منذ سنتين

ما هو الحديث القدسي؟


الحديثُ يرادف الكلام في المعنى ، و إنما سُمي حديثاً لتجدده و حدوثه شيئاً فشيئاً 1 ، و القُدسُ هو الطُهر ، و عندما يُنسب الحديث إلى القُدس يُراد منه الكلام الإلهي المنزل على أنبيائه لا على وجه الإعجاز و التحدّي ، لذا فلا يُسمى القرآن الكريم حسب المصطلح العلمي حديثاً قُدسياً رغم كونه كلاماً إلهياً . أما كيفية و صول الحديث القُدسي إلينا فيكون حكايةً بواسطة الأنبياء و أوصيائهم . قال العلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني في بيان الحديث القُدسي : " الحديث القدسي : هو كلام الله المنزل ـ لا على وجه الإعجاز ـ الذي حكاه أحد الأنبياء أو أحد الأوصياء ، مثل ما رُوي أن الله تعالى قال : " الصوم لي و أنا اُجزي به " . و من الفوارق بينه و بين القرآن : أن القرآن هو المنزّل للتحدي و الإعجاز بخلاف الحديث القدسي ، إذ كان رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) يلقي أحيانا على أصحابه مواعظ يحكيها عن ربه عَزَّ و جَلَّ و لم يكن وحياً منزلاً حتى يسموها بالقرآن ، و لا قولاً صريحاً يسنده ( صلَّى الله عليه و آله ) إسناداً مباشراً حتى يسموها حديثاً ، و إنما كانت أحاديث يحرص النبي على تصديرها بعبارة تدل على نسبتها إلى الله لكي يشير إلى أن عمله الأوحد فيها ، حكايتها من الله بأسلوب يختلف اختلافاً ظاهراً عن أسلوب القرآن و لكنّ فيه ـ مع ذلك ـ نفحة من عالم القُدس ، و نوراً من عالم الغيب ، و هيبة من ذي الجلال و الإكرام ، تلك هي الأحاديث القدسية التي تسمى أيضاً : إلهية ، و ربانية " 2 . و يقول العلامة الشهيد السيد حسن الشيرازي ( رحمه الله ) في الحديث القُدسي : " ... هو الكلمة النقيّة التي عصمها الله من البيان الأنيق ، فلم يرصّعها بالإعجاز ، لأنه ضنّ بها إلا على العقول الواعية التي حرمها على طائف الأوهام و الظنون ... فهي كلمة الله ، و كلمة الله هي العليا ، و هل ترقى إلى كلمة الله كلمة في الأرض أو في السماء ، لو استثنينا القرآن ، ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه من رب العالمين ... " 3 . و قال أيضا : " ... و بهذا كله أصبح الحديث القدسي صِنوَ القرآن ، الذي جاء ليؤدّي دور القرآن في أمم قد خلت من قبل ، و ليكمل مسؤولية القرآن في خير أمة أخرجت للناس " 4 . نماذج من الحديث القُدسي : 1. أوحى الله تعالى إلى داود : " قل لعبادي : لم أخلقكم لأربح عليكم ، و لكن لتربحوا عليَّ " 5 . قال موسى ( عليه السَّلام ) : يارب ، أي الأعمال أفضل عندك ؟ قال : " حُبّ الأطفال ، فإني فطرتُهُم على توحيدي ، فان أمَتُّهُم أدخلتُهُم برحمتي جَنَّتي " 6 . 2. قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) : يقول الله سبحانه : " أنا خير شريك ، من أشرك معي شريكاً في عمله ، فهو لشريكي دوني ، فإني لا أقبل إلا ما خلص لي . عبدي خلقت الأشياء لأجلك ، و خلقتك لأجلي ، وهبتُك الدنيا بالإحسان و الآخرة بالإيمان " 5 . 3. قال الله تعالى : " إذا أردتُ أن أجمعَ للمسلم خير الدنيا و الآخرة ، جعلتُ له قلباً خاشعاً ، و لساناً ذاكراً ، و جسداً على البلاء صابراً ، و زوجةً مؤمنةً ، تُسرّهُ إذا نظر إليها ، و تحفظه إذا غاب عنها في نفسها و مالِهِ " 7 . كتب أُلّفت في الحديث القدسي : لقد أفرد بعض العلماء كتباً خاصة بالأحاديث القدسية ، فجمع فيها مجموعة مما اختاره أو تمكَّن من جمعه من الأحاديث القدسية ، و من جملة هؤلاء العلماء : 1. شيخ المحدثين محمد بن الحسن بن علي الحسين الحر العاملي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) المتوفى سنة : 1104هجرية ، ألف كتاباً في الأحاديث القدسية أسماه بـ " الجواهر السنية في الأحاديث القدسية " و قد طبع الكتاب سنة : 1405هجرية / 1984 ميلادية بمؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان . 2. الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي ( قدس سره ) المستشهد سنة : 1400 هجرية ، ألّف كتاباً جمع فيه مجموعة من الأحاديث القدسية أسماه بـ " كلمة الله " و قد طبعته مؤسسة الوفاء ببيروت .

1