منذ سنتين

علي لم يخرج في خلافته مصحف الرسول

يزعم الشيعة أن علياً « رضي الله عنه » كان عنده نسخة من القرآن الكريم مرتبة حسب ترتيب النزول ! فيقال : قد تولى علي « رضي الله عنه » الخلافة بعد عثمان « رضي الله عنه » فلماذا لم يخرج هذا المصحف الكامل السليم ؟! يلزمكم أمران : 1 ـ إما أن يكون هذا المصحف لا وجود له ، وأنكم تكذبون على علي . 2 ـ أو أن يكون علي « رضي الله عنه » قد أخفى الحق وكتمه ، وغش المسلمين طوال مدة خلافته ! وحاشاه من ذلك . وفي صياغة أخرى : لماذا لم يخرج علي « رضي الله عنه » المصحف الكامل والسليم بعد موت عثمان « رضي الله عنه » ، وذلك بعد أن تولى الخلافة ، حيث يدعي الرافضة أن علياً « رضي الله عنه » كان عنده نسخة من القرآن الكريم كاملة مرتبة حسب النزول ؟!


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين . . وبعد . . أولاً : إن هناك اختلافاً في ترتيب سور القرآن بين مصاحف ابن مسعود ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت و . . و . . وقد ذكره أبو عبد الله الزنجاني في كتابه : تاريخ القرآن . . وراجع ما ذكره اليعقوبي في تاريخه ، والشهرستاني في تفسيره مفاتيح الأسرار . وذكره غيرهم أيضاً في كتبهم المتخصصة بعلوم القرآن . وهذا لا يعني أن ثمة اختلافاً في آيات القرآن ، وأن نقصاً عرض له ، بل هو تام السور والآيات ، ليس فيه أي نقص أو اختلاف . وترتيب القرآن حسب النزول عند علي « عليه السلام » لا يعني أن الموجود بين أيدينا فيه نقص ، بل هو نفس قرآن علي « عليه السلام » ، بلا زيادة ولا نقصان ، والفرق بينهما إنما هو في أن القرآن الذي جمعه علي « عليه السلام » قد كتب فيه بيان الناسخ من المنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، وفيه شأن النزول ، وفي من نزلت الآية أو الآيات ، أو السورة ، وأين ومتى نزلت ؟! وغير ذلك . . فلا معنى للقول في السؤال : « المصحف الكامل » وقوله : « كاملة مرتبة النزول » . . فإنه يشعر بعروض النقص في المصحف المتداول . ثانياً : إن علياً « عليه السلام » قد جاء أبا بكر بالقرآن الذي نسقه ، فرأى أبو بكر أن فيه بيانات لشأن نزول الآيات ولأمور أخرى ، من شأنها أن تحرج بعض الناس . . فرد القرآن الذي جاءه به علي « عليه السلام » ، وارتأى أن يجرد القرآن من كل تلك البيانات ، ويقتصر على النص القرآني وخصوص الآيات ، كما سنذكره عن قريب . ولعل هذا هو مقصود عمر بن الخطاب حين كان يوصي الجيوش الغازية ، وهو يشيعها ويقول : « جردوا القرآن » 1 . فإن مراده بتجريده : عدم ذكر بعض أسباب نزوله ، وعدم ذكر من نزلت فيهم آيات مادحة أو قادحة . . لأن ذلك يحرج الذين ورد القدح فيهم ، ويرفع من شأن من ورد فيهم الثناء والمدح . وبعد أن اتخذ أبو بكر وعمر القرآن المجرد أساساً ، وأشاعوه في الناس ، فإن إظهار القرآن المشتمل على المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، وشأن النزول ، وفي من نزلت الآيات قد يثير الشبهة والقلاقل والبلابل ، ولا سيما من قِبَل من يرون أنفسهم متضررين من هذا الأمر ، وسيدعوهم ذلك إلى التكذيب أو إلقاء الشبهات ، والاتهام بالتلاعب والزيادة والنقيصة ، والدس وما إلى ذلك . . وفي هذا ضرر عظيم وجسيم على الإسلام ، لا يمكن الرضى به . ولو أن الخلفاء كانوا قد قبلوا نفس هذا المصحف المشتمل على كل ذلك لانتهى الأمر ، ولم يتمكن أحد من إثارة الفتنة ، بدرجة كبيرة ، ولا خطيرة . ثالثاً : إننا من أجل أن يتضح للسائل أمر مصحف علي « عليه السلام » نقول : هناك فصل مستقل ورد في كتاب (حقائق هامة حول القرآن) ، والفصل بعنوان : مصحف فاطمة . . نحب للسائل أن يطلع عليه . . ونحن ننقله كما هو ، وهو التالي : 4- بداية لقد كثر الحديث عن مصحف أمير المؤمنين « عليه الصلاة والسلام » ، وعن أنه هل يخالف هذا المصحف الموجود ، أو يوافقه ؟! وعلى التقدير الأول ، ما هو نوع هذه المخالفة ؟! وما هو حجمها ؟! وما هي المصادر التي صرحت بوجود مصحف كهذا ؟! وهل هو نفس المصحف الذي كان عند النبيّ « صلى الله عليه وآله » ، أم هو مصحف آخر ؟! إلى غير ذلك من الأسئلة ، التي ربما تراود ذهن الكثيرين من الناس . . بل لقد راق للبعض هنا : أن يسجل على الشيعة إدانة باغية ، وهي : أن قرآنهم يختلف عن قرآن المسلمين ، بحجة : أنهم يروون لعلي قرآناً ، له مواصفات أخرى كما سنرى . . ونحن فيما يلي من صفحات نحاول الإجابة على هذه الأسئلة ، بأسلوب عرض النصوص كما هي ، من أجل أن يجد الباحث فيها الجواب المقنع والمفيد ، والقاطع لكل تلك الترّهات التي يحلو للبعض أن يتشدق بها ، ويروّج لها . . فإلى ما يلي من صفحات ومطالب . 5- ماذا عن جمع عليّ عليه السلام للقرآن ؟! وبالنسبة لجمع أمير المؤمنين « عليه السلام » للقرآن في عهد النبيّ « صلى الله عليه وآله »؛ فذلك كالنار على المنار ، وكالشمس في رابعة النهار . وقد تقدمت نصوص صريحة في ذلك عن ابن النديم ، والزنجاني ، والرافعي ، وابن كثير ، والسيد الأمين . ولكن ، ولأجل تميز المصحف الذي جمعه علي « عليه السلام » ، وكتبه بإملاء رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، ولأجل أنه يختلف في ترتيبه ونظمه ، عن هذا المصحف الموجود ، فقد رأينا : أن نشير إلى بعض النصوص المتعلقة به بالخصوص ، فنقول : يقول المعتزلي الحنفي عن أمير المؤمنين « عليه السلام » : « اتفق الكل على أنه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله ، ولم يكن غيره يحفظه ، ثم هو أول من جمعه » 2 . وعن أبي جعفر « عليه السلام » : « ما أحد من هذه الأمة جمع القرآن ، إلا وصي محمد « صلى الله عليه وآله » 3 . وكان قد جمعه على ترتيب النزول 4 . أي ليعرف تاريخ نزول السورة ، وليراعي ما رافق تلك السورة من نصوص تفسيرية ، أو لبيان شأن نزولها ، وفي من نزلت ، وأين . . فإن لذلك فوائد كثيرة . وهذا يدل على صحة ما قلناه فيما سبق ، من أن ما يذكر عن جمع غير علي « عليه السلام » للقرآن موضع شك . كما أننا لم نجد لمصاحف الصحابة أي أثر في أيدي الناس ، ولا وجدنا منه شيئاً في متاحف الدنيا . ولكننا نجد نسخاً عديدة تنسب إلى الإمام علي « عليه السلام » وإلى ولده . ووجود كتَّاب للوحي لا يدل على كتابة جميع القرآن في نسخ لهم . بل هم كانوا يكتبون الآيات ، التي يطلب منهم النبي « صلى الله عليه وآله » كتابتها ، ثم ينتهي دورهم . وعن علي « عليه السلام » : « لو ثنيت لي الوسادة ؛ لأخرجت لهم مصحفاً ، كتبته ، وأملاه عليّ رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . » 5 . وروى أبو العلاء العطار ، والموفق خطيب خوارزم ، في كتابيهما ، بالإسناد : عن علي بن رباح : « أن النبيّ « صلى الله عليه وآله » أمر علياً بتأليف القرآن؛ فألفه ، وكتبه » 6 . وقد