منذ سنتين

علي لم يغير شيئا من عهد ابي بكر وعمر ؟!

عندما تولى علي « رضي الله عنه » لم نجده خالف الخلفاء الراشدين قبله ؛ فلم يخرج للناس قرآناً غير الذي عندهم ، ولم ينكر على أحد منهم شيئاً ، بل تواتر قوله على المنبر : « خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر » ولم يشرع المتعة ، ولم يرد فدك ، ولم يوجب المتعة في الحج على الناس ، ولا عمم قول « حي على خير العمل » في الأذان ، ولا حذف « الصلاة خير من النوم » . فلو كان أبو بكر وعمر « رضي الله عنهما » كافرين ، قد غصبا الخلافة منه ـ كما تزعمون ـ فلماذا لم يبين ذلك ، والسُلطة كانت بيده ؟! بل نجده عكس ذلك ، امتدحهما وأثنى عليهما . فليسعكم ما وسعه ، أو يلزمكم أن تقولوا بأنه خان الأمة ولم يبين لهم الأمر . وحاشاه من ذلك .


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . محتويات   1. مصحف علي عليه السلام 2. خير الأمة : أبو بكر ، وعمر 3. زواج المتعة تشريع ثابت 4. علي عليه السلام وفدك 5. متعة الحج 6. صلاة التراويح 7. حيِّ على خير العمل في الأذان 8. الصلاة خير من النوم 9. التخطئة شيء ، والتكفير شيء آخر مـلـحـق حي على خير العمل في الاذان إشارة إشكالات غير واردة حيِّ على خير العمل موقف وشعار سبب حذف هذه العبارة كلمة حول هذا الرأي فإننا نجيب بما يلي : 1. مصحف علي عليه السلام قلنا في الجواب على السؤال رقم 10 والجواب على السؤال رقم 47 : إن أحداً لم يدع أن ثمة قرآناً غير هذا الذي بين أيدي الناس . . ولكننا نقول : إن الروايات تحدَّثت عن أن علياً « عليه السلام » قد جاء إلى الذين استولوا على الخلافة بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » بالقرآن الذي كان مكتوباً عند رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وكان خلف فراشه . وكان مرتباً حسب النزول ـ والظاهر : أن هذا هو ترتيب سوره ـ وقد كتب فيه شأن نزول الآيات ، وبيان المحكم والمتشابه ، والناسخ من المنسوخ ، ولكنهم رفضوه ، فأرجعه « عليه السلام » ، وأبقاه عنده . . وجمعوا لأنفسهم قرآناً بواسطة زيد بن ثابت ، مجرداً عن بيان الناسخ من المنسوخ ، وعن كل ما ذكرناه آنفاً . جمعه من العسب واللخاف . وادعوا أنهم جمعوه بشهادة رجلين ، باستثناء إحدى الآيات التي لم يشهد بها غير خزيمة بن ثابت ، فقبلوها منه ، لأنه ذو الشهاديتن 1 . وغير ذلك مما ذكرناه في موضع آخر من هذا الكتاب . . والله من وراء قصدهم بهذه الإدعاءات . وبعد تولي أمير المؤمنين « عليه السلام » للخلافة ، كان قد مضى على استشهاد الرسول « صلى الله عليه وآله » ربع قرن ، فلم يكن من المصلحة إظهار هذا القرآن ، لأن ذلك سيثير الكثير من الأسئلة ، ويفسح المجال لبث الشكوك والشبهات في الناس ، وسيغتنم مرضى القلوب الفرصة لإثارة الفتن وإطلاق الشائعات حول صدقية ما جاء به . . فالأسلوب الأمثل هو بيان هذه المعارف بصورة تدريجية ، حسبما تقضيه الحاجة وتسمح به الظروف ، ويمكن ائتمان الثقات من أهل الدين على ما تقتضي المصلحة بائتمانهم عليه . . أو يبقى في حوزة أهل البيت « عليهم السلام » الذين هم عدل القرآن ، وأعلام الهداية إلى يوم القيامة ، ليبينوا ما ينبغي بيانه من ذلك بصورة تدريجية . . 