حتى زمان ما قبل البيعة ، وإنما لأجل بيعتهم ، وعلى سبيل الجزاء لهم على هذا الفعل بخصوصه . .
كما أنه قد قال : ﴿