البصيرة هي البينة التي يهتدي الانسان بسببها و هي آلة التمييز بين الحق و الباطل و جمعها "بصائر" قال الله عزوجل: ﴿ هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ 1 .
و البصيرة نور في قلب الانسان المؤمن و رؤية ثاقبة و نافذة تصل الى بواطن الأمور و حقائقها و لا تتوقف عند الظواهر التي قد لا تعكس الحقائق و البواطن، بل قد تكون الظواهر مخالفة تماماً للبواطن و الحقائق، فكم من الناس من له المقدرة على رؤية الأشياء بشكلها الظاهري و ألوانها الظاهرية لكنهم لا يهتدون الى حقيقتها الباطنية كما لا يتمكنون من تشخيص خواص هذه الأشياء و تأثيراتها الإيجابية أو السلبية أبداً لأنهم يفتقدون الآليات التي تمكنهم من ذلك.
و قد رُويَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قال: "إِنَّ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عليه السلام: إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ، مَا أَلْيَنَ مَسَّهَا وَ فِي جَوْفِهَا السَّمُّ النَّاقِعُ، يَحْذَرُهَا الرَّجُلُ الْعَاقِلُ وَ يَهْوِي إِلَيْهَا الصَّبِيُّ الْجَاهِلُ" 2 .
و البصيرة موهبة إلاهيّة و مَلَكَةٌ تحصل لدى الانسان البصير بفعل معنوى و توفيق رباني، و رغم تسمية الانسان الذي يتمتع بقدرة الابصار بصيراً إلا أن البصير هو من يتمتع بالبصيرة، و البصيرة مرتبة أعلى من الابصار بالعين، لذا نجد الامام أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "ذَهَابُ الْبَصَرِ خَيْرٌ مِنْ عَمَى الْبَصِيرَةِ" 3 .
و قال أمير المؤمنين: "فَقْدُ الْبَصَرِ أَهْوَنُ مِنْ فِقْدَانِ الْبَصِيرَةِ" 4 .
و قال أمير المؤمنين: "نَظَرُ الْبَصَرِ لَا يُجْدِي إِذَا عَمِيَتِ الْبَصِيرَةُ" 5 .