2. خير الأمة : أبو بكر ، وعمر أما الحديث عن تواتر قوله « عليه السلام » على المنبر : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، فنقول فيه : أولاً : إنه يحتاج إلى إثبات أصل حصول ذلك منه ولو مرة واحدة بالأسانيد المعتبرة ، التي لم يوردها أهل الهوى من مناوئيه « عليه السلام » ، ومن يتهمون بجر النار إلى قرصهم . . ثم يحتاج إلى إثبات تواتر هذا القول عنه كما ذكره السائل ، وأنى لهم بإثبات هذا وذاك . . ثانياً : لو كان هذا الكلام صحيحاً عنه ، فلا بد من الإجابة على سؤال : لماذا إذن تخلف عن بيعة أبي بكر ستة أشهر 2 ، أو إلى ما بعد وفاة الصديقة الزهراء « عليها السلام » 3 ، أو فقل : لماذا لم يبايعه ، ولا بايع غيره أصلاً ، كما تدلُّ عليه بعض النصوص ؟! كما سيأتي في الإجابة على السؤال رقم 32 . ثالثاً : لو صح ذلك ، لماذا ذكر « عليه السلام » أبا بكر في خطبة الشقشقية بما لا ينسجم مع هذه الأقوال المنسوبة إليه ؟! كما أنه « عليه السلام » يصرح : بأنه أسلم وصلى قبل أن يسلم أبو بكر ويصلي 4 . هذا كله بغض النظر عن أن الزهراء « عليها السلام » ماتت مهاجرة وغاضبة وواجدة على أبي بكر وعمر . . وأوصت أن لا يحضرا جنازتها ولا دفنها ، بل أوصت أن تدفن ليلاً لأجل ذلك . 3. زواج المتعة تشريع ثابت بالنسبة لزواج المتعة نقول : إن زواج المتعة لا يحتاج إلى تشريع من علي « عليه السلام » ، ولا من غيره ، ولم يكن علي « عليه السلام » بالذي يشرع من عند نفسه ، فقد شرَّعه الله ورسوله . كما تدلُّ عليه آية : ﴿ ... فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ... ﴾ 5 ، وعشرات الروايات التي رواها أهل السنة ، والتي قد يصل عددها إلى مئة وعشر روايات . وهي مذكورة في كتاب (زواج المتعة : تحقيق ودراسة) . . الجزء الثاني ص121 ـ 190 أما ما رواه الشيعة حول زواج المتعة ، فحدِّث عنه ولا حرج . . وحين حرَّم وألغى عمر هذا الزواج أعلن علي « عليه السلام » عن موقفه من هذا التصرف حين قال : لولا تحريم عمر لما زنى إلا شفا (أو إلَّا شقي) 6 . ولم يؤثر عن علي « عليه السلام » أنه قد منع أحداً من هذا الزاوج أيام خلافته . يضاف إلى ذلك : أن زواج المتعة لا يرتبط بالسياسة ، وإنما هو تكليف يرتبط بالأشخاص . 4. علي عليه السلام وفدك أما بالنسبة لاسترجاع فدك فنقول : لقد أوضح الأئمة « عليهم السلام » أن سبب عدم استرجاع فدك ، وعدم الإقدام على تغيير بعض الأمور ، أمران : أولهما : أنهم أناس قد ظلموا في هذا الأمر ، وهم لا يستردّون ما أخذ منهم ظلماً ، ليكون الله تعالى هو الذي يأخذ لهم بحقهم في الآخرة 7 . ثانيهما : لعلهم كرهوا أن يدعي عليهم أحد خلاف أبي بكر وعمر 8 . وهذا إنما كان في الأمور التي ترتبط بالحق الشخصي الذي يصح التنازل عنه ، ممن هو له . وقد بقيت فدك شاهداً على مظلومية أهل البيت « عليهم السلام » . 5. متعة الحج بالنسبة لإيجاب المتعة في الحج نقول أيضاً : ألف : إن هذا حكم شرعه الله تعالى ورسوله من قبل ، ولا يحتاج إلى إيجاب أحد ، لا علي « عليه السلام » ولا غيره . . وليس علي « عليه السلام » ممن يحرِّم ما شرَّعه الله وأوجبه . ب : إن هذا الحكم يرتبط بالأشخاص ، ويخضع لقناعاتهم الدينية ، ولا ربط له بالدولة ، ولا بالأمير والخليفة . . ونقول : إن عمر بن الخطاب هو الذي حرَّم متعة الحج ، وحذف عبارة : حيِّ على خير العمل من الأذان ، وحرم متعة النساء في لفظ واحد ، ومقام واحد 9 . 