منذ سنتين

ما هو حديث المنزلة ؟


حديث المَنْزِلَة هو قول رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " و قد أدلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الحديث المذكور في المناسبات التالية : 1. يوم المؤاخاة 1 . 2. يوم بدر . 3. يوم فتح خيبر . 4. غزوة تبوك 2 . 5. يوم المباهلة . 6. حجة الوداع . 7. يوم غدير خم . القائلين بتواتر حديث المَنْزِلة : قال بتواتر هذا الحديث عدد من العلماء منهم : 1. شمس الدين الشافعي : أبو الخير شمس الدين محمد بن محمد الجزري الشافعي المتوفى سنة : 833 هجرية في كتابه " أسنى المطالب " 3 . 2. التبريزي : محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي في كتابه " مشكاة المصابيح " 4 . 3. السيوطي : جلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في كتابه " قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة " 5 . 4. المنصور بالله : الحسين بن أمير المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد المتوفى سنة : 1050 هجرية في كتابه " هداية العقول إلى غاية السؤول في علم الأصول " 6 . من رَوى الحديث من المُحدثين : إن الذين رووا حديث المنْزِلة و ذكروه في كتبهم يتجاوز عددهم الخمسين نذكر منهم على حسب المثال ما يلي : 1. البخاري : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المتوفى سنة : 256 ، في كتابه صحيح البخاري : حدثنا شعبة عن سعد قال : سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه قال : قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " 7 . و أخرجه أيضا في موضع آخر من صحيحه : عن مصعب بن سعد عن أبيه أن رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) خرج إلى تبوك و استخلف عليا ، فقال : " أتخلفني في الصبيان و النساء ؟ " قال : " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا ليس نبي بعدي " 8 . 2. الترمذي : أبو عيسى محمد بن سورة المتوفى سنة : 279 ، عن جابر بن عبد الله ، أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) قال لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " . قال : و روي عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص : أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) قال لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " 9 . 3. مسلم : أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ، المتوفى سنة : 261 هجرية ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " 10 . و أخرج الحديث بصيغ أخرى و من طرق عديدة . 4. الخوارزمي : الموفق بن أحمد بن محمد المكي المتوفى سنة : 568 هجرية ، بالإسناد إلى زيد بن أبي أوفى ، قال : لما آخى رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) بين أصحابه ، قال علي : " لقد ذهب روحي و أنقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإذا كان هذا من سخط عَليَّ فلك العتبى و الكرامة ، فقال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : " و الذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، و أنت أخي و وارثي " قال و ما أرث منك يا نبي الله ؟ قال : " ما ورثه الأنبياء من قبلي " قال : و ما هو ؟ قال : " كتاب ربهم و سنة نبيهم " 1 . 5. الحاكم الحسكاني : عبيد الله بن عبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني من أعلام القرن الخامس الهجري ، عن مجاهد في قوله تعالى : { يا أيها الذين أمنوا } يعني صدقوا بالتوحيد { أطيعوا الله } يعني في فرائضه { وأطيعوا الرسول } يعني في سنته { وأولي الأمر منكم } 11 قال : نزلت في أمير المؤمنين حين خلّفه رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) بالمدينة ، فقال : أتخلفني على النساء و الصبيان ؟ فقال : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال له : ﴿ ... اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ... ﴾ 12 " 13 . 6. أحمد بن حنبل : أبو عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني ، المتوفى سنة : 241 هجرية ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " 14 . و أيضا : عن أسماء بنت عميس أن رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) قال لعلي : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " 15 . و أيضا عن ابن عباس قال : قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا و أنت خليفتي " 16 . نقاط ذات أهمية : ثم إن الباحث المُنْصف لا تخفى عليه صراحة هذا الحديث في تبيين الأمور التالية : 1. منزلة علي بن أبي طالب المتميزة . 2. أهليته لخلافة الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) . 3. التصريح بأن منزلة الخلافة النبوية باستثناء النبوة قد مُنحت لعلي ( عليه السَّلام ) و مما يلقي الضوء على هذا المعنى ما أورده أحمد بن حنبل في مسنده : عن ابن عباس قال : قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا و أنت خليفتي " 16 . 4. التصريح بعمومية المنازل الثابتة لهارون لعلي ( عليه السَّلام ) في هذا الحديث ، و هذا ما يؤكد عليه الفهم العرفي و اللغوي ، فلا يصح إعطاؤه مضمونا محدودا ، فالاستعمالات العربية و اللغوية تأبى التخصيص في مثل هذه التعبيرات و الصيغ . و على كل حال فان هذا الحديث يفيد أن جميع المراتب و المنازل الثابته لهارون المذكورة في الآيات القرآنية التالية : قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ 17 . و قال سبحانه و تعالى عن لسان موسى ( عليه السَّلام ) : ﴿ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ 18 . أثبتها النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) لعلي ( عليه السَّلام ) ما عدا النبوة التي كان يتحلى بها هارون و لكن النبي نفاها من علي لكون رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) خاتم الأنبياء و آخر المرسلين ، و لهذا سمي هذا الحديث بحديث عموم المنزلة ، لأن منزلة الأخوة و الوزارة و الشركة في أمر الرسالة و التبليغ و الدعوة و الخلافة في القوم التي كانت لهارون ، أُثبتت عامة لعلي ( عليه السَّلام ) في هذا الحديث .