logo-img
السیاسات و الشروط
منذ 3 سنوات

حديث: حب علي حسنة يجرئ على المعاصي..

لقد جرأ الشيعة أتباعهم على ارتكاب الآثام والموبقات بدعواهم أن (حب علي حسنة لا تضر معها معصية) ، وهذه دعوى يكذبها القرآن الذي يحذر في معظم آياته من المخالفات والنواهي تحت أي دعوى، ويقرر أنه: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ .


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد.. فإننا نجيب بما يلي: أولاً: إن هذا ليس له ربط بصحة عقيدة الشيعة بالإمامة وعدم صحتها، ومع ذلك نقول: إن القول بأن «حب على حسنة لا تضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة» ليس قولاً صنعه الشيعة، بل هو رواية عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» 1 . ثانياً: إن العلماء قد بينوا معنى هذا الحديث لعموم الناس، وعرفوهم: أنه يجب أن لا يضر في حرصهم على تجنب الآثام، والتزام العمل بما يرضي الله تعالى، حيث إن معنى هذا الحديث: أن حب علي «عليه السلام» لا يمكن أن يتعرض للحبط، لأن من يحب علياً «عليه السلام» لا يمكن أن يصدر منه ما يوجب الحبط، مثل الجرأة على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فهو لا يقدم بين يديه، ولا يجهر له بالقول، وقد قال تعالى: ﴿ ... المزید يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ 2 . ولا يفعل غير ذلك من المعاصي التي توجب حبط ثواب هذا الحب، أو توجب ذهاب حسنه، ما دام هذا الحب باقياً. كتحليل ما حرم الله وإنكار الضروريات وغير ذلك.. وهذا المعنى لا يكذبه القرآن، بل يصدّقه ويقوّيه، لأنه يتوافق مع الحديث عن الإمام الباقر «عليه السلام»: يا جابر، أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه 3 . وهذا معنى صحيح ومقبول. وهو أسلم، وأصح، واوضح دلالة من الحديث القائل عن أهل بدر: إن الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة. أو فقد غفرت لكم 4 . لأن هذا الحديث فيه خلل يجعلنا نشك بصدوره من رسول الله «صلى الله عليه وآله» بهذه الكيفية. ثالثاً: ليس من حق من يقول: إن السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة 5 . أن يرد حديثاً لمجرد مخالفته للقرآن. السنة قاضية على الكتاب ومما ذكروه في توجيه هذه القاعدة الباطلة: قول أبي بكر البيهقي: «والحديث الذي روي في عرض الحديث على القرآن باطل، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن» 6 . وقال الخطابي عن حديث عرض الحديث على القرآن: «هذا حديث وضعته الزنادقة» 7 . وقال عبد الرحمن بن مهدي: «الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث، يعني ما روي عنه «صلى الله عليه وآله» أنه قال: ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله، وإنما أنا موافق كتاب الله، وبه هداني الله. وهذه الألفاظ لا تصح عنه «صلى الله عليه وآله» عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا: نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله: قبل كل شيء، ونعتمد على ذلك؛ فلما عرضناه على كتاب الله، وجدناه مخالفاً لكتاب الله؛ لأنَّا لم نجد في كتاب الله: ألا يُقبل من حديث رسول الله إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به، والأمر بطاعته، وكذا المخالفة عن أمره جملة على كل حال» 8 . وقال أبو عمر: «قد أمر الله عز وجل بطاعته واتباعه أمراً مطلقاً مجملاً، لم يُقيّد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل: وافِقْ كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ» 9 . وقال يحيى بن معين: عن حديث ثوبان عن النبي «صلى الله عليه وآله»، الأمر بعرض الحديث على القرآن: «إنه موضوع، وضعته الزنادقة». وقال الأوزاعي: «الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب». وقال ابن عبد البر: «إنها تقضي عليه، وتبين المراد منه». وقال يحيى بن أبي كثير: «السنة قاضية على الكتاب» 10 . وذكر الخطابي: ما ورد عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: ما ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه» 11 . ثم قال: «في الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» شيء كان حجة بنفسه. فأما ما رواه بعضهم، أنه قال: إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فخذوه، فإنه حديث باطل لا أصل له. وقد حكى زكريا الساجي، عن يحيى بن معين، أنه قال: «هذا حديث وضعته الزنادقة» 12 . ونقول: إن لنا أن نسأل هؤلاء: كيف يمكنهم أن يوفقوا بين قولهم هذا، وبين قول عمر: «حسبنا كتاب الله»، وما رواه الذهبي من أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم، فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فمن سألكم، فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه 13 . خلاصة وتوضيح ونقول: هناك أربع حالات: أولاها: أن يناقض الحديث القرآن، ويخالفه، فهذا الحديث باطل بلا ريب. الثانية: أن يوافقه. الثالثة: أن لا يظهر أنه موافق ولا مخالف، كما في الحديث الذي يتعرض لتفاصيل الصلاة. الرابعة: أن يخالفه بالعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، فهذه مخالفة بدوية، تزول بعد حمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد.. والذي يجب ردّه هو خصوص الصورة الأولى كما هو واضح. والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 14 .

3