6. صلاة التراويح وكذلك الحال بالنسبة لصلاة التراويح ، فإنه « عليه السلام » حاول أن يمنعهم منها ، وأرسل الإمام الحسن « عليه السلام » لهذا الغرض ، فصاحوا : وا سنة عمراه 10 . فتركهم « عليه السلام » ، لأن هذا الأمر قد أخذوه عن أناس يلزمون أنفسهم بالعمل بسنتهم ، ويرون أن عليهم أن يتعبدوا بها ، فهو أمر مرتبط بخلل فكري ، اعتقادي ، لا يمكن المنع عنه بصورة قاهرة ، بل لا بد من إزالة المرتكز الخاطئ من أذهانهم ، ببيان : أن سنة غير النبي لا عبرة بها ، لا قيمة لها . . إلا إذا كانت تجسيداً لسنته « صلى الله عليه وآله » . . ولا نريد أن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع حتى لا يساء فهم ما نرمي إليه . . والمراد بما روي من قوله « صلى الله عليه وآله » : « فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين » 11 : هو سنة الأئمة الاثني عشر ، الذين لا يقولون ولا يفعلون شيئاً من عند أنفسهم ، بل يقتصرون على ما تعبدهم الله ورسوله به ، فتكون سنتهم « عليهم السلام » إحياء لسنته « صلى الله عليه وآله » . ومن هذه الموارد أيضاً : انتزاع كلمة : « حيِّ على خير العمل » من الأذان كما سيتضح . 7. حيِّ على خير العمل في الأذان أما بالنسبة لحيِّ على خير العمل ، فقد ورد في كتاب (الصحيح من سيرة النبي الأعظم « صلى الله عليه وآله ») بحث حول مشروعية هذه العبارة في الأذان . وسنذكر في نهاية هذا الجواب ملحقاً عن مشروعية : « حيِّ على خير العمل » في الأذان ، وأنها كانت تقال في عهد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وبعده ، فانتظر . . ولا شيء يثبت أنها كانت تحذف من الأذان في عهد علي « عليه السلام » ، بل لقد بقيت هذه الكلمة شعاراً لعلي وأهل بيته « عليهم السلام » على مَرِّ الزمان . حتى إن الحسين بن علي صاحب فخ قد بدأ ثورته على الهادي العباسي بأمر المؤذن بأن يقول في أذانه : حيِّ على خير العمل ، فراجع 12 . 8. الصلاة خير من النوم لا شيء يثبت أنه « عليه السلام » قد سمح بالأذان بـ « الصلاة خير من النوم » ، أو أنها كانت تقال في الآذان في عهده . . 9. التخطئة شيء ، والتكفير شيء آخر قلنا : إن الشيعة ينتقدون على أبي بكر وعمر وعثمان ومن معهم ، ويخطئونهم في ما فعلوه . ولكن مسألة النقد شيء ، ومسألة التكفير شيء آخر . . فإن كان السائل يقصد بالتكفير هذا النقد الذي ذكرناه ، فالشيعة يعترفون به . . وإن كان يقصد بالتكفير شيئاً آخر ، فقد قلنا : إنها تهمة لا مجال لقبولها . . وإن كان يقصد بالتكفير : أن الصحابة لم يفوا بتعهداتهم . . وأنهم قد تخلوا عن الطاعة لأوامر الله ورسوله في مسألة الخلافة ، وفي بعض المسائل الأخرى ، فهذا صحيح بالنسبة لقسم من الصحابة . وليس المقصود بالتكفير : الحكم بالخروج عن الإسلام ، فهذا غير مقبول . ولا معقول . . مع أن سياسة أهل البيت « عليهم السلام » لشيعتهم تقوم على أساس : نزِّهونا عن السب ، ولا تكونوا قوماً سبابين . . مـلـحـق حي