الصداقة المقبولة و المعترف بها إسلامياً هي الصداقة القائمة على أسس صحيحة و علاقات متكافئة، و هذه الصداقة لها حدودها و مواصفاتها، كما و أن الصديق لا بُدَّ و أن يتمتع بصفات و خُلقيات خاصة تؤهله للصداقه حتى يقع عليه الاختيار.
و عليه فمن الواضح أنه إلى جانب توفر هذه الصفات و الخلقيات في الصديق لا بُدَّ و أن يكون الصديق خالياً من بعض الصفات و المواصفات السلبية التي هي بمثابة الخطوط الحمراء في مسألة الصداقة، فلا يجوز تجاوزها أبداً.
ما هي الخطوط الحمراء في إختيار الصديق ؟
لقد بيَّنت الأحاديث الشريفة كثيراً من الصفات السلبية التي إن وُجدت في شخص ما وجب الاجتناب من مصادقته لفداحة الأضرار الناتجة عن مصادقة من فيه مثل هذه الصفات.
قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤَاخِيَنَّ كَافِراً وَ لَا يُخَالِطَنَّ فَاجِراً" 1 .
قال أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام"صُحْبَةُ الْأَشْرَارِ تَكْسِبُ الشَّرَّ كَالرِّيحِ إِذَا مَرَّتْ بِالنَّتْنِ حَمَلَتْ نَتْناً" 2 .
و قال أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام"صُحْبَةُ الْأَشْرَارِ تُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ بِالْأَخْيَارِ" 3 .
و قال أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام"إِيَّاكَ وَ مُعَاشَرَةَ الْأَشْرَارِ فَإِنَّهُمْ كَالنَّارِ مُبَاشَرَتُهُمْ تُحْرِقُ" 4 .
و عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ 5 ، عَنْ أَبِيهِ 6 عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: «قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا: "يَا بُنَيَّ، انْظُرْ خَمْسَةً فَلَا تُصَاحِبْهُمْ، وَ لَاتُحَادِثْهُمْ، وَ لَاتُرَافِقْهُمْ فِي طَرِيقٍ".
فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ، مَنْ هُمْ؟
قَالَ: "إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّرَابِ، يُقَرِّبُ لَكَ الْبَعِيدَ، وَ يُبَاعِدُ لَكَ الْقَرِيبَ.
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ بَائِعُكَ بِأُكْلَةٍ 7 أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذلِكَ.
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَخْذُلُكَ فِي مَالِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ.
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ.
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ، فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِي كِتَابِ اللَّهِ- عَزَّ وَ جَلَّ- فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾ 8 . وَ قَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ 9 .
وَ قَالَ فِي الْبَقَرَةِ: ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ 10 " 11 .
و قال الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : "إيّاك ومعاشرةَ مُتَتبِّعي عيوب الناس، فإنّه لم يَسلَم مُصاحِبُهم منهم " 12 .
و رُوِيَ عنه عليه السلام أنَّهُ قال: "إيّاك ومصاحبة أهل الفسوق؛ فإنّ الراضي بفعل قومٍ كالداخل معهم" 13 .
و من وصايا الامام أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن المجتبى عليه السلام، قوله: " يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ.
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ .
وَ إِيَّاكَ وَ مُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ وَ يُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ" 14 .