logo-img
السیاسات و الشروط
منذ 3 سنوات

وصية النبي باهل البيت دليل على عدم امامتهم . .

يروي صاحب « نهج البلاغة » أن علياً لما بلغه ادعاء الأنصار أن الإمامة فيهم قال : « فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله ﷺ وصى بأن يحسن إلى محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم ؟! قالوا : وما في هذا من الحجة عليهم ؟! قال : لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم » (نهج البلاغة ، ص 97 .) . فيقال للشيعة : وأيضاً فقد أوصى ﷺ بأهل البيت في قوله : « أذكركم الله في أهل بيتي » فلو كانت الإمامة حقاً خاصاً لهم دون غيرهم لم تكن الوصية بهم ؟!


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . . فإننا نجيب بما يلي : إن وصية النبي « صلى الله عليه وآله » بأهل بيته « عليهم السلام » تختلف عن الوصية بالأنصار . . أولاً : لأنه « صلى الله عليه وآله » لم ينصب الأنصار ولاة للأمة ، ولا هداة ، ثم أوصى بهم . . أما أهل البيت « عليهم السلام » ، فنصب منهم علياً « عليه السلام » إماماً في آية : ﴿  إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ  ﴾ 1 . وفي آيات أخرى . وقال « صلى الله عليه وآله » : « علي وليكم بعدي » . وقال : « علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » . وأخذ له البيعة في يوم الغدير ، ونصب الحسنين « عليهما السلام » إمامين أيضاً بقوله : « الحسن والحسين (أو ابناي هذان) إمامان قاما أو قعدا » 2 . وقال : « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجى ، ومن تخلف عنها غرق وهوى » 3 . ثم أوصى بهم بما هم حائزين على هذه المناصب . . أن يتمسكوا بهم ، وأن يردوا إليهم ، وان يسألوهم ، وأن يتعلموا منهم ، وأن لا يتقدموهم الخ . . ولم يكن هذا هو حال الأنصار . ثانياً : إن الوصية بأهل بيته « صلى الله عليه وآله » لم تكن بالتجاوز عن مسيئهم ، لأن القرآن قرَّر عصمة أهل البيت « عليهم السلام » في آية التطهير ، فقال : ﴿ ... المزید إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 4 . ثم حدَّد رسول الله « صلى الله عليه وآله » أهل البيت بأصحاب الكساء ، ورفض أن يدخل معهم غيرهم ، حتى زوجاته ، فضلاً عن عمه العباس وأولاده . فلا تصدر منهم إساءة ليوصي بالعفو عنها . أما الأنصار فيمكن أن تصدر الإساءة منهم ، فيحتاجون إلى أن يوصي النبي « صلى الله عليه وآله » بالعفو عن مسيئهم . ولأجل ذلك عبر بكلمة : « أذكركم الله في أهل بيتي » . بمعنى لزوم رعاية حقهم ، ومقامهم ، فهو يوصي بعدم الإساءة إليهم ، لا أنه يوصي بالتجاوز عن مسيئهم . ثالثاً : إن مراجعة الحديث تؤكد هذا المعنى الذي ذكرناه ، فقد روى مسلم في صحيحه الحديث رقم 2408 عن زيد بن أرقم أنه « صلى الله عليه وآله » خطبهم في غدير خم ، فكان مما قال : « يوشك أن يأتي رسول ربي ، فأجيب . وإني تارك فيكم الثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحث على كتاب الله ورغَّب فيه ـ ثم قال : وأهل بيتي . أذكِّركم الله في أهل بيتي ، أذكِّركم الله في أهل بيتي الخ . . » أو نحو ذلك 5 . ولكن مسلم بن الحجاج لم يذكر في صحيحه الثقل الآخر صراحة ، بل حذف عبارة « وأهل بيتي » ، أذكركم الله في أهل بيتي الخ . . وقد ذكر هذه الفقرة غيره ، فراجع 6 . وهذا يعطي : أنه « صلى الله عليه وآله » قد أوصى برعاية مقام وحق أهل بيته « عليهم السلام » ، وعدم التقصير بهم ، فضلاً عن عدم الإساءة إليهم باعتبارهم الثقل الآخر ، الذي يجب عليهم التمسك به كما يتمسكون بالقرآن . والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله . . 7 .

1