على خير العمل في الاذان قد ذكرنا في كتابنا : الصحيح من سيرة النبي الأعظم « صلى الله عليه وآله » بحثاً عن « حيِّ على خير العمل » في الأذان ، نورده هنا كما هو ، وهو التالي : ومن الأمور التي وقع الخلاف فيها بين المسلمين ، بين مثبت وناف ، هو قول : « حيِّ على خير العمل » في الأذان مرتين ، بعد قول : « حيِّ على الفلاح » . فذهبت طائفة تبعاً لأئمتهم إلى أن هذه الفقرة : « حيِّ على خير العمل » لا يصح ذكرها في الأذان ، وهؤلاء هم جمهور أهل السنة والجماعة ، وعبَّر بعضهم بلفظ : يكره ، معللاً ذلك : بأنه لم يثبت ذلك عن النبي ، والزيادة في الأذان مكروهة 13 . وقال القاسم بن محمد بن علي نقلاً عن توضيح المسائل لعماد الدين يحيى بن محمد بن حسن بن حميد المقري : « قد ذكر الروياني : أن للشافعي قولاً مشهوراً بالقول به . وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية : أنه كان حيِّ على خير العمل من ألفاظ الأذان . قال الزركشي في كتابه المسمى بالبحر ما لفظه : ومنها ما الخلاف فيه موجود في المدينة كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر ، وهو عميد أهل المدينة ، يرى إفراد الأذان ، ويقول فيه : « حيِّ على خير العمل » إلى أن قال المقري : « فصح ما رواه الروياني : أن للشافعي قولاً مشهوراً في إثبات حيِّ على خير العمل » 14 . وذهب أهل البيت « عليهم السلام » وشيعتهم إلى أن هذه الفقرة جزء من الأذان والإقامة ، لا يصحان بدونها ، وهذا الحكم إجماعي عندهم 15 ، ونسبه الشوكاني إلى « العترة » 16 . . وقال : « نسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي » 17 . قال الشوكاني : « وهو خلاف ما في كتب الشافعية » 18 . ويستدل شيعة أهل البيت على أن كلمة : « حيِّ على خير العمل » ثابتة في الأذان بالإجماع ، وبالروايات الكثيرة والمتواترة عن أهل بيت النبوة « عليهم السلام » في ذلك ، كـ : رواية أبي الربيع ، وزرارة ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مهران عن أبي جعفر « عليه السلام » . ورواية فقه الرضا عن الرضا « عليه السلام » . ورواية ابن سنان ، ومعلى بن خنيس ، وأبي بكر الحضرمي ، وكليب الأسدي عن أبي عبد الله « عليه السلام » . ورواية أبي بصير عن أحدهما . ورواية محمد بن أبي عمير عن أبي الحسن . ورواية علي ، ومحمد بن الحنفية عن النبي « صلى الله عليه وآله » . ورواية عكرمة عن ابن عباس 19 . ونحن إزاء هذا الإختلاف ؛ لا نجد مناصاً من الأخذ بمذهب أهل البيت « عليهم السلام » وشيعتهم . ولا نستند في ذلك فقط إلى الإجماع المذكور ، ولا إلى خصوص ما ورد عن أهل البيت « عليهم السلام » الذين هم أحد الثقلين ، والذين أذهب الله عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيراً . وإنما نستند أيضاً إلى العديد من الأدلة والشواهد الأخرى التي نجدها عند غيرهم أيضاً . فقد روي ذلك ـ وبعضه بالأسانيد الصحيحة ـ عن كل من : 1 ـ عبد الله بن عمر . 2 ـ الإمام علي بن الحسين ، زين العابدين « عليه السلام » . 3 ـ سهل بن حنيف . 4 ـ بلال . 5 ـ الإمام علي أمير المؤمنين « عليه السلام » . 6 ـ أبي محذورة . 7 ـ ابن أبي محذورة . 8 ـ زيد بن أرقم . 