فرعون هذة الامة
من هو فرعون هذة الأمة معاوية أم أبو جهل ؟ وما هي الاحاديث الواردة في ذلك ؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا وردت عدة أحاديث تشير إلى فرعون هذة الأمة ، وهو معاوية بن أبي سفيان ومن تلك الأحاديث التي تحذر من معاوية وفتنته حديث (معاوية فرعون هذه الأمة) ومن رواياته ما رواه الخلال وغيره عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لكل أمة فرعون، وفرعون هذه الأمة معاوية بن أبي سفيان). ومنها ما رواه نصر بن مزاحم عن عبد الله بن عمر قال: (ما بين تابوت معاوية وتابوت فرعون إلا درجة، وما انخفضت تلك الدرجة إلا أنه قال: (أنا ربكم الأعلى). ومنها ما رواه الأصبهاني عن أبي ذر قال: قلت لمعاوية، أما انا فأشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن أحدنا فرعون هذه الأمة، فقال معاوية: أما أنا فلا. وغيرها من الروايات التي خصها الشيخ حسن المالكي بدراسة مهمة ذكر فيها طرق الحديث وأسانيده، وكيف تلاعب السلفيون في القديم والحديث به، ومما جاء في مقدمته قوله: (هل لهذه الأمة فرعون؟ أتت الأحاديث السنية برجلين، وردت في كل منهما أحاديث بأنه فرعون هذه الأمة، وهما أبو جهل ومعاوية، إلا أن الحديث في أبي جهل ضعيف منقطع ولا واقع له من حيث السلطة والجنود والسحرة، والحديث في معاوية صحيح الإسناد ويدعمه الواقع من حيث الملك والجنود والسحرة والاضطهاد وتفريق الأمة شيعاً.. وكان حديث معاوية متداولاً يعرفه خواص أهل العلم في الوسط السني إلا شهرته تذبل مع الزمن حتى كانت النكبة الثقافية الأخيرة في عهد المتوكل العباسي، فأضاعت كثيراً من الأحاديث والأحداث المتداولة قبلها، حتى أصبح مشهورها غريباً، فالمرحلة المتوكلية نصرت الشق الناصبي في أهل السنة وكان قليلاً إلى أبلغ حد ممكن، وكانت نتيجة هذه المرحلة المتوكلية أن قادت السلفيةُ المحدثةُ أهلَ السنة إلى الانغلاق والتقوقع والتعصب الشديد والتكفير والتصنيف، مع عمليات هائلة من العبث بالحديث من الإخفاء للأحاديث غير المرغوب فيها والبتر لها وتحريفها وتقوية ما يضادها ولو كان موضوعاً). وقال في موضع ذاكرا مدى قوته، وكيف حاول السلفية تحريفه وتجاهله: (وهو من حديث أبي ذر، وله شاهد من حديث ابن عمر من ثلاث طرق عنه، وأسانيده صحيحة في الجملة، وهي أصح من تلك التي في أبي جهل على الأقل، مع توفر الدواعي على كتم الأولى ونشر الثانية، ثم له شواهد كحديث التابوت والموت على غير الملة والدعوة إلى النار.. وكل مثالب معاوية تشهد لبعضها، كلها نفاق وبغي ونار وظلم وفرعنة.. وقد حاول بعض أهل الحديث زحلقة هذا الحديث إلى أبي جهل والسند في ذلك منقطع، وأبو جهل لا يشبه فرعون لا في سلطانه ولا سحرته! وليس له أثر في الأمة، إنما ذلك معاوية، خاصة مع صحة الأسانيد في ذلك، ويمكن للتحقق من ذلك استعراض الآيات التي تحدثت عن فرعون، ثم النظر في سيرة معاوية، وسيندهش المتدبر، ولا يمنع السلفية من التصحيح إلا ألفتهم للمألوف ووحشتهم من الغريب، مع اعترافهم بأن الحق سيعود غريباً مع غربة الإسلام نفسه، فالغربة قد تكون من معايير الصحة وليس العكس، وقد فهم النواصب هذا الحديث في معاوية، فلذلك حاول بعضهم معارضته وتشبيه علي بفرعون بدلاً من معاوية؛ كما فعل ابن تيمية . وهذه طريقة ابن تيمية، فكل الأوصاف التي عاب بها علياً في منهاج السنة إنما وجدها وتحقق أنها في معاوية، فلذلك أراد قطع الطريق على من تسول له نفسه اتهام معاوية، بتهديده بأن هذا الوصف أو ذاك أقرب إلى علي بن أبي طالب، فآذن الله بالمحاربة كمعاوية، حاربه معاوية بالسيف بدعوى دم عثمان وحاربه ابن تيمية بالقلم بدعوى السلفية، والاثنان من الدهاة، أخذ الأول أكثر الأمة في القرون الأولى، وأخذ الثاني نصف الأمة في القرون الأخيرة! فإذا كان هذا دهاء الفقيه - الذي ليس معه دولة - وهو ابن تيمية في محاربة الإمام علي، وقد أخذ نصف الأمة معه، فكيف بدهاء المنافق الذي بيده الدولة وعلمائها وقصاصها وجيوشها؟ لا بد أن يكون أثره كبيراً جداً عند أكثر الأمة ولو بمستويات متفاوتة). دمتم في رعاية الله