منذ 3 سنوات

الصادق عليه السلام يأمر بتولي أبي بكر وعمر..

تروي بعض كتب الشيعة عن جعفر الصادق أنه قال لامرأة سألته عن أبي بكر وعمر: أأتولاهما؟! قال: توليهما. فقالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟! قال لها: نعم (روضة الكافي: 8 / 237). وتروي أن رجلاً من أصحاب الباقر تعجب حين سمع وصف الباقر لأبي بكر «رضي الله عنه» بأنه الصديق، فقال الرجل: أتصفه بذلك؟! فقال الباقر: نعم الصديق، فمن لم يقل له: الصديق، فلا صدق الله له قولاً في الآخرة (كشف الغمة: 2 / 360). فما رأي الشيعة بأبي بكر الصديق «رضي الله عنه»؟!


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد.. فإننا نجيب بما يلي: أولاً: قلنا: إن الشيعة يقبلون بكل ما دلَّ الدليل القاطع، والبرهان الساطع عليه، وإذا رجعنا إلى ما روي، من وصف أبي بكر بالصديق، فسنرى أنه موضع نقاش، فقد روي عن أمير المؤمنين «عليه السلام» أنه قال في خلافته على منبر البصرة: «أنا الصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، لا يقولها بعدي إلا كاذب (أو إلا كذَّاب مفتر)» 1 . بالإضافة إلى أحاديث كثيرة أخرى كلها تصب في هذا الإتجاه. فإن هذا يدلُّ على أن منح لقب الصديق لغير علي «عليه السلام» قد جاء في وقت متأخر عن زمن أبي بكر.. وبذلك يتطرق الشك الكبير إلى صحة الرواية التي ذكرها الأربلي «رحمه الله»، إذ لا يمكن أن يكون الإمام الصادق «عليه السلام» قد كذب جده علياً «عليه السلام» في هذا الأمر، ولا يمكن أن يدعو الله عليه: بأن لا يصدق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة.. ثانياً: إن الروايتين اللتين وردتا في السؤال ضعيفتان سنداً، فلا يصح الإعتماد عليهما، ولا الإحتجاج بهما.. وقد وصف المجلسي «رحمه الله» في مرآة العقول الرواية الأولى عن الإمام الصادق «عليه السلام» بالضعف 2 ، كما أن رواية كشف الغمة عن الإمام الباقر «عليه السلام» ضعيفة أيضاً لعدم ذكره السند، ولأن أبا نعيم وابن عساكر روياها عن يونس بن بكير، عن أبي عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله 3 . والجعفي هو عمرو بن شمر، وهو متفق على ضعفه من العامة والخاصة. وابن بكير ضعفه النسائي وغيره. وعروة بن عبد الله. لم يوثق في رجال الشيعة، بل هو مجهول 4 . وهو ممن يروي عن عبد الله بن الزبير بواسطة البعض، فمن يروي عن ابن الزبير لا مجال للوثوق به، ولا سيما فيما يرتبط بأبي بكر، وعلي «عليه السلام».. فإنه من أشد المبغضين لعلي «عليه السلام». ثالثاً: إن الرواية التي نقلها السائل، عن أن الإمام جعفر الصادق «عليه السلام» قد أمر إحدى النساء بتولي أبي بكر وعمر، لم ينقلها بتمامها، فإن سائر فقراتها تدلُّ على أن الإمام الصادق «عليه السلام» لم يكن يقصد المعنى الذي أراده السائل.. فإن تلك المرأة استأذنت على أبي عبد الله، فقال «عليه السلام» لأبي بصير: أيسرك أن تسمع كلامها ؟! قال: فقلت: نعم. قال: فأذن لها. قال: وأجلسني معه على الطنفسة، قال: ثم دخلت فتكلمت، فإذا امرأة بليغة، فسألته عنهما، فقال لها: توليهما ؟! قالت: فأقول لربي إذا لقيته: إنك أمرتني بولايتهما. قال: نعم. قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوا يأمرني بولايتهما، فأيهما خير وأحب إليك ؟! قال: هذا والله أحب إلي من كثير النوا وأصحابه، إن هذا يخاصم، فيقول: ﴿ ... المزید وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ 5 . ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ 6 . ﴿ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ 7 8 . فهذا النص الكامل يظهر: أنه «عليه السلام» استدرجها لتسجل هذه الملاحظة، وتبين وجود الاختلاف في تولي أبي بكر وعمر في تلك الفترة، ثم بينَّ أن عدم توليهما أحب إليه، مستدلاً على ذلك بالآيات الثلاث المشار إليها.. وأكد ذلك بما أظهره من إكرام وتقريب لأبي بصير، حتى أجلسه على الطنفسة معه. وخلاصة الأمر: إن هذه الرواية لا تصلح للإستدلال بها على ما أراده السائل، لضعف سندها أولاً، ولأنها على ضد مطلوبه أوضح وأدلّ.. رابعاً: أما رأي الشيعة في أبي بكر، فهم يقولون: إنه قد أخطأ خطأً فادحاً باستيلائه على الخلافة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد بيعته علياً «عليه السلام» في يوم الغدير. وأخطأ في أخذه فدكاً من فاطمة الزهراء «عليها السلام»، وأخطأ في كل ما كان سبباً فيه، أو كان راضياً عنه، كالذي تعرضت له الزهراء «عليها السلام» له من محن وآلام، ومن ضرب وإسقاط جنين، ومن محاولة لإحراق بيتها بمن فيه، وكانت فيه هي وزوجها علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وولداها الحسن والحسين «عليهم السلام».. والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله.. 9 .

1