9 ـ الإمام الباقر « عليه السلام » . 10 ـ الإمام الصادق « عليه السلام » . 11 ـ الإمام الحسن بن علي « عليه السلام » . 12 ـ الإمام الحسين « عليه السلام » . وغيرهم كثير . فأما ما روي عن عبد الله بن عمر ، فقد رواه : 1 ـ مالك بن أنس ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر أحياناً إذا قال : حي على الفلاح ، قال على إثرها : حيِّ على خير العمل 20 . 2 ـ عن الليث بن سعد ، عن نافع قال : كان ابن عمر لا يؤذن في سفره ، وكان يقول : حي على الفلاح ، وأحياناً يقول : حيِّ على خير العمل 21 . 3 ـ وعن الليث بن سعد عن نافع ، قال : كان ابن عمر ربما زاد في أذانه : حيِّ على خير العمل . ورواه : أنس بن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر 22 . ورواه أيضاً : عطاء ، عن ابن عمر 23 . وراواه : عبيد الله بن عمر ، عن نافع 24 . 4 ـ عن محمد بن سيرين ، عن ابن عمر : أنه كان يقول ذلك في أذانه 25 . 5 ـ وكذلك رواه نسير بن ذعلوق ، عن ابن عمر ، وقال : في السفر 26 . 6 ـ عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يقيم الصلاة في السفر ، يقولها مرتين أو ثلاثاً ، يقول : حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حيِّ على خير العمل 27 . 7 ـ عبد الرزاق ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن رجل : أن ابن عمر كان إذا قال في الأذان : حي على الفلاح ، قال : حيِّ على خير العمل ، ثم يقول : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله 28 . ورواه ابن أبي شيبة 29 من طريق ابن عجلان ، وعبيد الله ، عن نافع ؛ عن ابن عمر . 8 ـ عن زيد بن محمد ، عن نافع ؛ أن ابن عمر كان إذا أذن قال : حيِّ على خير العمل 30 . وذكر صاحب الإعتصام رواية ابن عون عن نافع ، وابن جريج عن نافع ، وعثمان بن مقسم عن نافع ، و عبد الله بن عمر عن نافع ، وجويرية بن أسماء عن نافع 31 ، فراجع . ونقل رواية ذلك عن ابن عمر الحلبي الشافعي وغيره أيضاً ، فراجع 32 . وقال ابن حزم : « ولقد كان يلزم من يقول في مثل هذا عن الصاحب : مثل هذا لا يقال بالرأي : أن يأخذ بقول ابن عمر في هذا ؛ فهو عنه ثابت بأصح إسناد » 33 . وأما ما ورد عن علي بن الحسين « عليه السلام » : 9 ـ فعن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه : أن علي بن الحسين كان يقول في أذانه ، إذا قال : حي على الفلاح ، قال : حيِّ على خير العمل ، ويقول : هو الأذان الأول 34 . وليس يجوز أن يحمل قوله : هو الأذان الأول إلا على أنه أذان رسول الله « صلى الله عليه وآله » 35 . 10 ـ ونقل ذلك عن علي بن الحسين ، الحلبي الشافعي ، وابن حزم الظاهري وغيرهما كما سيأتي . وأما سهل بن حنيف فقد : 11 ـ روى البيهقي : أن ذكر حيِّ على خير العمل في الأذان قد روي عن أبي أمامة : سهل بن حنيف 36 . 