منذ سنتين

ما هي آداب السؤال العلمي و الديني ؟


لا شكَّ أن للسؤال و الجواب شروط و آداب ، كما و لا شك أن للسؤال الهادف و المدروس و للإجابة المتقنة الخالصة نتائج إيجابية عظيمة جداً إن أُخذت الشروط و الآداب و الأهداف بعين الإعتبار و الجِد من قِبَل السائل و المُجيب . وجوب السؤال و ضرورته : السؤال واجب على من لا يعلم ، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ ... فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ 1 ، فالسؤال واجب على من لا يعلم ، و تركه فيما يجب قد يؤدي إلى نتائج خطيرة جداً لا تُحمدُ عقباه . فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنه سُئلَ عَنْ مَجْدُورٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَغَسَّلُوهُ فَمَاتَ ؟ قَالَ : " قَتَلُوهُ ، أَلَّا سَأَلُوا ، فَإِنَّ دَوَاءَ الْعِيِّ 2 السُّؤَالُ " 3 . و قالَ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) لِحُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ فِي شَيْ‏ءٍ سَأَلَهُ : " إِنَّمَا يَهْلِكُ النَّاسُ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ " 4 . السؤال كنز عظيم : رُوِيَ عن النبي المصطفى محمد ( صلى الله عليه و آله ) أنه قال : " العلمُ خزائن و مفاتيحها السؤال ، فسألوا يرحمكم الله ، فإنه يؤجرُ فيه أربعة : السائلُ و المُجيبُ و المُستمعُ و المُحبُ له " 5 . وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أَنهُ قَالَ : " إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ عَلَيْهِ قُفْلٌ وَ مِفْتَاحُهُ الْمَسْأَلَةُ " 4 . سَلْ تَفَقُّهاً : السائل الصائب هو من لا يسأل إلا بغرض تنمية المعرفة و زيادة العلم ، و يتجنَّب طرح الأسئلة السخيفة ، أو التي ليست لها قيمة علمية أو معرفية ، فقد قَالَ أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) لِسَائِلٍ سَأَلَهُ عَنْ مُعْضِلَةٍ : " سَلْ تَفَقُّهاً وَ لَا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً 6 ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ الْمُتَعَلِّمَ شَبِيهٌ بِالْعَالِمِ ، وَ إِنَّ الْعَالِمَ الْمُتَعَسِّفَ 7 شَبِيهٌ بِالْجَاهِلِ الْمُتَعَنِّتِ " 8 . وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ 9 ( عليه السلام ) عَنْ طَعْمِ الْمَاءِ ؟ ! فَقَالَ : " سَلْ تَفَقُّهاً وَ لَا تَسْأَلْ تَعَنُّتاً ، طَعْمُ الْمَاءِ طَعْمُ الْحَيَاةِ " 10 . فلذلك ينبغي على السائل أن يتوخى النفع و الفائدة من سؤاله ، كما ينبغي عليه تجنب طرح الأسئلة التي لا أثر لها في حياته الدنيوية أو الأخروية ، و لا تجلب له نفعاً معنوياً أو مادياً . فقَد رَوَى الإمام موسى بن جعفر ( عليه السَّلام ) أنَّهُ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَطَافُوا 11 بِرَجُلٍ . فَقَالَ : " مَا هَذَا ؟ فَقِيلَ : عَلَّامَةٌ . فَقَالَ : " وَ مَا الْعَلَّامَةُ " ؟ فَقَالُوا لَهُ : أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ وَ وَقَائِعِهَا وَ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ وَ الْأَشْعَارِ الْعَرَبِيَّةِ . قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه وآله ) : " ذَاكَ عِلْمٌ لَا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهُ ، وَ لَا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَهُ " . ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه وآله ) : " إِنَّمَا الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ : آيَةٌ مُحْكَمَةٌ ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ ، وَ مَا خَلَاهُنَّ فَهُوَ فَضْلٌ " 12 . و عليه فينبغي للإنسان المؤمن أن يغتنم ما تُتاح له من فرص التعرُّف على العلماء و المفكرين أحسن إغتنام لطرح سؤال من شأنه أن يُساهم في تنمية معلوماته و زيادة علمه أو يُساهم في نشر الثقافة الإسلامية و يحلَّ مشكلة من مشاكل عصرنا الحاضر ، خاصة و أن الأمة الإسلامية تواجه اليوم تحديات كبيرة و هجمات شرسة من قبل الأعداء ـ لم يسبق لها مثيل ـ تستهدف أصول عقيدته و فروعها ، كما و تستهدف كل ما تبقى له من قيم دينية و أخلاق نبيلة و صفات إنسانية رفيعة . و هنا لا بُدَّ لنا أن نُذكِّر الذين ينظِّمون المسابقات العلمية أو الدينية أو الإجتماعية سواءً في البرامج التلفزيونية أو المدارس أو المؤسسات الدينية أخذ ما أشرنا إليه بعين الإعتبار ، و نطلب منهم التأمل في ما يطرحونه من أسئلة خشية أن تضييع أوقاتهم و أوقات الناشئين و الشباب و كذلك عامة الناس جراء طرح أسئلة قليلة الفائدة أو عديمتها ، و إستبدالها بما في خير الأمة و صلاحها و لهم الأجر و الثواب .

1