قال البعض : الصحيح : أن أول من ألف في الإسلام أمير المؤمنين علي « عليه السلام » ، جمع كتاب الله جلّ جلاله 7 . ونحن لا نوافق على التعبير بـ « التأليف » عن جمع كتاب الله تعالى ، كما أننا لا نستحب وصف علي « عليه السلام » بالمؤلف . وقيل : إنه جمعه بعد موت النبيّ « صلى الله عليه وآله » بستة أشهر 8 . ولعل المراد : أنه « عليه السلام » كتبه مرة أخرى بعد ستة أشهر . إلا أن يكون المراد : أنه جمعه مرة بعد أخرى بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فيكون « عليه السلام » قد جمعه أكثر من مرة . وعن أبي جعفر « عليه السلام » : « ما ادّعى أحد من الناس : أنه جمع القرآن كما أنزل إلا كذاب . وما جمعه ، وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب ، والأئمة بعده » 9 . وعن أمير المؤمنين علي « عليه السلام » قال : « كنت إذا سئلت رسول الله « صلى الله عليه وآله » أجابني ، وإن فنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار ، ولا سماء ولا أرض ، ولا دنيا ولا آخرة ، ولا جنة ولا نار ، ولا سهل ولا جبل ، ولا ضياء ولا ظلمة إلا أقرأنيها وأملاءها عليَّ ، وكتبتها بيدي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصها وعامها ، وكيف نزلت ، وأين نزلت ، وفيمن أنزلت الخ . . » 10 . وقد أمره النبيّ « صلى الله عليه وآله » بأن يتسلم القرآن الذي عنده ، وأن يجمعه ، وقد كان في الصحف ، والجريد ، والقرطاس ، في بيته « صلى الله عليه وآله » خلف فراشه ، حتى لا يضيع ، كما ضُيِّعَ التوراة ، والإنجيل . فجمعه علي « عليه السلام » في ثوب أصفر ، ثم ختم عليه في بيته ، وقال : لا أرتدي حتى أجمعه . . قال : « كان الرجل ليأتيه؛ فيخرج إليه بغير رداء ، حتى جمعه . . » 11 . زاد البعض : « فكان أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه . . » 12 . ولا يعني هذا أنه « عليه السلام »لم يجمع القرآن مرة أخرى على النحو الذي كان بين أيدي المسلمين . كما أنه لا يمنع من أن يكون « عليه السلام » قد جمع القرآن عدة مرات : بعضها في حياة الرسول « صلى الله عليه وآله » ، وبعضها بعد استشهاده . . وكان من بينها ما رتب حسب النزول . . وربما يشهد لذلك : تعدد النسخ التي تنسب إليه « عليه السلام » . . ومهما يكن من أمر ، فإن ما ذكرته الرواية المتقدمة من حلفه « عليه السلام » على جمع القرآن ، ثم تخلفه ليجمع القرآن ، ثم عتاب عمر له على تخلفه عن بيعة أبي بكر ، قد ذكر في مصادر أخرى أيضاً 13 . وهذه الروايات تفسر لنا ، بشكل واضح ، ما ورد : من أنه « عليه الصلاة والسلام » ، قد جمع القرآن بعد وفاة النبيّ « صلى الله عليه وآله » بثلاثة أيام 14 . وإلا فلا يمكن أن يكون « عليه السلام » ، قد كتب القرآن في ثلاثة أيام ، أو حفظه ، كما يقوله البعض 15 . إلا على سبيل الكرامة والإعجاز ، ولا ترى أن هذا هو مقصود الناقل أو القائل . أي أنه لا بد أن يكون مكتوباً ، ثم رتبه ونسّقه ، حسبما يقتضيه الأمر ، وهو ما صرحت به الرواية الآنفة الذكر . . وربما يكون لديه أكثر من نسخة مكتوبة . هذا . . ولا بد أن يكون « عليه الصلاة والسلام » قد جمعه قبل جمع زيد له ، لأن زيداً قد جمعه للخليفة بعد معركة اليمامة ، حسبما صرحت به رواية جمع زيد للقرآن . وقال المفيد وغيره : إن علياً كتب في مصحفه تأويل بعض الآيات ، وتفسيرها بالتفصيل 16 . وقال هذا الشيخ الجليل حول المصحف الموجود ، ومقايسته بمصحف أمير المؤمنين « عليه السلام » : « . .ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين « عليه السلام » ، من تأويله ، وتفسير معانيه ، على حقيقة تنزيله . وذلك كان ثابتاً ، منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى ، الذي هو القرآن المعجز ، وقد سمي تأويل القرآن قراناً . قال تعالى : ﴿ ... وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ 17 ؛ فسمى تأويل القرآن قرآناً » 18 . وقال المفيد أيضاً : قدم المكي على المدني ، والمنسوخ على الناسخ ، ووضع كل شيء منه في محله 19 . وعن علي « عليه السلام » : « ولقد أحضروا الكتاب كملاً ، مشتملاً على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ ، والمنسوخ ، لم يسقط منه حرف ألف ، ولا لام ؛ فلما وقفوا على ما بينه الله ، من أسماء أهل الحق والباطل ، وأن ذلك إن أظهر نقص 20 ما عهدوه ، قالوا : لا حاجة لنا فيه . . » 21 . وقال الأبياري : ويروي غير واحدٍ : أن مصحف علي ، كان على ترتيب النزول ، وتقديم المنسوخ على الناسخ . . 22 . وقال الشيخ الصدوق : « قال أمير المؤمنين « عليه السلام » ، لما جمعه؛ فلما جاء به ؛ فقال لهم : هذا كتاب الله ربكم ، كما أنزل على نبيكم ، لم يزد فيه حرف ، ولم ينقص منه حرف . فقالوا : لا حاجة لنا فيه ، عندنا مثل الذي عندك . فانصرف وهو يقول : فنبذوه وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمناً قليلاً؛ فبئس ما يشترون » 23 . وإنما أرجعوه إليه؛ لأن أول صفحة فتح عليها أبو بكر ، وجد فيها فضائح القوم ، أعني المهاجرين والأنصار؛ فخافوا : أن يضر ذلك بمصالحهم؛ فأرجعوه ، ثم بادروا إلى تهيئة البديل ، الذي ليس فيه شيء من ذلك ، فأمروا زيد بن ثابت بجمع القرآن لهم . . 24 . وقال ابن سيرين عن علي « عليه السلام » : فنبئت أنه كتب المنسوخ وكتب الناسخ في أثره 25 . وعنه : تطلّبت ذلك الكتاب ، وكتبت فيه إلى المدينة؛ فلم أقدر عليه 26 . وعنه أيضاً ، أنه قال : فبلغني : أنه كتبه على تنزيله؛ ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير 27 . أو قال : لو أصيب ذلك الكتاب؛ لكان فيه العلم 28 . وعن ابن جزي : لو وجد مصحفه « عليه السلام »؛ لكان فيه علم كثير 29 . وعن الزهري : لو وجد لكان أنفع ، وأكثر علماً 30 . هذا . . ولا نستبعد : أن يكون هذا المصحف هو نفس المصحف ، الذي دفعه أبو الحسن الرضا « عليه الصلاة والسلام » إلى البزنطي ، وقال له : لا تنظر فيه . قال : ففتحته ، وقرأت فيه : لم يكن الذين كفروا؛ فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش ، بأسمائهم ، وأسماء آبائهم . قال : فبعث إلي : أن ابعث إلي بالمصحف 31 . وليس في رواية الكشي : أنه قال له : لا تنظر فيه . . وهو الصواب؛ إذ لا معنى لأن يعطيه إياه ، ثم يمنعه من القراءة فيه ، إلا إذا كان يريد أن يختبره بذلك . . أو أنه منعه من القراءة في بعض سوره لكي لا يطلع على بعض ما لا مصلحة في تداوله من تفاسيره ، أو بيانات لشأن النزول ، او غير ذلك . . وفي أخبار أبي رافع : أن النبيّ « صلى الله عليه وآله » قال في مرضه ، الذي توفي فيه لعلي : « يا علي ، هذا كتاب الله خذه إليك » . « فجمعه في ثوب ، فمضى إلى منزله؛ فلما قبض النبيّ « صلى الله عليه وآله » جلس علي؛ فألفه كما أنزل الله ، وكان به عالماً » 32 . وربما كان « عليه السلام » يخشى من تمكينهم من هذا المصحف خوفاً من أن يتصرفوا فيه ، بإتلاف بعض ما فيه مما يرونه مضراً بمصالحهم ، أو مشيناً لبعض أحبائهم ، أو غير ذلك . . 