12 ـ ونقل ابن الوزير ، عن المحب الطبري الشافعي في كتابه إحكام الأحكام ، ما لفظه : « ذكر الحيعلة ، بحيِّ على خير العمل ، عن صدقة بن يسار ، عن أبي أمامة سهل بن حنيف : أنه كان إذا أذن قال : حيِّ على خير العمل . أخرجه سعيد بن منصور » 37 . وعن بلال أيضاً : 13 ـ عن عبد الله بن محمد بن عمار ، عن عمار وعمر ابني حفص بن عمر ، عن آبائهم ، عن أجدادهم ، عن بلال : أنه كان ينادي بالصبح ، ويقول : حيِّ على خير العمل ، فأمره النبي « صلى الله عليه وآله » أن يجعل مكانها : الصلاة خير من النوم ، وترك حيِّ على خير العمل 38 . أما ذيل الرواية ، فالظاهر : أنه من زيادات الرواة ؛ لأن عبارة : « الصلاة خير من النوم » قد أضيفت إلى الأذان بعد زمان النبي « صلى الله عليه وآله » ، وبالذات من قبل عمر بن الخطاب ، كما صرحت به العديد من الروايات 39 . 14 ـ كان بلال يؤذن بالصبح ، فيقول : حيِّ على خير العمل 40 . يضاف إلى كل ذلك : 15 ـ قول القوشجي وغيره : إن عمر خطب الناس ، وقال : أيها الناس ، ثلاث كن على عهد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، أنا أنهى عنهن ، وأحرمهن ، وأعاقب عليهن ، وهي : متعة النساء ، ومتعة الحج ، وحيِّ على خير العمل 41 . وقد اعتذر القوشجي متكلم الأشاعرة عن ذلك بقوله : « إن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الإجتهادية ليس ببدع » 42 . وهذا اعتذار غير وجيه ، فإن النبي « صلى الله عليه وآله » لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، كما صرحت به الآيات . ووجه العذر الحق عنه هو : أن الخليفة الثاني قد رأى ـ في نظره ـ : أن الناس إذا سمعوا : أن الصلاة هي خير العمل ، فإنهم سوف يتكلون على الصلاة ويتركون الجهاد ، كما سيصرح به الخليفة نفسه فيما يأتي . ومعنى ذلك هو : أن هذا كان منه نهياً مصلحياً وقتياً ، ولم يكن نهياً تشريعياً تحريمياً ، حيث إنه كان يعلم : أنه ليس له حق التشريع . 16 ـ وقال الحلبي : « ونقل عن ابن عمر ، وعن علي بن الحسين « رض » : أنهما كانا يقولان في أذانيهما ، بعد حي على الفلاح : حيِّ على خير العمل » 43 . 17 ـ وقال علاء الدين الحنفي ، في كتاب التلويح في شرح الجامع الصحيح : « وأما حي على خير العمل ، فذكر ابن حزم : أنه صح عن ابن عمر ، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف 44 : أنهم كانوا يقولون في أذانهم : حي على خير العمل » 45 . وأضاف صاحب التلويح على هذا قوله : « وكان علي بن الحسين يفعله » 46 . 18 ـ وقال السيد المرتضى : « وقد روت العامة : أن ذلك مما كان يقال في بعض أيام النبي « صلى الله عليه وآله » ، وإنما ادعي : أن ذلك نسخ ورفع ، وعلى من ادعى النسخ الدلالة ، وما يجدها » 47 . 19 ـ وعن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن حماد ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي « صلى الله عليه وآله » في حديث المعراج ، قال : ثم قام جبرائيل فوضع سبابته اليمنى في أذنه ، فأذن مثنى مثنى يقول في آخرها : حيِّ على خير العمل ، مثنى مثنى 48 . 20 ـ وكان ابن النباح يقول في أذانه : حي على خير العمل 49 . وقال القاسم بن محمد : « ذكر في كتاب السنام ما لفظه : الصحيح : أن الأذان شرع بحيِّ على خير العمل ؛ لأنه اتفق على الأذان به يوم الخندق ؛ ولأنه دعاء إلى الصلاة ، وقد قال « صلى الله عليه وآله » : خير أعمالكم الصلاة ، وقد اتفق أيضاً على أن ابن عمر والحسن والحسين « عليهما السلام » وبلالاً ، وجماعة من الصحابة ، أذنوا به » حكاه في شرح الموطأ وغيره من كتبهم . قال صاحب فتوح مكة وهو من مشايخ الصوفية : « أجمع أهل المذاهب على التعصب في ترك الأذان بحيِّ على خير العمل ، إنتهى إلى قوله : وقد ذكر السيد العلامة عز الدين أبو إبراهيم ، محمد بن إبراهيم ما لفظه : « بحثت عن هذين الإسنادين في حيِّ على خير العمل ، فوجدتهما صحيحين إلى ابن عمر ، وإلى زين العابدين » 50 . وروى الإمام السروجي في شرح الهداية للحنفية ؛ أحاديث حيِّ على خير العمل بطرق كثيرة 51 . 