قال العلامة الطريحي: "المُعْجِز: الأمر الخارق للعادة، المطابق للدَّعوى، المقْرون بالتحدِّي، و قد ذكر المسلمون للنبي (صلى الله عليه و آله) ألف معجزة منها القرآن 1 .
محتويات
المعجزة في القرآن الكريم
ما هي فلسفة معاجز الأنبياء ؟
معجزة مسيلمة الكذاب
و المعجزة كما عرَّفها العلماء أيضاً: "أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، مع عدم المعارضة، مع دعوى النبوة".
و المقصود بالأمر الخارق للعادة هو ما يعجز البشر حتى النوابغ و العباقرة عن الإتيان به.
و لقد جرت السنة الإلهية على أن يكون كل نبي مبعوث من قِبَل الله عَزَّ و جَلَّ مزوداً بقدرة استثنائية و قوة خارقة للعادة يستطيع بمساعدتها و بإذن من الله أن يأتي بأمور تفوق القدرة العادية للبشر، حتى يكون ما يأتي به دليلاً على أنه مبعوث من قِبَل الله العلي القدير، و شاهداً على صدق ما يدعيه من النبوة و إخباره عن عالم الغيب، و مثبتاً لاتصاله بالسماء.
المعجزة في القرآن الكريم
يُسمي القرآن الكريم الأمور الخارقة التي يقوم بها الأنبياء بأذن من الله لإثبات صدق دعوتهم بالآيات، أي الدلائل و العلامات التي تدل على صدق النبي صاحب المعجزة لأنها علامة على أنَّهُ موصول بالقدرة الإلهية.
أما علماء الإسلام فيسمونها بالمعاجز نظراً لعجز الآخرين من أفراد البشر عن الإتيان بمثل هذه الأمور.
قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾ 2 .
و قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ 3 .
ما هي فلسفة معاجز الأنبياء ؟
تعتبر المعجزة من الشواهد المهمة التي تثبت بها صدق دعوى نبوة النبي الذي أظهر المعجزة، و هي بمثابة أوراق اعتماده و هويته التي تؤيد صدق دعواه و ارتباطه بالله تعالى، فلذلك نرى أن الأنبياء عليهم السَّلام إلى جانب ما أقاموه من الدلائل و البراهين العقلية على صدق دعواهم، فقد اظهروا معاجز تؤكد صدق ادعائهم و لا تدع مجالا للشك في حقانية نبوتهم.
و يذكر القرآن الكريم أن الناس في مختلف العصور كانوا يطالبون الأنبياء بالآيات و المعجزات، و كان الأنبياء يوافقون على طلبهم هذا، ذلك لأنهم كانوا يرونه طلباً منطقياً و معقولاً و صادراً عن روح التحقيق و البحث، و بالإضافة إلى ذلك فان الناس لم يكن لديهم وسيلة أخرى لمعرفة نبوة الأنبياء و الاطمئنان بصحتها.
و الجدير بالذكر أن الأنبياء كانوا يستنكفون عن إظهار الآيات أو المعجزات عندما كان الطلب الموجه لهم من أناس استغلاليين، فكانوا يمتنعون من تلبية طلب الذين يحاولون استغلال معاجز الأنبياء و جعلها وسيلة للوصول إلى مآربهم الدنيوية الرخيصة، مثل طلبهم بان يأتي لهم النبي بجبل من ذهب لتتكون لديهم ثروة عظيمة بشكل مفاجئ، أو الذين كانوا يجعلون تحقق مطالبهم شرطاً لقبولهم دعوة النبي.
معجزة مسيلمة الكذاب
و من طريف من ذكره التاريخ أن مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه و آله ) أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ بِصَبِيٍّ لَهَا تَرْجُو بَرَكَتَهُ بِأَنْ يَمَسَّهُ وَ يَدْعُوَ لَهُ ، وَ كَانَ بِرَأْسِهِ عَاهَةٌ ، فَرَحِمَهَا وَ الرَّحْمَةُ صِفَتُهُ ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ فَاسْتَوَى شَعْرُهُ ، وَ بَرَأَ دَاؤُهُ .
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الْيَمَامَةِ فَأَتَوْا مُسَيْلَمَةَ 4 بِصَبِيٍّ فَسَأَلُوهُ، فَمَسَحَ رَأْسَهُ فَصَلِعَ وَ بَقِيَ نَسْلُهُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا صُلْعاً 5 .