6- أين هو مصحف عليّ عليه السلام ؟! قد يمكن أن نستظهر من رواية البزنطي السابقة : أن ذلك المصحف ، الذي دفعه إليه الرضا « عليه السلام » ، كان هو مصحف علي « عليه السلام » . ولكن ذلك لا يكفي لإثبات ذلك ، كما هو ظاهر . . ولكن ثمة نصوص أخرى ، تفيد : أن هذا المصحف موجود الآن عند الإمام الحجة المنتظر ، قائم آل محمد « صلوات الله وسلامه عليه » ، وسيخرجه حين ظهوره ، إن شاء الله تعالى . . 33 . ولعله هو القرآن الذي ورد في الروايات : أنه يعلّمه للناس ، وأنه يخالف التأليف المعروف للمصحف . . 7- خصائص مصحف علي عليه السلام ويتضح من النصوص الآنفة الذكر : أن مصحف عليّ « عليه السلام » ، يمتاز بما يلي : 1 ـ إنه كان مرتباً على حسب النزول . 2 ـ ذكر فيه المنسوخ على الناسخ . وذلك نتيجة كون الترتيب بحسب النزول . 3 ـ إنه قد كتب فيه تأويل بعض الآيات بالتفصيل . 4 ـ إنه كتب فيه تفسير بعض الآيات بالتفصيل ، على حقيقة تنزيله . أي كتب فيه التفاسير المنزلة تفسيراً من قبل الله سبحانه . 5 ـ فيه المحكم والمتشابه . . وبذلك يتحقق صيانة القرآن في حقائقه ومعانيه ، ويمنع من الذهاب يميناً وشمالاً ، وخلط الغث بالسمين . 6 ـ لم يسقط منه حرف ألف ، ولا لام . ولم يزد فيه حرف ، ولم يسقط منه حرف 34 . 7 ـ إن فيه أسماء أهل الحق والباطل . 8 ـ إنه كان بإملاء رسول الله « صلى الله عليه وآله » وخط عليّ « عليه الصلاة والسلام » . 9 ـ كان فيه فضائح القوم ، أعني المهاجرين ، والأنصار ، وغيرهم من الشخصيات التي لم تتفاعل مع الإسلام ، كما يجب . أو فقل : فضائح أولئك الذين صدرت منهم أمور لا يمكن تجاهلها والتستر عليها . 8- أمران لابد من التنبيه عليهما الأول : إن ما ذكر من خصائص وميزات في مصحف عليّ « عليه السلام » ، يوضح لنا السر في صعوبة تعلمه في زمن ظهور الحجة « عليه السلام »؛ فقد روي عن أبي جعفر « عليه السلام » ، قوله : « إذا قام القائم من آل محمد « صلى الله عليه وآله » ، ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجلّ ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم؛ لأنه يخالف فيه التأليف » 35 . الثاني : لقد اتضح : أن مصحف عليّ « عليه السلام » ، لا يفترق عن القرآن الموجود بالفعل ، إلا فيما ذكر . . وقد اعترف بهذه الفوارق ، علماء أهل السنة ، ومؤلفوهم ، ومحدثوهم ، كما يظهر من ملاحظة النصوص المتقدمة ، ومصادرها . . فمحاولة البعض اعتبار ذلك من المآخذ على الشيعة ، على اعتبار : أن قرآناً آخر ، يخرجه الإمام الحجة « عجل الله فرجه » ، يختلف عن القرآن الفعلي 36 . إن هذه المحاولة بعيدة عن الإنصاف ، وليس لها ما يبررها على الإطلاق؛ فالقرآن هو القرآن ، وإضافة بعض التفسير والتأويل ، وترتيبه حسب النزول ، لا يوجب اختلافاً في أصله وحقيقته . . ويا ليت هذا البعض يلاحظ مصحف عائشة ، ومصحف حفصة ، ليجد مدى ما خالفتا فيه هذا القرآن المتداول ، النازل من عند الله سبحانه . . وقد ذكرنا بعض هذه الموارد في إجابة أخرى لنا على سؤال آخر في هذا الكتاب . والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 37 .

1