21 ـ روي عن علي « عليه السلام » ، أنه قال : سمعت رسول الله « صلى الله عليه وآله » يقول : إعلموا : أن خير أعمالكم الصلاة ، وأمر بلالاً أن يؤذن : حيِّ على خير العمل ، حكاه في الشفاء 52 . 22 ـ روى محمد بن منصور في كتابه الجامع ، بإسناده عن رجال مرضيين ، عن أبي محذورة ، أحد مؤذني رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، أنه قال : أمرني رسول الله « صلى الله عليه وآله » أن أقول في الأذان : حيِّ على خير العمل 53 . 23 ـ روى عن محمد بن منصور : أن « أبا » القاسم « عليه السلام » أمره أن يؤذن ، ويذكر ذلك (يعني : حيِّ على خير العمل) في أذانه قال : إن رسول الله « صلى الله عليه وآله » أمر به ، هكذا في الشفاء 54 . 24 ـ عن أبي بكر أحمد بن محمد السري : أنه سمع موسى بن هارون ، عن الحماني ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي محذورة ، قال : كنت غلاماً ، فقال لي النبي « صلى الله عليه وآله » : اجعل في آخر أذانك : حيِّ على خير العمل 55 . 25 ـ وفي الشفاء ، عن هذيل بن بلال المدائني ، قال : سمعت ابن أبي محذورة يقول : حي على الفلاح ، حيِّ على خير العمل 56 . 26 ـ عن زيد بن أرقم : أنه أذن في حيِّ على خير العمل 57 . 27 ـ وقال الشوكاني نقلاً عن كتاب الأحكام : وقد صح لنا : أن حيِّ على خير العمل كانت على عهد رسول الله « صلى الله عليه وآله » يؤذن بها ، ولم تطرح إلا في زمن عمر 58 . 28 ـ وهكذا قال الحسن بن يحيى ، روى ذلك عنه في جامع آل محمد 59 . وبه قال محمد : سألت أحمد بن عيسى ، قلت : تقول إذا أذنت : حيِّ على خير العمل ، حيِّ على خير العمل ؟! قال : نعم . قلت : في الأذان والإقامة ؟! قال : نعم ، ولكني أخفيها . وبه قال : حدثني محمد بن جميل ، عن نصر بن مزاحم ، عن أبي الجارود ، وعن أبي جعفر : أنه كان يقول : حيِّ على خير العمل ، في الأذان والإقامة . وعن أبي الجارود ، عن حسان ، قال : أذنت ليحيى بن زيد بخراسان ، فأمرني أن أقول : حيِّ على خير العمل ، حيِّ على خير العمل 60 . 29 ـ روينا عن علي بن الحسين « عليه السلام » : أن رسول الله « صلى الله عليه وآله » كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول ، فإذا قال : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حيِّ على خير العمل ، قال : لا حول ولا قوة إلا بالله الخ . . 61 . 30 ـ عن محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين « عليهما السلام » : أنه كان إذا قال : حي على الفلاح ، قال : حيِّ على خير العمل 62 . 31 ـ قال الزركشي في البحر المحيط : ومنها : ما الخلاف فيه موجود ، كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر ، وهو عميد أهل المدينة ، يرى إفراد الأذان والقول فيه : حيِّ على خير العمل 63 . 