يحاول البعض الاستدلال لجواز أكل الطحال 1 بكونه عضو مهم و مفيد في الجسم ، و بما أنه كذلك فهو حلال يجوز أكله، حاله حال الكبد.
نقول في جواب من يقول بأن: "كل ما يفيد الانسان فهو حلال، و لأن الطحال يفيد الانسان لكونه مركز انتاج الكريات الحمر، و هي (أي الكريات الحمر) مفيدة للإنسان، فالطحال حلال".
إن هذا الاستدلال استدلال خاطئ لأمور:
إن تبيين الحلال و الحرام من مختصات الشريعة الإسلامية و ليس لأحد أن يُحلل أو يُحرم استناداً إلى بعض الاستحسانات و التصورات، و لقد بيَّنت الشريعة الإسلامية بالتفصيل الحلال و الحرام و علينا الالتزام بما جاءت به الشريعة الاسلامية حتى نكون مسلمين حقاً.
صحيح أن الطحال عضو مفيد في جسم الانسان و له فوائد كثيرة، لكن ليس معنى ذلك أن كل ما هو مفيد يجوز أكله، ذلك لأن الطحال مفيد للانسان حال كونه في مكانه المناسب كعضو مفيد و حساس يقوم بدوره و وظائفه التي أرادها الله عَزَّ و جَلَّ له، و ليس أكله من تلك الوظائف، و لو كان هذا الاستدلال صحيحاً يمكن إتخاذه قاعدة لمعرفة الحلال و الحرام لجاز أكل كل شيء مفيد موجود في جسم الإنسان، لأن الأعضاء و المواد الموجودة في الجسم كلها مفيدة و لم يخلقها الله جل جلاله عبثاً، و عليه فيجوز أكل الشعر و الظفر و شرب الدم و و، و ليس كذلك قطعاً.
الفرق بين الطحال و الكبد و كلاهما مفيدان للجسم
مَرَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِالْقَصَّابِينَ فَنَهَاهُمْ عَنْ بَيْعِ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الشَّاةِ : نَهَاهُمْ عَنْ بَيْعِ الدَّمِ، وَ الْغُدَدِ، وَ آذَانِ الْفُؤَادِ، وَ الطِّحَالِ، وَ النُّخَاعِ، وَ الْخُصَى، وَ الْقَضِيبِ .
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَصَّابِينَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا الْكَبِدُ وَ الطِّحَالُ إِلَّا سَوَاءٌ؟!
فَقَالَ لَهُ: "كَذَبْتَ يَا لُكَعُ 2 ، ائْتُونِي بِتَوْرَيْنِ 3 مِنْ مَاءٍ أُنَبِّئْكَ بِخِلَافِ مَا بَيْنَهُمَا".
فَأُتِيَ بِكَبِدٍ وَ طِحَالٍ وَ تَوْرَيْنِ مِنْ مَاءٍ.
فَقَالَ عليه السلام : "شُقُّوا الطِّحَالَ مِنْ وَسَطِهِ، وَ شُقُّوا الْكَبِدَ مِنْ وَسَطِهِ".
ثُمَّ أَمَرَ عليه السلام فَمُرِسَا 4 فِي الْمَاءِ جَمِيعاً، فَابْيَضَّتِ الْكَبِدُ وَ لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَ لَمْ يَبْيَضَّ الطِّحَالُ وَ خَرَجَ مَا فِيهِ كُلُّهُ وَ صَارَ دَماً كُلُّهُ حَتَّى بَقِيَ جِلْدُ الطِّحَالِ وَ عِرْقُهُ.
فَقَالَ لَهُ: " هَذَا خِلَافُ مَا بَيْنَهُمَا، هَذَا لَحْمٌ وَ هَذَا دَمٌ " 5 .
تحريم الطحال في وصية النبي لعلي
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله أَنَّهُ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ: "يَا عَلِيُّ، حُرِّمَ مِنَ الشَّاةِ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ:
الدَّمُ.
وَ الْمَذَاكِيرُ 6 .
وَ الْمَثَانَةُ.
وَ النُّخَاعُ 7 .
وَ الْغُدَدُ 8 .
وَ الطِّحَالُ.
وَ الْمَرَارَةُ 9 " 10 .