32 ـ وفي كتاب السنام ما لفظه : الصحيح : أن الأذان شرع بحيِّ على خير العمل 64 . 33 ـ وروي عن علي « عليه السلام » ، أنه كان يقول : حيِّ على خير العمل ، وبه أخذت الشيعة 65 . 34 ـ وفي الروض النضير : وقد قال كثير من علماء المالكية ، وغيرهم من الحنفية والشافعية : أنه كان « حي على خير العمل » من ألفاظ الأذان 66 . إشارة إن النصوص التي ذكرناها ، ولا سيما ما جرى للحسين بن فخ قد أظهرت : أن الخلفاء كانوا يظهرون حساسية عالية جداً تجاه التصريح بكلمة : « حي على خير العمل » في الأذان . . وربما يؤدي الجهر بها ، وقولها : إلى عنف وقتل ، ومصائب وبلايا كبيرة وخطيرة . . فلماذا قدمت سنة الخليفة على سنة النبي« صلى الله عليه وآله » ؟! إشكالات غير واردة 1ـ وأما دعوى : أن عدم ورود ذلك في الصحيحين وغيرهما من دواوين الحديث يدل على عدم اعتباره في الأذان ، وحتى لو صح ما روي من أنه الأذان الأول ، فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره منها 67 ، فلا تصح : أولاً : لأن الصحيحين لم يجمعا جميع الأحاديث التي تدل على الأحكام . ثانياً : لو كان منسوخاً لعلم بذلك ابن عمر ، وزين العابدين ، وزيد بن أرقم ، وغيرهم ، فلماذا استمروا على ذلك حتى بعد وفاة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ؟! ثالثاً : قد صرحت بعض الروايات التي ذكرناها في هذا البحث : أن أول من ألغى هذه العبارة من الأذان هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لمصلحة تخيل أنها تقتضي ذلك ، فبعد انتفاء تلك المصلحة ـ لو سلم صحة الاستناد إليها والاعتماد عليها ـ لا يبقى مبرر للإستمرار على ترك ما شرعه رسول الله « صلى الله عليه وآله » قبل ذلك . ولعل التزام عدد من الصحابة والتابعين وغيرهم ، وأهل البيت « عليهم السلام » وشيعتهم بهذه الفقرة ، يشير إلى أنهم لم يوافقوا عمر على ما ذهب إليه من الإجتهاد ولم يقبلوه منه . 2 ـ وبعد هذا ، فلا يصح قول البعض : إن ذلك مكروه ؛ لأنه لم يثبت عن النبي « صلى الله عليه وآله » 68 . فقد عرفت : أنه قد وردت الروايات الصحيحة عمن ذكرنا ، أنهم كانوا يقولونها ، وأنه مذهب أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، الذين هم أحد الثقلين . وقد بقي قول حي على خير العمل شعار العلويين ، وأهل البيت « عليهم السلام » وشيعتهم على مدى الأعصار ، حتى إن ابتداء حركة الحسين بن علي صاحب فخ ، كان لأجل ذلك ، ولتلاحظ النصوص التالية : حيِّ على خير العمل موقف وشعار ألف : صعد عبد الله بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي « صلى الله عليه وآله » ، عند موضع الجنائز ، فقال للمؤذن : « أذن بحي على خير العمل ، فلما نظر إلى السيف بيده أذن بها ، وسمع العمري (يعني والي المدينة من قبل المنصور) فأحس بالشر ، ودهش ، وصاح : أغلقوا البغلة ـ الباب ـ وأطعموني حبتي ـ ماء » 69 . ب : وذكر التنوخي : أن أبا الفرج أخبره : أنه سمعهم في زمانه يقولون في أذانهم بالقطيعة : حيِّ على خير العمل 70 . ج : وقال ابن كثير في حوادث سنة 443 عن الروافض : « وأذنوا بحيِّ على خير العمل » 71 . د : وقال الحلبي : « وذكر بعضهم : أن في دولة بني بويه كانت الراف?

2